قد يسخر الناس من تناول قضايا تتعلق بحقٍّ مهضومٍ لمواطن أو أي جهة لا علاقة لها بالدولة أو الطغمة الحاكمة. وتزداد السخرية لتتخذ طابع استهزاءٍ ، إذا ما تبيّن أنّ الحقّ المهضوم لا يعدو عن كونه يتناول مجرّد تعدٍّ على عقارٍ لا تتجاوز قيمته بضعة ملايين من الدولارات ، أو رشىً لا تتعدى قيمتها بضعة آلاف من الدنانير !
مبعثُ السخرية والاستهزاء يرتبط بتحول الفساد والرشى والتعديات إلى ظاهرةٍ لم تعد تثير استغراباً أو استهجاناً ولا تشكّل تجريماً أو حتى اتهاماً لمن يواصل نهب المال العام جهاراً نهاراً، ولا تُعدُّ جناية حتى في حالة الاعتراف أمام الملأ ومن خلال شاشات التلفزيون، مقترناً بتحدٍّ لمن يجرؤ على الملاحقة!
"المدى" ظلّت، وهي تجترّ " أوهامها "، تُمنّي النفس بأنّ يقظة مفاجئة يمكن أن تستنهض الدولة " المستنامة " فتمتدّ يد عدالتها المخدّرة لتختطف من أوكار الفساد والجريمة المنظمة "بعضاً " من صبيان الفساد الذين باتوا معروفين لدى العامة قبل الخاصة، دون الاقتراب من "عتاوي " الفساد أسياد هؤلاء الصبيان وأبناء عمومتهم وأنسبائهم وذوي القربى منهم .!
وظلت "المدى" أيضاً مُغيَّبة عن الوعي إذ تلاحق ظواهر الفساد في الدولة وتفضح ملفات البنوك والمصارف وأصهارها في زوايا الدولة التي لم تعد مُعتمة، حتى أنّ مقرّبين باتوا هم أيضاً يسخرون منها، إذ لا تكلّ ولا تملّ من الحديث عن ظواهر بات الكلام عنها كما لو انه فاقد الصلاحية بحكم تقادم الزمن ، فقد تكرّست الظاهرة في الوعي العام وصارت تبدو ممارسة لا غبار عليها ، وأصحابها هم الأعلونَ في المجتمع والدولة ..
آخر ملفٍّ تسقّطته "المدى" وأكله النسيان ، تناول ظاهرة البنوك والمصارف المتّهمة بالسطو "الشرعي" على مال الشعب من خلال نافذة بيع العملة في البنك المركزي، وغسل الأموال وتهريب العملة .! ولإزاحة الشك عن " لفلفتها " بحكم النسيان ربما يمكن الاستدلال عليه في أنّ رمز هذه الظاهرة "أبو المصارف النهّابة " صار له فرعٌ يفقأ العين في مطار بغداد!
في المقابل ثمّة رسالة شكوى من بنك يبدو أنّ القيّمين عليه يعيشون في عالم آخر ، إذ ينأون بأنفسهم عن اللجوء الى " أداة العمل" الوحيدة المحترمة في الدولة المنهوبة وأجهزتها.
الشكوى تحمل الغرابة ، وتثير قدراً من السخرية المريرة ، فهذا البنك اشترى عقاراً في البصرة ليبني عليه فرعاً فارهاً يضفي على المدينة بعض ما تفتقده من رونق. لكن المفاجأة أن تحتلّ شرطة مكافحة الشغب العقار وتستخدمه كراجاً وترفض إخلاءه ، ولم تنفع معها المناشدات والتوجّه إلى إدارتها بالمظلمة!
الشكوى تستريح الآن على مكتب وزير الداخلية الذي يُقال الكثير عن رفضه التجاوز على حقوق الآخرين..!
مكافحةُ الشغب إذ تُصبِحُ خصماً ..!
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2017: 03:49 م