على طول الطريق الرابط بين العاصمة بغداد والمدن المحيطة بها، ثمة أكوام ترتفع يوماً بعد آخر من الحديد والسكراب، معروضة على الشارع العام أو في ساحة مسيّجة تعود لمتاجرين بالسكراب الذي لايعرف أين يذهب أو كيف يتم التعامل معه، وبخاصة سكراب العجلات العسكرية
على طول الطريق الرابط بين العاصمة بغداد والمدن المحيطة بها، ثمة أكوام ترتفع يوماً بعد آخر من الحديد والسكراب، معروضة على الشارع العام أو في ساحة مسيّجة تعود لمتاجرين بالسكراب الذي لايعرف أين يذهب أو كيف يتم التعامل معه، وبخاصة سكراب العجلات العسكرية أو المدنية التي تعرضت الى تفجيرات، ما يعني أن المخاطر كبيرة سواء أكانت على أهالي المنطقة أم العاملين بالسكراب، مابين جمع وبيع ونقل وصهر.
منذ الستينات من القرن الماضي، مُنع تصدير السكراب لأهميته عند إعادة صهره لإنتاج أنواع مختلفة من الصناعات الحديدية، لكن بعد 2003، أصدرت سلطة الائتلاف المؤقت قراراً يسمح بتصديره وبيعه، حيث عدّ المختص بالشأن الصناعي يوسف مزهر، أن هذه العملية تكلّف البلد الكثير من الأموال. مبيناً، فبالإمكان الاستفادة من هذا السكراب في اعادة صهره ودخوله في صناعات عدّة. مشدداً، على ضرورة منع تصديره وحصر التعامل به بوزارة الصناعة وأهل الشأن الصناعي الإنتاجي.
علاء هادي صاحب محل لتقطيع وبيع السكراب وجمعه، بيّن أن لديه عدداً من العمّال يجوبون المناطق السكنية. موضحاً، انهم يشترون هياكل المكيفات والمولدات والمبردات وأشياء أخرى. لافتاً الى أنه، يقوم بجمعها وإعادة فرزها وبيعها لتجار... وعن هؤلاء التجار وعملهم، ذكر هادي، اغلبهم يقوم بتصدير هذا السكراب بطريقة أو بأخرى. ومنهم من يعيد صهره أو تقطيعه بشكل آخر ثم بيعه لجهات مجهولة.
علاء يعرف جيداً، أين يذهب الحديد، وكيف يهرّب، لكنه حاول تجنب ذلك لأسباب عدّة، ذلك لأن أحد العمال الذي يقوم بإفراغ حمولة من سيارة نوع كيا 2 طن، أشار الى أن كل هذا السكراب سيدخل في مصانع دول الجوار، ويعود كبضائع شتى أغلبها غير صالحة للاستهلاك. مؤكداً، أن دور الجهات الرقابية غائبة بهذا الشأن وإن وجد فهو ضعيف وفاسد..
فيما بيّن البيئي عبد الحسن السعد، أن بقاء هذه الكميات الكبيرة من السكراب بالشكل الذي هو عليه الآن دون اجراء الفحص الإشعاعي أمر خطر. منوهاً الى اهمية تحديد الصالح منها للصهر وإعادة صناعته. مشدداً على ضرورة جرد كل كمية السكراب، وعزل كل نوع منه على حدا، مثل سكراب العجلات العسكرية والمدنية، التي احترقت في التفجيرات، والبقية لأجل معرفة المشعّة منها والضارة بيئياً.
عدم تأهيل معمل الحديد والصلب، أبقى السكراب في متناول يد العصابات والمهربين والمسؤولين الفاسدين في وزارة الصناعة، خاصة بعد جمع كميات كبيرة من الحديد، دون جرد دقيق ومراقبة لتلك الكميات، مما اتاح الفرصة امام العصابات (الحكومية) للسيطرة على تلك الكميات الهائلة من الحديد، والقيام بعملية تفكيك وعزل الالمنيوم والنحاس والتصرف بهما، كما حدث في بعض المنشآت الحكومية التابعة لوزارة الصناعة (هيئة التصنيع العسكري).
مصدر في وزارة الصناعة، سبق وأن ذكر أنه بناءً على توصيات لجنة التضمين المركزية، صادق الوزير على تضمين المديرين مبلغاً قدره 21 ملياراً و645 مليون دينار، عن فقدان سكراب حديد يقدّر بـ77398 طناً في موقع تل الطاسة في الطارمية التابع لشركة الصمود العامة للصناعات الفولاذية. وذلك بسبب تقصيرهما في الحفاظ على المال العام. وأضاف أن الوزارة عملت وفق قانون التضمين الذي أقره البرلمان رقم (31) لسنة 2015 وتعليمات وزارة المالية رقم (2) لسنة 2017 على اصدار قرار العقوبة بالتضمين على مدير الشركتين، ثم تم تقديم رؤى جديدة لرئاسة الوزارة لبيع السكراب، على أن يحسب ضمن اموال الدولة (ملكية الوزارة) لحين اكمال معمل الحديد والصلب غير المؤهل، كي تتمكن الوزارة من العودة لتجميع السكراب من الوزارات والاستفادة منه. عضو عن لجنة النزاهة النيابية، حيدر الفوادي، سبق وبيّن أن لجنته حققت في ملف فساد جديد يخص وزارة الصناعة، مبيناً أن، الوزارة باعت 700 طن من الحديد السكراب بأسعار "رمزية"، متابعاً أن ملفات فساد جديدة تخصّ وزارة الصناعة، تعمل عليها لجنة النزاهة في الوقت الحاضر.