الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 19
الرئيسية > أعمدة واراء > حتى لا تعود حليمة إلى عادتها القديمة ..!

حتى لا تعود حليمة إلى عادتها القديمة ..!

نشر في: 11 سبتمبر, 2017: 07:01 م

قبل وقت بعيد من انهيار الموصل، وسقوطها بين براثن داعش، تعالت أصوات وتحذيرات مُدعمة بما يؤكد أنّ داعش  وفلول البعث وعصابات الجريمة المنظمة كانت تعبث بأمن المدينة وتجوب في أرجائها بحريّة ، وتوسّع من عمليات الخطف والاغتيال والابتزاز ضد المواطنين، وأنّ شخصيات وأجهزة نافذة وقوىً محسوبة على العملية السياسية تتواطأ معها، مباشرةً أو عبر إشاعة التذمر والاستياء بين السكان حدّ اليأس من إمكانية الخلاص من التعدّيات والتجاوزات والاعتقالات الكيفية والكيدية وبثّ سموم الفتنة الطائفية والمذهبية، وهي ذات المظاهر التي سادت في المدن والحواضر والجهات التي صارت حواضن للإرهاب وسقطت في قبضتيه.
لم تنفع أصوات التحذير وظلّ رأس الحكومة يومذاك، لاعتباراتٍ وتقديرات باتت معروفة اليوم، يتجاهلها، ويستخف بها ويروِّج لادّعاءاتٍ بوجود أيدٍ خفيّةٍ تُضخِّم وقائع فردية وجُزئياتٍ سياسية، قد تكون مفتعلة بالأساس، لتمرير مخططٍ مشبوه مدعومٍ من خارج الحدود لإضعاف الحكومة وإسقاطها!
واليوم ، وبفضل وتضحيات القوات المسلحة والمتطوعين الوطنيين والبيشمركة وقيادة مُبصِرة من رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة، أمكن استعادة الموصل وأرأضٍ أخرى ظلت أسيرة داعش لسنوات، ولم يبقَ سوى القليل من الأراضي هدفاً للتحرير وستتحرر من دون أدنى شك عسكرياً.
ويظل السؤال المؤرق: هل تنتهي المواجهة مع داعش، ويمكن محاصرة ظاهرتها واجتثاث جذورها من دون تأمين مناخٍ سياسيٍّ وفكريِّ وتدابير ترتقي إلى مصاف مصالحة مجتمعية وطنية شاملة، بلا معجون المحبّة ومساحيقها...؟
قد يُثير الجوابُ الصريح على هذا التساؤل مزيجاً من المرارة، وبعضَ استنكارٍ من معسكرين متنافرين،  معسكر النفاق السياسي المُحتَقِن برهاب الطائفية والتشكيك بكلّ تساؤلٍ مشروعٍ يرى المخاطر مُحدِقَة، ويحذّر من عواقبها ويدعو إلى مواجهتها قبل فوات الأوان، ومعسكرٍ لا يرى في المعركة غير جانبها العسكري والأمني، وتظل أُذناه مفتوحتين على صوتٍ واحدٍ تُخدّره أهازيج الانتصار وهتافات الفتح المُبين، وكأنّ في سمعه وقراً لا يلتقط غيرها.
أصوات مخلصة، ملتاعة باتت ترتفع في الموصل تحذّر من عودة ذات المظاهر من التعديات والاختطافات والاعتقالات الكيدية، والتواطؤات مع عناصر داعش لـ " تُفلتهم" من المعتقلات مقابل رشىً .
أصوات وطنية لا شُبهات حول مقاصدها ودوافعها تؤكد وجود مخابئ وحواضن للدواعش في المدينة، يعرِفُ مواقعها ومكامنها مواطنون يخشون من الإدلاء بمعلوماتٍ عنها خوفاً من الانتقام والملاحقة "المزدوجة".
أصوات تؤكد أنّ وقائع الاستهداف الطائفي، أصبحت ملموسة، وهي تقترن بالاستنفاع منها، وأنّ اوساطاً غير قليلة باتت تتلمّس خطر الدواعش وهي تتحرك في المدينة، وتحاول استعادة حواضنها ليس بمعزلٍ عن تواطؤاتٍ من قوىً عشائرية وأمنية وبعض الأفراد من العسكريين . أصوات لاتختفي وراء أسماء وهمية، بل تُجاهر بموقفها وتؤكد تحذيرها علناً عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي .
فهل هذا نذيرٌ بـ "عودة حليمة إلى عادتها القديمة..؟!"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سمير طبلة

    تساؤل مشروع، بل مسؤول! فهل يسمعون؟ مع الود لكاتبه.

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

 علي حسين في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد...
علي حسين

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش

(50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين فذيفتين

زهير الجزائري (1) يوم ١٣ نيسان ١٩٧٥ بدأت الحرب من مجزرةً (عين الرمانة). كنّا في طريقنا إلى الجنوب اللبناني حين انقطع بثّ الراديو بين إعلان عن مسحوق الغسيل المفضل لدى النساء العصريات و سيكارة...
زهير الجزائري

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين

محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram