أثارت العملية الإرهابية التي استهدفت مطعماً على إحدى الطرق الخارجية قرب مدينة الناصرية، ردود أفعال شعبية واسعة، وسط مطالبات بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من الإرهابيين الموقوفين في سجن الناصرية المركزي، وما أن تم تنفيذ قرابة 42 حكماً، لكنَّ ال
أثارت العملية الإرهابية التي استهدفت مطعماً على إحدى الطرق الخارجية قرب مدينة الناصرية، ردود أفعال شعبية واسعة، وسط مطالبات بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من الإرهابيين الموقوفين في سجن الناصرية المركزي، وما أن تم تنفيذ قرابة 42 حكماً، لكنَّ البعض من المراقبين عدّها محاولة متأخرة لتنفيذ احكام الإعدام التي يفترض أن تتم بوقت سابق، الحكومة من جانبها وعلى لسان وزير العدل قالت إن، هناك عمليات تنفيذ لأحكام الإعدام أسبوعياً.
استنزاف الجهود الأمنية
وتأتي إجراءات تنفيذ أحكام الإعدام التي شهدها سجن الناصرية مؤخراً بعد عدّة أيام من توصيات رفعتها لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، طالبت فيها رئيس الجمهورية بالمصادقة على تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الإرهابيين المودعين في سجن الناصرية، وذلك للرد على الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها محافظة ذي قار، وزارة العدل ذكرت أن 20 بالمئة من نزلاء سجن الناصرية الذي يضمّ اكثر من خمسة آلاف نزيل هم من المحكومين بالإعدام.
خلال مؤتمر صحفي مشترك حضرته (المدى) عقده وزير العدل حيدر الزاملي، في سجن الناصرية المركزي عقب تنفيذ حكم الإعدام بـ(42) مداناً بجرائم ارهابية وجنائية وحضرها عدد من أهالي ضحايا تفجيرات الناصرية وجريمة سبايكر، ذكر محافظ ذي قار يحيى الناصري، إنّ احكام الاعدام التي يجرى تنفيذها في سجن الناصرية تمثل جزءاً بسيطاً لا يتناسب مع اعداد المحكومين بالإعدام في السجن المذكور. مشيراً الى أن سجن الناصرية يضمّ اكثر من خمسة آلاف نزيل في الوقت الحاضر، وإن عدداً كبيراً منهم من المحكومين بالإعدام .لافتا الى أن، المحكومين بالاعدام طالت مدد بقائهم في سجن الناصرية، وهذا ما جعل الجهود الأمنية في محافظة ذي قار، مستنزفة في توفير الحماية للسجن ونزلائه من المجرمين الخطرين.
ويردف الناصري، أن عملية تنفيذ احكام الاعدام لو استمرت بهذه الوتيرة المتباطئة التي تعتمدها رئاسة الجمهورية بإصدار المراسيم، فإنها سوف تستغرق من خمس الى ست سنوات أخرى لتنفيذها كامل الاحكام بحق المجرمين والارهابيين الذين اصدر القضاء العراقي حكمه العادل بحقهم. مؤكداً، تضرر اهالي ذي قار والمحافظات الجنوبية من العمليات الارهابية التي شارك فيها البعض من المدانين الذين مازالوا نزلاءً في سجن الناصرية. مبيناً أن، بعض قرارات الإعدام صدرت من القضاء قبل اكثر من خمس سنوات بحق المدانين، لكنها لم تنفّذ بسبب تباطؤ صدور مراسيم التنفيذ من رئاسة الجمهورية.
إعدامات أسبوعية
من جانبه قال وزير العدل حيدر الزاملي، إن تنفيذ احكام الاعدام متواصلة في سجن الناصرية بصورة اسبوعية، حيث يتراوح تنفيذ احكام الاعدام ما بين 3 الى اربعة أحكام في الاسبوع. مشيراً الى أن، وزارة العدل نفذت يوم (24 ايلول 2017) احكام الاعدام بحق 42 مداناً بجرائم ارهابية دفعةً واحدة في سجن الناصرية المركزي، بعد استحصال الموافقات الأصولية لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم. مؤكداً تنفيذ الإعدام بحق مدانين عربيين، أحدهما سعودي وآخر أردني قبل بضعة أشهر.
وينوّه الزاملي الى أن، تنفيذ وجبة الاعدامات الاخيرة التي ضمّت 42 محكوماً بالاعدام، تتزامن مع التفجيرات الارهابية التي استهدفت مدينة الناصرية مؤخراً، وقد اردنا من خلال ذلك، أن نبيّن للناس أنّ وزارة العدل حريصة على تنفيذ احكام الاعدام ولا تتأخر عن ذلك، موضحاً أنّ، عملية الاعدام تمت تغطيتها إعلامياً للرد على من يروّجون بأن إعدامات الإرهابيين لا تتم. مبيناً أنّ، وزارة العدل ملزمةُ بتنفيذ احكام الاعدام بصورة قانونية، وإن تنفيذ الحكم ليس ردة فعلٍ وإنما جاء تطبيقاً للقانون .
ويشير وزير العدل، الى أن نزلاء سجن الناصرية المركزي، ليسوا جميعهم محكومين بالإعدام، فالسجن يضمّ نزلاء بأحكام مختلفة تبدأ من خمسة أعوام حتى السجن المؤبد والإعدام. منوهاً الى أنّ، عدد المحكومين بالإعدام في سجن الناصرية يتراوح ما بين 20 الى 15 بالمئة من اجمالي اعداد النزلاء في السجن الذي يضمّ نحو خمسة آلاف نزيل .
تأخير الإعدامات بسبب؟
وعن أسباب تأخير تنفيذ احكام الاعدام بالمدانين بالإرهاب، قال الزاملي: نحن ننفذ احكام الاعدام عندما تُطلق يد وزارة العدل بتنفيذ تلك الاحكام من خلال مرسوم جمهوري يصدر من رئاسة الجمهورية بالموافقة على تنفيذ تلك الاحكام، موضحاً إن، تنفيذ احكام الإعدام يجري في غضون 3 أيام بعد صدور المرسوم مهما كانت اعداد المحكومين بالإعدام أو الصفة التي يتصفون بها. مستبعداً: ارجاء تنفيذ احكام الاعدام بسبب دوافع سياسية، مشدداً إنّ، التنفيذ يطول المحكومين بغض النظر عن توجهاتهم السياسية أو انتمائهم القومي أو الطائفي أو جنسيتهم .
ويستطرد وزير العدل بحديثه، إن جميع الذين تم تنفيذ حكم الاعدام بحقهم مؤخراً هم من المدانين بارتكاب جرائم تتمثل بقتل منتسبي الاجهزة الامنية والاشتراك في اعمال ارهابية وعمليات القتل والخطف المقترن بجريمة قتل، فضلاً عن الانتماء الى تنظيمي القاعدة وداعش. مردفاً كلامه بالقول، إن المشكلة في تأخير تنفيذ احكام الاعدام تتمثل في تأخير صدور الموافقات النهائية من رئاسة الجمهورية بالسماح لوزارة العدل بتنفيذ تلك الاحكام. لافتاً الى أن، بعض الاحكام التي تكتسب الدرجة القطعية يجري اعادتها من قبل ديوان رئاسة الجمهورية الى مجلس القضاء، لإعادة التدقيق فيها مرة ثانية، وكأن يكون هناك شك بالأحكام القضائية.
ويشير الزاملي، الى أن قسماً من المحكومين بالإعدام مصادقة احكامهم قضائياً بصورة نهائية، لكن لم تصدر بحقهم مراسيم جمهورية لإطلاق عملية التنفيذ. مؤكداً إن، عرقلة اصدار مراسيم المصادقة على الاعدام بهذه الصورة، أخذ يثير حفيظة الناس الذين يدعون الى تحقيق العدالة وتنفيذ القصاص العادل بالإرهابيين والمجرمين. لافتاً الى أن، عدداً ممن جرى إعدامهم يوم الأحد الماضي، يعود تاريخ ارتكابهم للجريمة الى عام 2007 .
القانون والمحامون سبب تأخير آخر
ويسترسل وزير العدل بقوله، إن كان هناك تأخير في توقيع المراسيم الجمهورية، فإن القضاء أحياناً يتطلب المزيد من الوقت لحسم القضايا المنظورة امامه. مشيرا الى أن، وزارة العدل كانت تعاني قبل عام 2016 من قانون اعادة المحاكمات لمرات متكررة، حيث كان المدانون بالإعدام يستغلونها لتأجيل تنفيذ الاحكام بحقهم. مبيناً، أن قسماً كبيراً من المدانين كان المحامون المكلفون بالدفاع عنهم يعملون على ايجاد ثغرات قانونية لإيقاف تنفيذ الاحكام حتى بعد صدور مراسيم الإعدام، ويطالبون بإعادة المحاكمة لمرات عدة، وإزاء ذلك، يصدر المدّعي العام قراراً بإيقاف التنفيذ لحين حسم ملف القضية في ضوء المستجدات والأدلة التي يقدمها محامي الدفاع وفقاً لأصول المحاكمات الجزائية. وينوّه الزاملي، الى أن قانون اعادة المحاكمات تم تعديله قبل نحو عام، وأصبح ايقاف تنفيذ الاحكام يجري لمرة واحدة لغرض اعادة المحاكمات وليس لعدّة مرات كما كان معمولاً به في السابق. مشيراً الى أن، بعض القضايا جرى ايقاف التنفيذ فيها لأكثر من 12 مرة، نتيجة قانون اعادة المحاكمات الذي يتطلب فيه النظر بالقضية والأوراق التحقيقية من بداية القضية وحتى نهايتها، وليس كما يحصل في حالتي التمييز والاستئناف، حيث ينظر فقط الى الاحكام النهائية الصادرة من القضاء. وإن اعادة المحاكمات كانت تستغرق الكثير من الوقت لتأجيل تنفيذ احكام الإعدام.
وعن قانون العفو العام ومدى تنفيذه، قال الزاملي: هناك لجنة خاصة للعفو العام مكلفة بمتابعة ومطابقة الاحكام القضائية التي صدر فيها مرسوم جمهوري بتنفيذ الإعدام، وهي تقوم بالتعامل مع هذه الأحكام وفقاً لقانون العفو، وكذلك تعمل على التأكد من مدى انسجامها مع هذا القانون. مشيراً الى أن، اللجنة تعمل منذ نحو عام في هذا المجال، وهو ما تسبب بتأخير تنفيذ عدد كبير من احكام الاعدام. متابعاً: حالياً تصدر نتائج من لجنة العفو وفي ضوء هذه النتائج، يتم اطلاق يد وزارة العدل بتنفيذ احكام الاعدام تباعاً .
وينوه ايضاً، الى أن الوزارة تتابع ملفات المدانين مع لجنة العفو العام لحسم ملفات المحكومين بالإعدام وتنفيذ الحكم في حال صدور المرسوم الجمهوري.
وتيرة إعدام متسارعة
وأشار وزير العدل، الى أن احكام الإعدام أخذت وتيرتها تتصاعد بعد تعديل قانون اعادة المحاكمات وجعل اعادة المحاكمات لمرة واحدة بدلاً من عدّة مرات كما كان يحصل قبل التعديل. متابعاً: حين تحصل وزارة العدل على الموافقات الكاملة والباتّة، تقوم بتنفيذ احكام الاعدام في غضون يومين أو ثلاثة أيام .مشيراً الى أن وزارة العدل تجدد عهدها للمواطنين، بأنها سوف تكون وليّاً للدم في تحقيق العدالة وإنزال القصاص العادل بالمجرمين وفق الإجراءات القانونية الأصولية المعتمدة في تنفيذ أحكام الإعدام.
وعن الإجراءات التي تسبق تنفيذ احكام الإعدام قال الزاملي: إن عملية تنفيذ الاعدام تجري بحضور القضاة والمدّعي العام وجميع الأجهزة المعنية بمتابعة تنفيذ احكام الإعدام، ولا تتم إلا بعد تدقيق أوليات المدانين وأضابيرهم بصورة كاملة، وبعد صدور مرسوم من رئاسة الجمهورية بتنفيذ الحكم بحق بالمدانين. موضحاً، أن المدانين الذين جرى تنفيذ حكم الاعدام بحقهم، أتيحت لهم كل الحقوق ابتداءً من مراحل التحقيق والاستئناف والتمييز وإعادة المحكمة، وصولاً الى العرض على لجان قانون العفو العام واكتساب الإجراءات القانونية الدرجة القطعية التي تتيح تنفيذ حكم الإعدام.
اكتظاظ السجن ومشاريع للتوسيع
ويشهد سجن الناصرية المركزي حالات وفاة للنزلاء بين فترة وأخرى، تعزوها إدارة السجن في الغالب، الى اصابة النزيل بأمراض مزمنة. وأبرز من توفي في هذا السجن نائب رئيس الوزراء في النظام السابق طارق عزيز وعدد آخر من قيادات النظام المذكور، فضلاً عن نزلاء مدانين بجرائم إرهابية. وبشأن اكتظاظ سجن الناصرية المركزي، قال وزير العدل حيدر الزاملي: إن سجن الناصرية حالياً، يواجه زخماً كبيراً في اعداد النزلاء، وإن وزارة العدل عملت على زيادة استيعاب السجن من خلال اضافة ابنية وانشاءات جديدة مطابقة لشروط لائحة حقوق الإنسان، وهي حالياً في طور الإنهاءات. مشيراً الى أن، اعمال التوسيع تستوعب اعداداً مضاعفة من النزلاء تتراوح ما بين 3 الى 4 آلاف نزيل. وإن افتتاح واشغال الابنية الجديدة سيتم قريباً، حال الانتهاء من التشطيبات وتأمين المزيد من الحمايات وكوادر للإدارة.
مطالبات شعبية
بإعدام الإرهابيين
وكان المئات من اهالي قضاء سوق الشيوخ، جنوب محافظة ذي قار، تظاهروا للمطالبة بإعدام الإرهابيين المودعين في سجن الحوت بالناصرية، وذلك عقب التفجير الارهابي الذي استهدف مطعماً ونقطة تفتيش على الطرق الخارجية في مدينة الناصرية، وأوقع 177 شهيداً وجريحاً .
وقال الناشط المدني مصطفى السعيدي لـ(المدى) إن اهالي الناصرية يطالبون بالقصاص من الإرهابيين ومحاسبة المسؤولين الامنيين المقصرين في واجباتهم والذين يتحملون مسؤولية التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الناصرية وتسببت باستشهاد وجرح عشرات المدنيين. مشيراً الى أن، المشاركين في التظاهرات التي اعقبت التفجير الارهابي، شددوا على ضرورة اعدام مجموعة من الإرهابيين المودعين في سجن الحوت في مكان التفجير ثأراً لدماء الشهداء. مبيناً، أن المجاميع الارهابية التي فرّت من ساحة المواجهة في الموصل عادت بخلاياها النائمة لاستهداف المدن الآمنة في غفلة أمنية واضحة وخدر استخباراتي.
من جانبه قال عدنان الناصري، وهو والد أحد ضحايا الإرهاب لـ(المدى) إن اعدام الارهابيين، يجعل أسر الضحايا مطمئنين لتحقيق العدالة، مشدداً على ضرورة التعجيل بتنفيذ احكام الإعدام، كي تبرد قلوب ذوي الضحايا بالاقتصاص من المجرمين الذين تسبّبوا بالأذى للمجتمع .
فيما أشار المواطن عبد الحسين علي، الى أن وجود سجن الناصرية، جعل محافظة ذي قار مستهدفة من قبل الارهاب، كما عَقد اجراءات دخول المواطنين من المحافظات الأخرى الى المحافظة.
مضيفاً: كنا نأمل في أن تهتم الحكومة بالخدمات في المحافظة بالقدر الذي تهتم فيه ببناء وإدامة السجون فيها. وشهدت محافظة ذي قار، في الـ14 من أيلول 2017، هجومين تبنّى داعش تنفيذهما، هما الأعنف في تاريخ المحافظة منذ عام 2003، إذ هاجم مسلحون يرتدون زياً عسكرياً مطعماً سياحياً يقع عند الطريق الخارجي غربي المحافظة، فيما استهدف الهجوم الآخر نقطة تفتيش فاصلة بين ذي قار والمثنى، ما أوقع 177 شهيداً وجريحاً بينهم عدد من الزوار الإيرانيين. ويعود افتتاح سجن الناصرية المركزي الى عام 2007 فيما يعود تاريخ افتتاح منصة الإعدام في السجن المذكور الى 27 نيسان 2014 . كما سبق وأن أعلن وزير العدل حيدر الزاملي، في الـ 21 من آب 2016، تنفيذ أحكام الاعدام بحق 36 مداناً بجريمة سبايكر في سجن الناصرية بحضور مسؤولين ووسائل إعلام وعدد من ذوي الضحايا.