عبر عقود خلت ظل العراقيون لا يعرفون السياحة خارج وطنهم، بل كان العراق ذات يوم فرصة سياحية لكثير من العرب والاجانب- لا نقصد هنا السياحة الدينية، فهي قائمة منذ أزمنة سحيقة- وبين عشية وضحاها صار العراقي اليوم يتصدر قائمة العرب السائحين في العالم، فما أن تعلن دولة عن قبولها للسائح العراقي، حتى تجده عند بوابة سفارتها وفي مطاراتها، وهو باذل بحق، يحب المناخات الباردة والاجواء المعتدلة والتعرف على الامكنة السياحية ويحب الصداقة والتنزه والتمتع بما في يد الطبيعة من جمال وما عند النساء من سهر ولهو وما على الطاولات من طعوم ومشارب، هكذا، وإلا ما معنى السياحة؟
الانشطة السياحية مجتمعة ومن خلال مئات المكاتب والوسطاء المنتشرين في عموم البلاد وما ينشره هؤلاء من إعلانات في الصحف ومحطات الراديو وصفحات التواصل ترشدنا الى نمو قطاع مهم، لكنها تقودنا الى القول بأن مديريات السياحة غائبة تماما عن ذلك، هي خارج الحدث، أو أنها اكتفت بالسياحة الدينية، فهي لا تجلب الغم والهم لموظفيها، وقد نلتمس العذر لها في موطن ما، إذ البلاد أسيرة شباك التدين والناس في اتون الحرب مع داعش والحكومات متورطة في الفساد، لذا سنؤجل الخوض في ذلك حتى وقت آخر، قد يطول، ولنتحدث عن أحوال السائح العراقي هناك، عن ما يمكن نقله من البلاد تلك الى عراقنا الذي كان ؟
بعيدا عن سفر الأسر(الزوج والزوجة والاطفال) التي تنشط في العطلة الصيفية من خلال الكروبات السياحية، وهذا جانب جميل آخر دخل الحياة العراقية مؤخراً، نريد أن نرصد حاجة السفر عند العراقي بعامة، أو عند سكان المدن المغلقة دينيا واجتماعياً وثقافيا في الوسط والجنوب بخاصة، ونقول: لماذا يسافر هؤلاء ؟ والى أين يذهبون، وما المتع التي يبحثون عنها، وهل هناك رغبة فعلية أخرى تتقدم رغبتهم في مصادقة النساء والشرب والسهر؟ بحدود ما نشاهده ونسمعه ونلمسه عن قرب، فأن المرأة وتناول المشروبات تتقدم كل رغبة عندهم !! العراقي كائن حسي بامتياز، وهو مقبل على متع الجسد، محبٌّ للذائذ، ولديه طبيعة أنكيدوية عارمة، لكنه إذا ما استوفى تمتعه بهذه فسينصرف الى معاينة الطبيعة والمتاحف والأماكن الأثرية وغيرها. ألا تستحق هذه تأملاً من قبل الباحثين والمستشارين في الحكومة العراقية، من غير الاسلاميين بكل تأكيد، فهؤلاء مغلقون بطبيعتهم.؟
هل فكرت السلطات والجهات ذات العلاقة بحجم الأموال التي ينفقها هؤلاء هناك؟ أما كان بالامكان استثمار الأموال هذه في الداخل العراقي، ثم ألا ترى السلطات بان إنغلاق المجتمع وتزمته وتشدده أنتج انسانا مأزوماً في علاقاته مع المرأة تحديدا، انساناً لا يفهم من وجود المرأة في حياته سوى جسدها بوصفه بضاعة لليل؟ أما آن لها أن تولي حاجته ووجوده وعلاقته بها بعيداً عن كونها مفرغة لرغباته الجسدية؟
ما المانع من قولنا : إن من يتصدى للحكم في العراق اليوم هم جماعة يعيشون خارج الزمن، يقبعون بدهاليز الماضي، باطن حياتهم يختلف عن ظاهرها، منحوا أنفسهم الحق في النهب والقتل والفساد وحجبوا عن مواطنيهم أسباب العيش الكريم الآمن المتحضر.
لماذا يسافر العراقي ؟
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2017: 09:01 م