TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > نص :(طوبى للفقراء)

نص :(طوبى للفقراء)

نشر في: 28 فبراير, 2010: 04:44 م

رياض النعمانيوكي تبقى أيضاً أيها العمر الضارب في الخسارات التي تقودك في طرق صحراء لا نهائية..، صحراء الله التي يشرق فيها ضوء الحكمة، فتنفتح اللحظة، وتستسلم أمام إندفاع خيول الرؤيا، ولهب الحدس الذي يتقدم رافعاً زمن القصيدة المتوجة بمجد الإلهامات الكبرى،
ومجد العالم الذي سيجيء. مامن مجد،.. وليس من كشف يغير إتجاه السيرورة، ويتكبر حضوراً لا يغيب إلا في حضور يفني الغياب، فيُنفى هو في بقاءٍ هو روح الأزل الذي لا يفسد. عليك أن تختار منفاك، كي تبقى ذلك الطير الذي يتبع من جديد برق الفرادة في مسير القوافل الضاربة في التيه... حتى تبقى مع الله وجزءاً منه،.. إبتكر للفؤاد –سنونوتك الوحيدة- نبوءةً لا تغمض عيناً لما يجري من قتل، وإقصاء وتشويه للمعنى –متناً وهامشاً- إشهر روحك في الأعالي، وأعلن: إن للعاصفات مباهجها السخية القادمة. إختر عزلة تتواصل فيها مع حقائق الوجود العميقة...، عزلة توصلك بنفسك، وبالأقاصي وبالأغوار.. عزلة أكثر تيهاً من التيه، تأخذ –كل يوم- أخاديدها، وصمتها إلى غار ينجّيكَ من خراب توازنه بيأس وسخرية هما كل ما تبقى لك من طاقة تهدم بها، لتبني كل شيء من جديد، كي تبقى أبيضاً إختر العزلة التامة، فهي من سيريك المعارف والتاريخ والنورانيات التي ستضيء، ولا تبقي على شيء.. هي من يجعلك على دراية من أمر المستقبل. ستمنحك غيباً لا يسمى، تبصر فيه من ستأتي به الذنوب إلى قارعة لا تساوم على حق الخلق. سيُأتى بهم، وسيسألون: أين ذهبتم بحق الناس؟ سترى الليل –الليل المقفل- وبإلهام البصيرة العظيمة، وستشهد بنفسك من يخطط للحرائق، ومن يقلب الشوارع كي تنفجر في إندلاع الناس الذاهبين إلى ذرى طموحهم في وطنهم، ومستقبلهم، وعمرهم الجميل. أنا شهدت قتل العامة وإذلالهم في طوابير لا ترى بدايتها من نهايتها. اشهد إني لست ضد الكلب الذي يتشمم جلباب وحاجيات البرلماني الذاهب كي يضاعف من سرقاته التي سوف لن تُبقي على شيء. وللحق فإن هذا البرلماني وأمثاله لا يكنز مالاً.. إنما يظهره ويتجلى به في عمارات عالية وبيوت لا تحصى.. نعمى "والضحى والليل إذا سجى" إني لا أراهم منذ الآن -وبقلب فرغ من كل شيء إلا محبة الخلق- تقلبهم نار جهنم ذات اليمين وذات الشمال.. إذ ليس هناك من جريرة أعظم من جريرة سرقة الناس..، فأحذر من يسكت على هذه الجريمة.. إحذر من سلطة الجريمة، إحذر من كل سلطة،.. ومن مثقف يتقرب إلى السلطة، أو مثقف يطمح في السلطة لأن السلطة ظلم. ظلم دهري عميم،.. إدخل في عزلة تتراكب على عزلة أخرى، وأخرى تبزغ بل أيها الجميل على ضفاف وعد بها الحق أصحاب الفطرة والقلب. أوشك على هواء الأغنية التي تسكبني كالندى في (مزهرية) قرنفل كانت قد سُميّت (حضرموت).. ففيها أتنفس من جديد بياض البراءة الأولى في كتب تعيد للقلب وللتاريخ فطرتهما الأصلية. في الليل أصغي إلى المطلق.. إلى تلك الأنوار الأولى لهطول الرسالات، أشهدني على توالي نزول الآيات والأسفار، كانت كعقد من فاتنات الحروف والمجاز.. لم تكن تنزل، إنما تتموج من سكر نشوتها في فضاء أُعد لإحتضان معجزة هويتها الكونية التي تحققت من إنفتاحها الخلاق والفريد على بعضهما وعلى العالم. ما كان نزولاً ذلك النزول الذي لم يكرر شكل المدى، بل هبوط وصعود وصعود ودوران في عرس رقصتها الأبدية، هبوط وصعود يستعيد مشهد تنفس العروس أو الغزالة الشاردة في الحلم إلى أعالي أقواس وهالات يمر من تحتها كل صباح الصباح الذاهب إلى الجنة.. حي ستقرأ على بابها عبارة "يسوع" السماوية. "طوبى للفقراء"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram