كل ما يُعرَف يقال، باتت العبارة الأكثر انطباقاً على واقع حال رياضيي زمن التطوّر التكنولوجي الهائل الذي تشهده المنظومة الاجتماعية العالمية أو بالأدق " قرية الانترنيت الصغيرة " بعدما كانت قبل عام 2003 رسائل الفاكس والهاتف المشترك لوكالة الانباء العراقية توجز أبرز حدث في رسالة الموفد الصحفي مع بعثة المنتخب من دون تفاصيل مملّة أو اتصالات مطوّلة تُفقِد المتحدّث إدراكه بخطورة ما يُدلي به من أمور خرجَت عن حدود اختصاصه.
يتوهّم البعض أن محدّدات الصلاحيات التي يضعها اتحاد كرة القدم أو أي اتحاد آخر تقتصر على مساحات تحرّكهم بواجباتهم ومدياتها بمعناها الفني فحسب، ولا تدخل الحرية الفكرية ضِمناً، وهذا خطأ ساذِج لا نريد أن نعترف به بذريعة أنه يَنتقِص من الشخصية ويُكتِم صوتها لتغدو آلة مسيّرة، أبداً فديناميكية الأداء مع سلوك التعبير هما صنوا احترام الصلاحية الإدارية ولا يجوز الإخلال بأحدهما مهما كان حجم الضغط وغاية رد الفعل.
لابد أن نتعلّم، ولا بأس أن نستدرِك الآن أنه ليس كل ما يُعرَف يُقال، وما تحدّث به مدرب منتخب الناشئين علي هادي على أرض الحدث الآسيوي في كاتامندو النيبالية عن الظروف التي يواجهها مع لاعبيه يعد خرقاً يتحمّله مناصفة مع رئيس البعثة فالح موسى الذي تناسى واجباته على ما يبدو ورافق المنتخب للفُرجة، فالصحيح أن يتفرّغ هادي لعمله التدريبي مؤمّناً الجانب النفسي للاعبيه الصِغار بعدم تخويفهم بهواجس ومحاذير، وأن يترك كتابة تقرير مفصّل بكل المنغّصات على عاتق موسى بعد العودة الى بغداد.
كيف يسمح رئيس البعثة أن تخرج تصريحات خطيرة من المدرب يتهم فيها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أنه جامل دولة النيبال وأناط لها تنظيم تصفيات المجموعة الرابعة بسبب تولي النيبال منصب نائب رئيس لجنة المسابقات الآسيوية؟ وما دليل هادي على وجود عصابات خطف وتسليب في المدينة، هل تعرّض أحد لاعبينا أو الفرق المضيفة لذلك؟ أما مسألة صعوبة إيجاد طعام صحي للاعبي منتخبنا فإننا نُدين أنفسنا لا غيرنا، ورئيس البعثة مُلزم بتدبّر الأمر ويصطحب أحد الطباخين قبل السفر أسوة ببعثات الوطني والأولمبي والشباب، لاسيما أن الفئة العمرية تحت 16 عاماً تحتاج الى تغذية خاصة أكثر من اللاعب المتقدّم.
حريٌّ بنا ، بدلاً من أن نُعيب تجوال القردة في ملاعب النيبال كدلالة على التخلّف والفوضى وتأخّر هذا البلد تنظيمياً، أن نحرص على بديهيات العمل الإداري لأي اتحاد هاوٍ وليس محترفاً، وإذا نسي رئيس البعثة ذلك فيمكنه إخراج "فلاش ميموري" من جيبه ليستعيد كلام الدكتور حارس محمد صورةً وصوتاً ويفنّدهُ عملياً!
إن تسليط الضوء على خرق المدرب لن يُعتّم زاوية مهمة من تاريخ الكرة العراقية تُحسب لنزاهة عمله ودأبه وإصراره على غسل عار تلك الفئة العمرية الذي ظل يطارد اللعبة على مدى حقب طويلة بتهمة التزوير ولم يبق خلالها رئيس اتحاد أو عضو أو مدرب أو محلل أو إعلامي إلا ورفع يده للسماء أملاً بأن يهتدي ولي الأمر الفني لهذه الشريحة الى خيار الأعمار الصحيحة كي تستمر الاجيال الكروية مدافعة عن استحقاقات الوطن، متحمّلة العطش والجوع، وتموت حزناً إذا ما خسرت، ولا تكون مُخادعة وترتوي من كؤوس انتصارات مزيّفة!
قردة.. وعصابات!
[post-views]
نشر في: 23 سبتمبر, 2017: 03:07 م