يُعد العراق من أكثـر البلدان المتخمة بالموظفين الحكوميين الذي وصل عددهم الى (5) ملايين موظف، إلا أن التفاوت في المرتبات والحقوق والامتيازات بين الشرائح والدرجات الوظيفية مبالغ به بشكل كبير. وزارة الصحة من الوزارات التي تتمتع بتعيين مركزي نظراً للنقص

يُعد العراق من أكثـر البلدان المتخمة بالموظفين الحكوميين الذي وصل عددهم الى (5) ملايين موظف، إلا أن التفاوت في المرتبات والحقوق والامتيازات بين الشرائح والدرجات الوظيفية مبالغ به بشكل كبير. وزارة الصحة من الوزارات التي تتمتع بتعيين مركزي نظراً للنقص الحاد في كوادرها، مما أدى الى ارتفاع معدلات القبول للمجموعة الطبية رغم صعوبة الحصول على ذلك المعدل والدراسة المكثّفة، لكنّ الأمل بتعيين يلبّي طموح الشاب، بات الدافع الأكبر، المشكلة أنّ موظفي الوزارة من الكوادر الوسطية، الممرض والمعاون الطبي والوقائي وسائق الإسعاف وغيرهم، يعانون من تمييز واضح في الراتب والمخصصات، بالوقت الذي يتواجدون في جميع المؤسسات الصحية، وبتماسٍ مباشر مع المريض، وهذا ضمن واجبهم العملي، ما يدعو الى أن تكون هناك حقوق تكافئ ذلك الواجب، ورغم عدد المناشدات والتظاهرات، إلا أن حقوق اصحاب المهن الصحية مازالت في أدراج المسؤولين.

العنوان الوظيفي يصنع الطبقية
عن مصاعب عملهم وتحملهم للمسؤولية، تحدث المعاون الطبي قاسم بشار لـــ(لمدى) قائلاَ: تشكّل الكوادر الوسطية السواد الأعظم في وزارة الصحة، وهي العمود الفقري لفريق العمل في المؤسسات الصحية، مضيفاً: نحن على تماس مباشر مع المرضى، وذلك ما يرفع من نسبة إصابتنا بالأمراض، بالوقت الذي يكون فيه دور الطبيب تشخيصياً وإعطاء الأوامر للكوادر التمريضية وهي تتحمل المسؤولية في حالة حدوث خطأ حتّى لو كان بسبب تشخيص خاطئ، مردفاً: نعاني من الطبقية من حيث التعامل وتحقيق المطالب من قبل الوزارة مقارنة بالأطباء، سواء بالمخصصات أو الإجراءات الإدارية، حيث تتأخر معاملاتنا لأشهر بينما تنجز معاملات الأطباء خلال فترة وجيزة، وهذا بسبب إسناد جميع المناصب الإدارية اليهم.
وأكد بشار: نتحمل ردة فعل المواطن التي غالباً ما تكون هجومية نتيجة نقص الخدمات التي هي بالأساس خارج إرادتنا. موضحاً أن، الفرق في المعدل الذي يؤهلنا لدخول كليات المجموعة الطبية ليس بالكبير، فبالوقت التي تقبل كلية الطب والصيدلة معدل (96%) فالتقنية الطبية تقبل كلية التمريض والمعاهد الطبية (89%) صعوداً، وهذا لا يعني أن تكون هناك فوارق بهذا الشكل. مضيفاً: النقص في أعداد الأطباء جعل منهم مصدر قوة وتأثير على الوزارة، فالهجرة خارج العراق والعمل في المستشفيات الأهلية يمنحهم مساحة تأثير أوسع توفر لهم مرونة في القرارات والامتيازات.

حراك سلمي أملاً بتنفيذ المطالب
ما معنى أن لا يتجاوز راتبك (550) ألف دينار مع المخصصات، وأنت موظف تتحمل الكثير من الخطورة والمسؤولية، وما معنى يتم إيقاف ترفيعك "التسكين" في الدرجة الثالثة لخريجي المعاهد والرابعة لخريجي الإعدادية؟ الأمر الذي دفع بموظفي المهن الصحية الى التظاهر اكثر من مرة والمطالبة بحقوقهم.
 وسام جبار، أحد منظمي التظاهرات تحدث لـــ(المدى) لم تجد تلك الكوادر المسلوبة حقوقها غير التظاهر بشكل سلمي والمطالبة برفع مخصصات الخطورة من (50%) من الراتب الاسمي الى (100%) كوننا نتواجد في مختبرات ونتعامل بمواد سامّة وخطرة ومشعّة، حتّى في فترة الدراسة أسوة بالأطباء والصيادلة. مؤكداً: نحن أكثر تماساً مع المريض ونقضي وقتاً أكثر في تقديم الخدمات، ونتعرض للأمراض الانتقالية خاصة في المختبرات والردهات ووحدات الأشعة وصالات العمليات.
وأوضح جبار قائلاً: إن الاطباء والصيادلة اثناء اكمال دراستهم العليا تصرف لهم مخصصات الخطورة كاملة، بينما نحن المهن الصحية والتمريضية – يتم حجب هذه المخصصات اثناء الدراسات الأولية والعليا (دبلوم عالي – ماجستير – دكتوراه) حسب كتاب وزارة الصحة المرقم (39626) بتاريخ 2162017. مضيفاً: كما تم رفع التسكين وهو ابقاء الموظف في وزارة الصحة (فقط) بالدرجة (4) ولا يتم ترفيعه الى الدرجات اللاحقة (الثالثة والثانية) أسوة ببقية موظفي الوزارات الأخرى من حملة شهادة الدبلوم. مبيناً إنه، يبقى بالدرجة (4) طيلة مدة خدمته بحجة عدم وجود توصيف وظيفي، علماً تم إكمال جميع الإجراءات القانونية والعناوين الوظيفية من وزارتي الصحة والتخطيط، ولكن مجلس الوزراء رفض المصادقة. حيث تم حل اللجنة، بحجة أن الموضوع يحتاج الى تدخل تشريعي!.
وطالب الموظف الصحي: بأن يكون الترفيع من تاريخ الاستحقاق وصرف مستحقاته المالية في حال تأخر الترفيع من قبل الوزارة بأثر رجعي، كون هذه المستحقات هي استحقاقنا وتأخرت بسبب اجراءات وزارية وليس بسببنا. لافتاً الى أن، قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة  1960 المعدل المادة 7  الفقرة  2 تنص على أن يصدر قرار الترفيع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة، ويكون الترفيع نافذاً من تاريخ الاستحقاق إن لم يكن للموظف دور في تأخير ترفيعه، إذ أن أحد شروط الترفيع هو توفر الدرجة الوظيفية وهذا تأخير من قبل وزارة المالية. مردفاً: لذا المفروض أن يكون الترفيع من تاريخ الاستحقاق، وكذلك مخصصات الترفيع تكون من تاريخ الاستحقاق وتصرف بأثر رجعي إذا تأخر أمر الترفيع من الوزارة أو الدائرة.

العمر يقف حائلاً أمام الأحلام
كما يشكو أصحاب المهن الصحية من ما يعرف بالتسكين واحتساب الترفيع مع ضرورة توسيع القبول في قناة المتميزين، وهي قناة تسمح لموظفي الدولة بإكمال دراستهم الأولية للحصول على شهادة الدبلوم أو البكالوريوس مع منحهم إجازة دراسية صباحية (تفرغ دراسي)،  لكن تعليمات وزارة التعليم العالي صعبة ومعقدة جداً، خاصة بالنسبة للمعدلات المطلوبة أو شرط العمر.
 فرقد وليد أحد المقدمين على قناة المتميزين، بيّن أن شرط العمر (لا يسمح لمن عمره 40 عاماً فما فوق، بالدراسة ضمن القناة، وهذا ما اجهض احلام الكثير من اصحاب المهن الصحية، خاصة اولئك المهرة واصحاب الخبرة. لافتاً الى أن، الوزارة تطالب بمعدلات 90 أو 85 او 70 كحد أدنى للموظف الذي يرغب بإكمال دراسته في كليات الصيدلة والتقنية والعلوم للموظفين من حملة شهادة الدبلوم. 65 للموظف الذي يحمل شهادة الاعدادية لكي يكمل دراسته بالمعهد. فيما بيّن الموظف الصحي وسام غالب، أنّ موظفي المهن الصحية غير مشمولين بتوزيع الأراضي السكنية أسوة ببقية الدرجات الوظفية في وزارة الصحة، إن كانت الصحية أو الإدارية، واصفاً ذلك بالغبن الكبير الذي لحق بهم. منوهاً الى أن، اغلبهم يعملون حتى في العطل والمناسبات الرسمية، فضلاً عن الخفارات والعمل في صالات الطورائ. شاكياً من عدم شمولهم بالقانون الصحي. مشدداً: على ضرورة الاهتمام بكوادر المهن الصحية التي تشكل عصباً مهماً في العملية الصحية.