عبد المجيد حسن شياعشهد العالم عبر العصور المتعاقبة تحولا ت وتطورات كبيرة ومتلاحقة في أساليب الحياة المختلفة وطرق المعيشة الخاصة بها أخذت بيد المجتمعات البشرية إلى حد عاش الإنسان منذ القدم عهودا طويلة في مجتمعات ماقبل الزراعة
وانتقل بعدها إلى مجتمعات الزراعة ثم مجتمعات الصناعة التي أدت إلى تغيير أنماط حياته كلها بشكل يختلف كليا عما كان عليه ضمن المجتمعات السابقة حتى أواخر القرن العشرين ،وما إن أغلقت المجتمعات المتطورة اقتصاديا صفحة المجتمعات الصناعية حتى وفتحت صفحات جديدة لمجتمعات مابعد الصناعة ،وقد أعطيت لها تسميات عدة ،كالمجتمعات الرقمية أو الالكترونية أو كلاهما . وفي الوقت الذي اعتمدت المجتمعات الصناعية في مراحلها الأولى على الحديد والفحم والبخار ثم اعتمدت بعدها على النفط والكهرباء وكذلك على الطاقة النووية ،بعد أن كانت مجتمعات ماقبل الزراعة تعتمد الصيد كوسيلة لتامين المعيشة ،ومن ثم اعتمدت المجتمعات الزراعية على الجهد العضلي لتامين احتياجاتها المعيشية نجد إن المجتمعات الالكترونية الجديدة تعتمد أساسا على العقل البشري أولا ومن ثم على الالكترونيات الدقيقة والذكاء الاصطناعي وهندسة الذكاء الاصطناعي ..... وفي هذه البيئات الجديدة (بيئات المجتمعات الالكترونية) تشهد المجتمعات بما فيها النامية على حد سواء لتحتل مكانا أفضل في بيئات جديدة اكثر انفتاحا وتقاربا فيما بينها ،حيث تظهر عوامل جديدة للنجاح أهمها الدقة والسرعة لتلبية احتياجاتها بالإضافة إلى المرونة والقدرة على التجاوب مع متغيرات هذا العصر ،ولعل أهمها تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما أحدثته من تغييرات في مختلف جوانب الحياة . وإذا ما نظرنا الآن إلى عالم المجتمعات الالكترونية نجد انه قد اتخذ مسارا جديدا ،فهو لم يكتف بمتطلباته فقط والمتمثلة بعدة مصادر كتكنولوجيا المعلومات وغيرها ،ولكنه يسعى إلى توسع إمكانياته من خلال فهم العقل البشري في تلك المجتمعات كميزة جديدة له ،وبذلك يكون قد انتقل اهتمام التاريخ البشري من الفحم والحديد والتربة والمطر إلى العقل البشري كمجال جديد وكذلك من الأشياء إلى الأشخاص والتي تنطلق خلاياهم العصبية أسرع من غيرهم في هذا المجال . إن التطور الهائل في بناء الشبكات العالمية اليوم أدى بدوره إلى الاعتماد غلى تلك الشبكات وذلك عن طريق تناقل البيانات المختلفة في جميع الاتجاهات ،وقد تطورت طبيعة المعلومات المنقولة عبر هذه الشبكات من البيانات البسيطة إلى ملفات ( صورة وصوت)وما إلى ذلك . وعلى هذا الأساس تكون المؤسسات الالكترونية هي التي تمتلك معلومات متطورة تمكنها من مزاولة أعمالها عبر الانترنيت وفي جميع المجالات وتحمل هذه النشاطات صورا متعددة بين مؤسسات الأعمال آو بين الزبائن فيما بينهم آو بين مؤسسات الأعمال والحكومات وغيرها. ولكي تسير هذه المؤسسات على طريق النجاح فان هذه المجتمعات توفر لها جميع المقومات الأساسية لنجاحها والتي تتمثل في : ( بيئة معلوماتية متطورة ،وبيئة عمل جيدة ،وكذلك بيئة قانونية وتنظيمية)،أما البيئة المعلوماتية المتطورة ،فبسبب تطبيق التقنيات الحديثة في عمل تلك المؤسسات فلا بد من أن تتوافر لها بيئة معلوماتية متطورة مبنية على شبكة اتصالات متطورة على مستوى الهواتف المحمولة والثابتة والتي تساعد على تيسير نقل البيانات بسرعة كبيرة وسهولة فائقة ،ويجب أن تكون بيئات العمل والتي تعمل في ظلها تلك المؤسسات بيئات صالحة لاستخدام التطبيقات الالكترونية كافة . إن المؤسسات الالكترونية تستخدم أهدافاً عديدة في علاقاتها مع كافة المواطنين وكذلك مع مؤسسات المجتمع الأخرى ومنها تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وفي مختلف المجالات ،وكذلك تحقيق شكل أفضل في التعامل مع المؤسسات الأخرى . وإذا ما علمنا بان المؤسسات الحكومية في المجتمعات الالكترونية هي نفسها التي تذهب للمواطن أينما كان ومتى ماكان لانجاز معاملاته ،وليس العكس كما في المجتمعات التقليدية فإننا ندرك أهمية خصائص تلك المجتمعات وعلى كافة المجالات المختلفة لها .
المجتمعات الالكترونية واعتمادها على العقول البشرية
نشر في: 26 فبراير, 2010: 04:30 م