TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الاستقواء بالغير يُقوِّض السيادة ويُضفي الشرعيّة على التدخُّل الخارجي !

الاستقواء بالغير يُقوِّض السيادة ويُضفي الشرعيّة على التدخُّل الخارجي !

نشر في: 18 سبتمبر, 2017: 06:31 م

فيما يتدافع قادة "الدولة "، كبارهم وصغارهم، من نوّاب الرئيس والبرلمانيّات المحصَّنات، والمُشتَبَه بأدوارهم، "للدفاع" عن وحدة العراق وسيادته وتأكيد شرعيّة سلطته وتحريض الحكومة على استخدام كلّ الوسائل في المواجهة مع إقليم كردستان لمنع إجراء الاستفتاء في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، تتصاعد الدعوات للدول الإقليمية والعربية والعالم أجمع لاتخاذ مواقف رادعة تُحبِط محاولة تقسيم العراق!
وبغضّ النظر عن مصداقية المنخرطين في الدفاع عن العراق الموحّد وماضي أدوارهم المشينة التي كانت وراء ما انتهت إليه البلاد من تفككٍ ورثاثة وقِلَّة حيلة، ومن تدهور مستمر في أحوال العراقيين على كلّ صعيد، فإن شعار "الوحدة" يلقى هوىً في نفوس أغلبية العراقيين، ويلامس حنينهم إلى"هويّتهم"، ويتناسون، ولو مؤقتاً، ما هم فيه من عذاب متفاقم وقهرٍ متواصل، مما يشيع الخدر في وعيهم ويُجرّدهم من اليقظة المطلوبة إزاء ما تنطوي عليه بعض الدعوات والتصريحات والممارسات التي تشكل هي في حدّ ذاتها سابقةً تتهدد السيادة الوطنية والاستقلال، وتجعل من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية قاعدة تَبني الدول المجاورة وغيرها عليها نهجها وسياساتها المستقلّة حول ما يجري في العراق وتُخوِّل نفسها حق التدخل وربما التمدد العسكري داخل الاراضي العراقية، كما هو حاصل بالنسبة للتواجد العسكري التركي في الأراضي العراقية، ولم تنفع معه الإنذارات العراقية والمطالبات في المحافل الدولية بالانسحاب. كما لم تستخدم الولايات المتحدة والتحالف الدولي نفوذها وقوّتها لإجبار تركيا على احترام السيادة العراقية.
إنّ العراق المتعدد الأعراق والمذاهب والقوميات والأديان، ما يزال يعاني من عوامل التفكك الاجتماعي وغياب الاستقرار، وهو في حالة مواجهة مسلحة لتطهير ما تبقى من المناطق التي استولى عليها داعش. وتعدديته وتنوعه لم تصبح مصدر قوة ومعافاة وطنية عبر تحقيق المصالحة الشاملة، بسبب السياسات الخاطئة، والإخفاق في ردم الهُوَّة والتصدع بين المكونات، بل إنها من الهشاشة بحيث يمكن أن تنبعث منها أزمات أكثر إضراراً وتهديداً للوحدة الوطنية.
وعلى من يُحرّض الأجنبي على التدخل المباشر في الشأن العراقي، دون أن يستثني التدخل العسكري، أن يتذكر سنوات مرحلة  "شفا الانزلاق إلى الحرب الأهلية والمواجهات الطائفية"
والتكبير في المآذن ووسائل الإعلام على امتداد الدول العربية والإسلامية التي كانت تحرّض على إنقاذ العراق من "المجوس" و"الرافضة"، وعلى تجييش "المجاهدين" للانخراط في التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا وغيرها من بؤر التوتر والصراع بالنيابة عن الغير، وتسليك الحدود لمرورهم ومفخخاتهم والدعم المالي واللوجستي الذي لم ينقطع عنهم حتى اليوم .
إنَّ دعوة الغير والاستقواء به، سهلة المنال قدر تعلقها بالكرد واستفتائهم، لأنّ مصلحة مشتركة تجمع بين الفرقاء "الأعداء المتصالحين على وليمة لا تدوم"، لكن كيف سيكون الموقف إذا ما عادت خيم المعتصمين ثانية في ظلّ نهج الانفراد وتكريس دولة دينية مذهبية  تُقصي الآخر مهما كانت هويّته الفرعية؟ وكيف يواجه التدخل التركي للدفاع عن العراقيين التركمان؟ وماذا سيكون الموقف إذا ما دعت الكنيسة الكاثوليكيّة إلى التدخّل لحماية المسيحيين؟
إنها لن تكون حين ذاك سوى .. دولة عِفَچ ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram