TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > السـيـاسة ليست كلُّها لعباً على الحبــال.. علـى المالـكـي أنْ يتذكّــر

السـيـاسة ليست كلُّها لعباً على الحبــال.. علـى المالـكـي أنْ يتذكّــر

نشر في: 22 سبتمبر, 2017: 05:56 م

نُشرِ في بعض مواقع التواصل الاجتماعي  مقتطف من مقال افتتاحي  لرئيس التحرير، فخري كريم ،كُتب ونشر في 11/12/2012 ، على أنه مكتوب الآن وذُيّل بتوقيع لا يستخدمه كريم.دفعاً لأيّ لبس ولوضع المقتطف في سياقه تعيد "المدى" نشر المقال كاملاً:
يرى الب

نُشرِ في بعض مواقع التواصل الاجتماعي  مقتطف من مقال افتتاحي  لرئيس التحرير، فخري كريم ،كُتب ونشر في 11/12/2012 ، على أنه مكتوب الآن وذُيّل بتوقيع لا يستخدمه كريم.
دفعاً لأيّ لبس ولوضع المقتطف في سياقه تعيد "المدى" نشر المقال كاملاً:

يرى البعض في السياسة انفلاتاً أخلاقياً بلا حدود، حتى أنّ هذا البعض يرى أنّ السياسة لا أخلاق لها ولا قيم. فالوسائل مهما كانت فاسدة أو معيبةً تجد تبريراً لها في ما يريد السياسي بلوغه من أهدافٍ، وهي الأخرى لا أهميّة لتوصيفها إنْ كانت لخير الآخرين أو لتطويق رقابهم واستعبادهم واستغلالهم والحطّ من أقدارهم .
لكنّ السياسة من وجهة نظر إيجابيّة إنما هي قيمٌ تستشرف الأبعاد الإنسانية وتتوق إلى التقدم والتغيير والسعي لخلق مجتمعٍ ينعم بالحرية والرخاء والكرامة وكلّ ما هو هدف نبيل.
والإمام علي رفض بإصرار أنْ يُبادل ما بدا له قيماً جُبِلَ عليها، بنصر سياسي محكوم بفساد الوسيلة على حساب المبادئ، مع إدراكه أنَّ القبول بالنصيحة وسيلة لكسر شوكة معاوية وتكريسٌ لخلافته وتجنّبٌ لمحن رأى بفراسته الإنسانية ومعرفته العميقة أنها حتميّة لا ريب فيها. رفض الإمام علي أنْ يُهادن معاوية ليبقيه والياً على الشام ولو لساعة، كما قال، ما دام في هذا البقاء معصية وتهاون في الدين!
لكنّ بعض ساستنا أو جُلّهم يرون خلاف ذلك، وهم يغوصون في مهاوي السياسة الفاسدة التي تدرّ عليهم المكاسب والمغانم، ولو على حساب ما يدّعون من تمسّكٍ بأذيال الفضيلة ونعم الإيمان والتقوى، ولو على الضدّ من مأثرة الإمام الحسين التي أصبحت بهول فاجعتها إضاءةً إنسانيةً، وهو الذي ضحّى بدنياه لصالح مَن رأى فيهم هدف التنزيل الرحيم .
ومن بعض هؤلاء السياسيين مَن استولى على إرادة شعبنا في ظرف ملتبسٍ، بالخديعة التي تجيزها السياسة الفاسدة، من وجهة نظرهم، وتَبيّن أنّهم يرون في الوسيلة مهما "وُضعت" صنفاً مقبولاً لا خشية منها، حتى وإن اقترنت بقسَمٍ على القرآن الكريم، ما دامت "الكفّارة" مجرّد إطعام عشرة يتامى أو من خلق الله الجائعين!
لقد اكتشف الناس في العراق الجديد أنّ لبوس الدين الحنيف بوجوهها الطائفية والمذهبية أصبحت تجارة وتسلّطاً، وأنّ هذه التجارة رِبىً لم يُحرّمها كتاب الله في عرفهم إذ لم ترد في منظومته القيمية، وإنها تحمي السلطان الجائر وتُعمي الأبصار عن تعدّياته وسرقاته وفساد حاشيته وبهتان ضميره، مادام يُقيم الصلاة في أوقاتها ولو على حساب مصالح الناس وأوقاتهم المدفوعة الأجر، ويؤدّي الزكاة ولو من بيت المال المستولى عليه.
ورغم الفضائح التي لا تنتهي في سير الحكومة والخروق التي يمارسها الرهط الحاكم، تجاوزاً على الدستور ومبادئه، فإن المواطنين ظلّوا متشبّثين بتفاؤل حذر من بارقة أمل وخلاصٍ مما يتربّص بهم من مخاطر وتداعيات الهوس الذي يستولي على سلاطينهم وما تنطوي عليه غريزة الغنيمة الحرام في نفوسهم التي تكاد توحي بمرضٍ نفسي تستدعي "الحجر" حماية لأمن البلاد ومصالحها العليا .
إنّ سيل التصريحات والمواقف التي يطلقها السيد المالكي كلّ يوم وعلى مدار الساعة، توحي بخُبال السياسة العامة للبلاد وتهوّر قيادتها ونزوعها نحو كلّ ما يجعل يوم الناس أفضل من غدهم، لكثرة احتمالات الانحدار بالبلاد وتدهورها. ومن بين تصريحاته الكثيرة التي تذكّرنا "دون مقارنة كاملة" بإطلالة الدكتاتور على الشاشات العراقية وفي صدر الصفحات الأولى من الصحف، وبين قادة العشائر ورجال الدين وفي كلّ المناسبات دون استثناء. ومع مرور الأيام أصبحت "الأنا" الصدّامية حاضرة في ذاكرتنا ومحبِطة لآمالنا، كما أن ترديد التمسك بالدستور والقانون وحرمة الدولة، هي الأخرى استوت مع ما بدا في أخريات أيام صدّام، تماهياً فظّاً لتوحّد الدولة بالزعيم ومختار العصر الزائف .
ويبدو أنّ المالكي يتوهّم بالقدرة على العبث بذاكرتنا نحن الشهود على ضياع البلد، بالتورّط في تسلّله إلى ولاية ثانية والخُدع التي مارسها مع الجميع ليتمّ له ما أراد، بتعهداتٍ مكتوبةٍ وشفاهيةٍ وقسمٍ وادّعاءاتٍ، ظلّ البعض منها حتى فترة قريبة، مساحة للتخدير مرّت بحسن نية على من أحسنوا إليه ودافعوا عنه وجنّبوا كرسيه المشبوه الضياع .
لكنَّ السياسة من وجهة نظرنا، ليست كما يراه هو، فالقيم التي نعتمدها في التعامل، هي مبادئ والتزامات أخلاقيّة وحفظ للمستور. لكنّ محاولة المالكي الأخيرة العبث بالنسيج الوطني والسعي لدسّ الخديعة بين المكوّنات العراقيّة، عرباً وكرداً وتركماناً وشعاع أطيافهم الأخرى استهدافاً لكسب انتخابي مبتذل، تجعل من إماطة اللثام عن بعض  نزعاته المريبة فرضاً لا ينبغي حجبه.
لقد ادّعى المالكي، وهو ينعى التحالف بين الكرد والعرب، بتفسيره المقصود بشبهته أنها كانت استهدافاً للسُنّة، وقد انتهى هذا الاستهداف، من وجهة نظره، والقصد  السياسي اليوم، بناء الدولة ووقف استباحة الدستور! ولا يختلف المالكي في أساليب الفُرقة التي يمارسها بكلّ تفاصيلها عمّا فعلته الدكتاتوريات التي تعاقبت على العراق المبتلى. وتظلّ الذاكرة السياسيّة تستعيد ما فعلته الأنظمة الجائرة بالتلاعب على القوى السياسيّة وضرب الواحدة بالأخرى، وممارسة الخديعة ومختلف أشكال الإغراء والتوعّد والإرهاب وتسليط أشباه الرجال على المشهد اليومي، ممن يجيدون فنّ استرضاء الدكتاتور وتزيين صورته وتلميع مفاسده، وهو ما يفعله المالكي وحاشيته اليوم بامتياز .
إنّ الاضطرار لكشف بعض المستور من نهج المالكي الخطير على العمليّة السياسيّة الديمقراطيّة، إنما يأتي ردّاً على دعاواه باحتضانه للسُنّة، وحمايته لما بات يسمّيه خلافاً لما ورد في الدستور "بالمناطق المختلطة"، ومجابهته لتمدُّد إقليم كردستان، وهو ما فرض على تجاوز الالتزام بحفظ المستور واسترجاع  ما قاله المالكي في لقاء جمعني به مع الرئيس، وهو لقاء من عدّة لقاءات لتبادل الرأي والتداول  في المسعى لإمرار ولايته الثانية، ويا لها من كبوةٍ لا أغفرها لنفسي، أذكره بالحرف وهو يقول موجّهاً الكلام إلى الرئيس بحضوري :
" إن على الإخوة في الإقليم أن لا يضعوا المادة ١٤٠ شرطاً في الاتفاقيات، لأنه ملزمٌ دستوريّاً ، ورغم أنف الجميع لابدّ من تطبيقه، وسأفعل كلّ المطلوب لتحقيق ذلك  في الولاية الثانية".  ثم استطرد ، وهنا "مربط الفرس" الذي لا بدّ من اعتباره الأخطر في النهج السياسي الذي يريد المالكي إمراره في ظلّ غياب الوعي لدى أوساط غير قليلة، من القادة والناس، وانعدام الجُرأة لدى قيادات وملوك طوائف: "إنني لا أرى في استعادة المناطق المستقطعة من كردستان مصلحة لناً وفرضاً علينا فحسب، بل أنا أقول صراحة وصدقاً، إنّ علينا أنْ نعمل معاً لامتداد إقليم كردستان ليضمّ محافظة نينوى.!، لأنّ هؤلاء -ويعني بهم أهل الموصل الحدباء -  هم أعداء لنا، وسيظلّون رغم كل شيء سُنّة وقومجيّة عربان، وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا! "
هكذا قال المالكي بالحرف، كاشفاً عن دخيلته باعتباره مجرّد حاكم عابث، لم يتراجع عن وجهته هذه، حتى بعد أنْ أوضح له الرئيس أنّ علينا أنْ نحفظ للإخوة السُنّة مواقعهم ودورهم في العمليّة السياسيّة، قائلاً له "ولا تنسَ أبا إسراء أننا سُنّة أيضاً".  ومن جانبي استدركت وقلت:"خليّنا في كركوك أبو إسراء" !
ومن المستور ما يفيض ..
وعسى أنْ تنفع الذكرى !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ياسين عبد الحافظ

    متاخر جدا ، وخصوصا بعد ظهور داعش!!!

  2. محمد سعيد

    لكم كل الحق حينما تقولون ان السياسة ليست كلها لعب علي الذقون عدا في العراق الذي اصبحت السياسة فيه عنصر مجهول وتنصل الساسة من مسؤوليه تحملهم اعباءها, حيث تحولت السياسة عند معظمهم اما مسار ايدلويجي ملتزم به ان كان صح او خطأ من ناحيه , او

  3. محمود سعيد

    أي حقيقة تكشف تنير مجهولاً يفيد الأجيال القادمة

  4. ابو نور

    مرحبا اعتقد ان كل المتابعين للمشهد العراقي وم آلت اليها الأمور الان هي بسبب سلوك ونوري المالكي فهو الذي أعطى ميناء عبد الله الى الكويت والسياسيين الاغبياء يسبون ويشتمون الكويت وهو المسؤل عن جريمه سبايكر ولا أحدث يدينه وهو المسؤل عن دخول داعش الى البلد بس

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram