ترجمة : عدوية الهلالييقال ان باراغواي تعني "نهر من الريش " وتسمى هكذا بسبب تنوع وروعة طيورها ..وليست الطيور كلها هي التي أثارت اهتمام الكاتبة ليلي توك وهي تؤلف روايتها (باراغواي) بل هو الببغاء فقط بمختلف ألوانه الوردية والزرقاء والخضراء ، وحتى الببغاوات مقطوعة الأجنحة والعاجزة عن التحليق والنماذج الكبيرة منها والشبيهة بطيور العقاب ..
بهذه الطريقة خاضت الكاتبة الحائزة على جائزة الكتاب الوطني في عام 2004 في روايتها وابتدأتها بريشة ببغاء معلقة في قبعة غانية تدعى ايللا لينش تضع على رأسها باروكة ذات شعر اشقر. ولينش الغانية الايرلندية هي صديقة وموضع ثقة الأميرة ماتيلدا وهي شابة جميلة ولامبالية تعشق بشكل متذبذب رجلا روسيا ارستقراطيا مفلسا يغادر بلده ليقاتل في الحرب بينما تلتقي ايللا لينش رجلا آخر من باراغواي حين تسقط ريشة الببغاء التي تعلقها في قبعتها فيلتقطها فرانكو .. وهذا الرجل القادم من باراغواي لايمتلك تهذيب عشيقها الروسي دون شك اذ يغطي سترته شعر كلبه ويدخن سيجارا بغيضا لكنه رجل قوي وغني مايدفعه الى اصطحاب الغانية ايللا لينش الى بلده باراغواي حيث سيصبح فرانكو ديكتاتور وتصبح لينش السيدة الأولى .. تمثل هذه الرواية الكتاب الأول المترجم الى اللغة الفرنسية للكاتبة ليلي توك التي بنت روايتها التاريخية على حشد من الزخارف التي تجعل القاريء يتقافز مابين السطور ومن لوحة الى اخرى ومن منظر طبيعي الى عشاء للطبقة الاجتماعية الثرية .. وتقدم ليلي لنا اسلوبا سلسا ودقيقا وكأنها تحفر عباراتها وتنحتها في الورق لتفجر أفكارها العميقة عبر صور متنوعة لرجال مذبوحين وحيوانات مقتولة بينما يغوص ابطال روايتها في الدم والفجور والنفايات بطريقة بارعة جدا وكوميدية احيانا لدرجة انها تعمد احيانا الى تشويه الجمال الغريب والدخيل لشخوصها بحقائقها العارية الجريئة. تصور ليلي توك أشجار البرتقال والرمان والتماسيح والببغاوات بشكل صريح وحقيقي وتفعل الشيء ذاته مع الشخصيات ومنها شخصية فرانكو الذي يتضخم جسده وتتلف اسنانه وهو يتحول الى ديكتاتور دلالة على شراهته وانانيته، وايللا التي تردد مثل الببغاوات عبارات تافهة حول البستنة والعناية بالحدائق او تنتقد رواية ( مدام بوفاري ) دون ان تقرأها او تدرك الظروف القاسية التي احاطت بها ودفعتها الى السقوط. تنتقد الكاتبة الفظاظة والشراسة واللامبالاة بمشاعر الشعوب عبر شخصية الدكتاتور المغرور والغانية اللامبالية الساعية وراء بريق المال في روايتها التي فضلت منحها عنوان (باراغواي) وترجمها عن الانكليزية اورستيل بونيه ونشرتها دار نشر جاكلين شامبون ضمن 300 صف.
ليلي توك تغازل الببغاوات والتماسيح فـي (بـاراغـواي)
نشر في: 28 فبراير, 2010: 04:46 م