بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل المخرج الألماني راينر فيرنر فاسبندر (توفي عام 1982) كتب المراسل السينمائي لصحيفة الغارديان جون باترسون عن المسيرة المثيرة لهذا السينمائي على صعيد الحياة والفن. الذكرى الخامسة والثلاثون لموت راينر فيرنر فاس
بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل المخرج الألماني راينر فيرنر فاسبندر (توفي عام 1982) كتب المراسل السينمائي لصحيفة الغارديان جون باترسون عن المسيرة المثيرة لهذا السينمائي على صعيد الحياة والفن.
الذكرى الخامسة والثلاثون لموت راينر فيرنر فاسبندر هذه السنة كانت قد تنبأت قبل أسبوعين بشكل مقيت بموت مصوره الدائم الذي عانى طويلاً مايكل بولهاوس. كان عمر بولهاوس 81، وقد صاغ مهنة ثانية في هوليوود. لو عاش فاسبندر لبلغ الآن الواحدة والسبعين. وقد حقق 40 فيلماً طويلاً وعدداً من المسلسلات التلفزيونية وعدداً لا يحصى من المسرحيات والإعدادات خلال 13 سنة من سيرته، وللمرء أن يتساءل: ماذا سيصنع فاسبندر لو عاش 35 سنة أخرى؟ كان فاسبندر إيقونة عصره في السبعينات، ويشغل مكانة فنية مهمة في جمهورية ألمانيا الاتحادية، التي تلاشت الآن، وكان يتهمها بشكل دائم بعدم الاقتلاع أو الاستئصال الكلي للعناصر النازية التي تخلفت في المجتمع والسياسة والعمل.
نجاح فاسبندر كان معتمداً على نظام الإعانة الحكومية بسخاء لا يُضاهى (حصل على راتب منفصل في كل دور أداه - مخرجاً أو منتجاً أو كاتباً أو نجماً أو مصوراً أو مؤلفاً موسيقياً..الخ)، وذلك دَعمَ العمل الذي من المحتمل أنه كان ينتقد مجتمع ألمانيا الغربية، وذلك ما لا يحبه عشاق السينما التجارية. ولو أنه عاش طويلاً لرأى نهاية برامج الإعانة الحكومية تحت حكم هلموت كول، وربما سيجد نفسه تحت رحمة الضرورة التجارية.
من الأفضل الاحتفال بالصنعة التي قدمها بدلاً من تصوّر ما لم يفعله. الفكرة عن (ر.ف.فاسبندر) كونه الطفل الشرير في بيئة بادر ماينهوف، والمثلي المسيّس الذي يجدُّ في طلب المتع الحسّية، ووجود حشد من المساعدين الفقراء الجاهزين كي يبذلوا أنفسهم أمامه لتأمين أجزاء في فيلمه المقبل، ليست بعيدة عن الحقيقة؛ كان وحشاً مقدساً وقد ساق اثنين من عشاقه إلى الانتحار. كان يجسّد مقطوعته الرائعة وصورته التي تشبه صورة دوريان غراي في الوقت نفسه. كانت هناك أفلامه التي قد يصبح معدل تحقيقها أحياناً أربعة أفلام أو خمسة في السنة- تاجر الفصول الخمسة، الدموع المرة لبترا فان كانت، فوكس وأصدقاؤه، الخوف يأكل الروح وغيرها- بين عامي 1970 و1977 حين أبطأ قليلاً. هكذا كانت وفرة الإنتاج لديه إذ أنّ مجموعة كبيرة من أعماله قد أصبحت متاحة بشكل متأخر. مسلسلته الغريبة التنبؤية ذات الخيال العلمي "العالم على سلك" ظهرت في عام 2010 على شكل نسخة دي في دي. أوبراه الصابونية التي تتعلق بالطبقة العاملة "ثماني ساعات ليست يوماً" جاهزة لإعادة إصدارها على نحو وشيك، كما سيتم ترميم مسلسله العملاق الذي يستمر لمدة 15 ساعة بعنوان "ساحة الكسندر برلين". في عصرنا يمكن أن نستعمل فناناً مثيراً لامعاً بقالب فاسبندر. ومع ذلك فقد كان غير قابل للتقليد والتكرار مثل البلد والتاريخ والثقافة التي صنعته. منتهى القول: هناك فاسبندر واحد.