adnan.h@almadapaper.net
الاستفتاء الكردستاني كان للبعض هدية من السماء لتسعير خطاب الكراهية الذي استهدف الكرد جميعاً، من دون تمييز بين القيادات والجماعات السياسة التي تبنّت خيار الاستفتاء ودافعت عنه وحثّت عليه، وعموم الكرد من مواطني هذه الدولة، بل لم يراعِ أصحاب هذا الخطاب أنّ أكثر من 7 بالمئة قد عارضوا الاستفتاء وهدفه، فكان الكرد كلّهم ملعونين في هذا الخطاب!
للتوّ أصدر "بيت الإعلام العراقي" تقريره الحادي والثلاثين "استفتاء كردستان... خطاب الكراهية ينافس التغطية المهنية"، الذي رصد خطاب الكراهية في تغطية وسائل الإعلام المحلية لموضوع الاستفتاء قي الفترة من مطلع آب (أغسطس) إلى منتصف أيلول (سبتمبر) الماضيين. وشمل الرصد وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة سواءً بسواء.
جملة ما لاحظه التقرير:
- تركيز وسائل إعلام على مواقف أحادية عبر استخدام نواب وسياسيين من أحد أطراف الأزمة في التغطية من دون وجود ممثلين عن الطرف الآخر، ما أفرز تغطية منحازة مستندة إلى معايير سياسية وليست مهنية.
- استناد وسائل إعلام على تصريحات سياسيين ونواب ومسوؤلين عراقيين تضمنت خطاب وعبارات كراهية وتهديدات مباشرة وغير مباشرة وشخصنة للأزمة، وانغماس أكاديميين وخبراء ومحللين وقانونيين في ذلك، فيما المفترض أن يكونوا غير معنيين بالمواقف الجهوية ذات الطابع السياسي.
- استغلال الأزمة السياسية لاستهداف قوى وأحزاب وشخصيات سياسية محلية، عبر تقارير وتصريحات خاصة استندت إلى شخصيات بارزة دينياً واجتماعياً وسياسياً، وظهرت روايات واتهامات تداولتها وسائل إعلام نقلاً عن مصادر غير صريحة أو مسؤولين بشأن الاستفتاء لا تستند ‘إلى قرائن ووثائق.
- السماح لمسؤولين بالتعبير عن تصريحات ومواقف تضمّنت اتهامات صريحة بقضايا محدّدة من دون إسنادها بأدلة.
- استعانة وسائل إعلام بأخبار ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة المصدر، مثل شائعات عن تهديد المقيمين العرب في إقليم كردستان وبالعكس تهديد المواطنين الكرد في بغداد والمحافظات الجنوبية، و نشر صور على أنها لقوات عسكرية انطلقت من بغداد نحو إقليم كردستان لمنع الاستفتاء، أو لقوات من البيشمركة تتّجه نحو كركوك، وتبيّن أنّ الصور قديمة، ولم تتردد وسائل إعلام في نشر مثل هذه الأخبارمن دون التحقّق من صدقيتها.
- السماح بنشر مقالات رأي على المواقع الإلكترونية لهذه الوسائل تضمّنت خطاب كراهية لم يخلُ من شتائم وتهديدات واتهامات، ما ساهم في انتشار هذه المقالات ووصولها إلى الجمهور، وأفرزت سجالات حادّة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
الذين كانوا وراء هذا الخطاب، والذين جعلوا من أنفسهم أدوات له، ربما امتلأوا بشعور الرضا عن النفس ،لأنهم أدّوا المهمة "المقدّسة"، غير مدركين الآثار الخطيرة لخطاب من هذا النوع على وحدة البلاد والمجتمع التي يتذرّعون بها لتبرير خطابهم، فمِن حيث يدرون، أو لا يدرون، يشكّل هذا الخطاب عامل ضغط إضافياً على الكرد لتقوية النزعة الاستقلالية، والذهاب أكثر باتّجاه الاستقلال، فما مِنْ أحد يرغب في العيش مع مَنْ لا يحبّه.