TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > 40 ترليون دينار... نفايات !

40 ترليون دينار... نفايات !

نشر في: 12 سبتمبر, 2017: 04:59 م

 

adnan.h@almadapaper.net

تنكبُّ لجنة حكومية الآن على إعداد موازنة العام المقبل، تمهيداً لعرضها على مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي. رئيس الحكومة، بحسب ما أعلن مكتبه الإعلامي، مهتمّ على نحو خاص بخفض التكاليف البيروقراطية وبدعم النشاطات الإنتاجية للدولة في المقابل.
بالتأكيد ستتضمن الموازنة الجديدة موارد خارجية ( قروض) بسبب عدم قدرة الموارد الداخلية على الوفاء بالمتطلبات الكبيرة للموازنة. موازنة العام الحالي كانت بعجز مقداره 21 ترليون دينار (18 مليار دولار أميركي)، وكانت القروض أحد الأبواب الرئيسة المُقترحة لسدّ هذا العجز. القروض من الهيئات المالية الدولية ومن الحكومات الأخرى تشكّل النسبة الأكبر من كمية الأموال المقترضة، وهذه بالطبع لا تخلو من شروط سياسية.
حتى الآن فشلت الحكومات المتعاقبة في استثمار مصدر محلّي كبير للتمويل، هو الأموال المُكتنزة لدى الناس. المُقدّر حالياً أن نحو 40 ترليون دينار (حوالي 35 مليار دولار) مُخبّأة في البيوت ومحالّ العمل، أي مُعطّلة عن الاستثمار، كما لو أنها جزء من النفايات التي تضجّ بها شوارع مدننا ودرابينها وساحاتها.
عدا عن الوضع الأمني غير المستقرّ وعدم الثقة بالنظام السياسي، فإن من العوامل الرئيسة في بقاء هذه الكتلة المالية الكبيرة خارج نطاق الاستثمار، تخلّف النظام المصرفي لدينا وعدم الثقة به. من المُفترض أن يكون كامل هذه الكتلة مُدّخراً في البنوك، الحكومية والخاصة، كيما يساهم مساهمة نشطة في الدورة الاقتصادية.
برغم ما يُطلق على نحو متكرّر سنوياً من وعود خلّابة وكلام جميل من مسؤولي الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي والمصارف الحكومية، عن العزم على تحديث النظام المصرفي وتطويره، فإننا دائماً نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
البنك المركزي وزّع منذ يومين تصريحاً لمحافظه بشأن الأموال المُكتنزة لدى الناس، أكد فيه أنّ البنك "لديه مخطّط لحلّ هذا الموضوع عن طريق وضع الخطط والدراسات لجذب الأموال وإرفادها داخل الجهاز المصرفي".
تخلّف النظام المصرفي هو الذي يعيق وضع الاموال المُكتنزة في المصارف.. لا يوجد نظام إلكتروني يسرّع عمليات الإيداع والسحب .. كلّ دول العالم، بما فيها جيران العراق قاطبة، تتبع الآن النظام الإلكتروني في التعاملات المصرفية وغير المصرفية. في مصارفنا هناك بيروقراطية قاتلة طاردة وليست مُستقبِلة لادّخار الاموال المُكتنزة أو التعامل بها عبر المصارف. لكي تضع في حسابك المصرفي أو تسحب منه 100 ألف دينار (80 دولاراً أميركياً) تحتاج الى إضاعة ما يقارب الساعتين من وقتك (للذهاب والإياب وداخل المصرف نفسه من أجل تواقيع ربع دزينة في الأقل من الموظفين)، فيما حتى الصومال يمكنك فيه أن تدّخر أو تسحب بالبطاقة الذكية وأن تجري معاملاتك عبر التلفون المتّصل بالإنترنت.
قبل سنة (في آب من العام الماضي) أعلن محافظ البنك المركزي في ندوة أنّ البنك قد أمهل  المصارف الحكومية حتى أيلول (من العام الماضي) لتكييف أوضاعها ضمن نظام التعامل الإلكتروني، وها قد مرت سنة كاملة ولم تظهر أي علامة على أنّ مصرفاً حكومياً قد التزم بمهلة البنك المركزي!
الحكومة مدعوّة للاهتمام جدياً بهذا الأمر في إطار اهتمامها المُعلن بخفض التكاليف البيروقراطية وبدعم النشاطات الإنتاجية للدولة.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram