الرئيسية > أعمدة واراء > لعلَّ في البراءة المتأخِّرة من السوداني ما يُحفِّز ....!

لعلَّ في البراءة المتأخِّرة من السوداني ما يُحفِّز ....!

نشر في: 10 سبتمبر, 2017: 06:31 م

"أنْ يأتي أخيراً، خَيْرٌ مِن أنْ لا يأتي أبداً ".هذا قول مأثور "مدني" يُقال للدلالة على أكثر من حدثٍ  وأوسع من تمنٍّ في حالة عجزٍ من انتظار ما لا يأتي، أو يستعصي على التمنّي، كما هو الحال في ما يتمناه كلّ عراقي من انكشاف المستور عن العبث الذي لم ينقطع بموارد الدولة والمال العام المنهوب، وسوى ذلك من الانتهاكات والتعدّيات، وصولاً إلى غيبوبة الدولة وغياب النظام والتعتيم على الدستور ..!
فما نُشر حول اعتقال عبد الفلاح السوداني في مطار رفيق الحريري، بعد ثماني سنوات من هروبه خارج العراق يتماهى مع هذا القول المأثور، ويُحقِّق بعض تمنيات العراقيين الذين باتوا بلا تمنيات لكثرة ما أصابتهم الخيبات .
وليس مهمّاً، إذا صحّت واقعة الاعتقال وانتهت بالمعتقَل إلى المثول أمام  القضاء العراقي، أن يتنصّل حزب الدعوة الإسلامية من انتمائه إلى عضويته، والحال أنّ " الدعوة " بات الآن مسمّىً للعديد من الاحزاب المنشطرة عن الحزب الأُم ، مع أنّ دولة القانون الذي يتزعمه أمين عام الحزب لم يُعلن موقفاً أو يؤشّر لمسؤولية الحزب أو الجهة التي تبنّته، رغم أنه استوزر في حكومة الجعفري ثم في حكومة المالكي الأولى، وكان الأقرب إليه .
ومن المؤكد أنّ كل عراقي، بغضّ النظر عن انتمائه أو ولاءاته، إذا كان مشدوداً إلى مصالح العراق العليا وليس إلى ضيق الأُفق الحزبي أو المصالح الفئوية والطائفية والشخصية، سيستقبل بالتقييم الإيجابي أيّ خطوة من جانب الأحزاب الحاكمة لكشف المتورطين بالفساد والجريمة المنظمة وما ارتُكب من كبائر في تمكين داعش من اغتصاب الموصل وثلث العراق، وما أدى إلى تصفية أبرياء وشهداء سبايكر، وما انتهى إلى تبديد ثروات البلاد وأسلحته وأعتدته، واستشهاد الآلاف من خيرة أفراد ومنتسبي القوات المسلحة والمتطوعين الوطنيين ..
إنّ خشية الأحزاب الحاكمة  على رصيدها " الوطني" وضمور شعبيتها وتراجع نفوذها في الانتخابات المقبلة، إذا هي ما أقدمت على فتح ملفّات الفساد والانتهاكات، هي محض وهمٍ وخطأ فادح ، لأنّ العكس هو الصحيح ، فمثل هذه الخطوة ستعزِّز ثقة الوطنيين العراقيين بكلّ حزب أو كتلة أو تيّارٍ أو شخصية مستقلة، وتفتح باباً واسعاً لإعادة الاصطفاف السياسي، وموازين القوى في العملية السياسية المتعثرة لصالحها .
وقد يتساءل العراقي، وهو يواجه كلّ التحديات التي تُنذر بمخاطر وتداعيات: إلى متى يظل السيد رئيس الوزراء ملتزماً الصمت إزاء إخفاء ملفّات التحقيقات حول تسليم الموصل والحواضر الأخرى، وسبايكر، وتبديد مليارات الدولارات في الأدراج المُغبرَّة لمجلس النواب؟  ومتى يتحوّل جهاز الادّعاء العام العراقي إلى الأداة الوطنية للعراق المُبتلى فيتولّى هو دون خشيةٍ أو قلقٍ من عواقب، تسليط الضوء على الملفّات المذكورة ويستعين بالدستور لمساءلة مجلس النواب ورئاسته حول تسترهما عليها وعلى غيرها من القضايا الناقصة ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حكمة اقبال

    لا يمكن توقع أي خير من الاحزاب الحاكمة ولا رئيس الوزراء ولا الإدعاء العام .

يحدث الآن

تقلبات جوية متسارعة في العراق ابتداء من الليلة

النزاهة: إعادة أكثر من مليار و300 مليون دينار إلى خزينة الدولار

بعد 80 عاماً على تواجده الأول.. البنك العربي يعود إلى بغداد

جهاز مكافحة الإرهاب يعلن القبض على "والي الأنبار"

السجن 15 عاماً لأبرز متظاهري تشرين في ذي قار بتهمة القتل

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

العمود الثامن: في ذكرى غاندي

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

 علي حسين ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتابا بعنوان "الجمهورية" تاركا المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي...
علي حسين

قناديل: مقالةٌ عن المقالة !!

 لطفية الدليمي لِما يزيدُ عن الخمس عشرة سنة وأنا مواظبةٌ على كتابة مقالة أسبوعية في (المدى). اليوم سأروي بعضاً من مسرّات وشجون كتابة المقالة. حتى عام 2009 كنتُ أكتبُ مقالاتٍ متفرّقة في موضوعات...
لطفية الدليمي

قناطر: أغنيةُ أبي

طالب عبد العزيز حزينٌ، لأنني ما زلتُ ألتذُّ بسماع الموسيقى القديمة، وأقرأُ الاجملَ في كتبي القديمة، وأشاهد الأفضل من الأفلام القديمة، وأتذكرُ الاحسنَ المتحضرَ من الأمكنة؛ والمدن القديمة، وحزينٌ جداً لأنَّ النظام السياسي –الديني-...
طالب عبد العزيز

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

حسن الجنابي انتقل القاضي الدولي كريم خان في عام 2021 الى منصب رفيع آخر هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وسيستمر في المنصب لمدة تسعة أعوام أي حتى عام 2030. وواضح أن الرجل...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram