TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لا نثوِّب فـي التعليم والصحة؟

لماذا لا نثوِّب فـي التعليم والصحة؟

نشر في: 8 أكتوبر, 2017: 04:43 م

adnan.h@almadapaper.net

مع بدء العام الدراسي الجديد، طفح من جديد إلى العلن الحجم الهائل لتخلّف خدمة التعليم وتردّيها عندنا، هنا في العراق.
غالباً ما نسمع احتجاجات على الحال الذي آلت إليها هذه الخدمة وسواها من الخدمات العامة الأساس، وأقسى هذه الاحتجاجات تكون  بمقارنة وضع هذه الخدمات في العراق بمثيلاتها في الصومال، بوصف الصومال من أكثر الدول فقراً وتخلّفاً ومِن أشدّها معاناة من حرب أهلية ممتدّة منذ عقود.
مدن وقرى لا عدّ لها ولا حصر ليس فيها ما يكفي من مدارس، ومدارس ليس فيها ما يكفي من صفوف، وصفوف ليس فيها ما يكفي من كراسيّ ومناضد، بل ثمة صفوف ليس فيها أيّ كرسيّ أو منضدة وتعيَّن على تلاميذها أن "يتربّعوا" على الأرض غير المفروشة لتلقّي دروسهم!
حال التعليم ليست فريدة من نوعها في هذي البلاد، فثمة خدمة  تُباريها في انحدارها هي خدمة الصحة. المستشفيات والمستوصفات في البلد، بما فيها التابعة للقطاع الخاص، هي في الغالب مراكز لعدم الصحة وعدم العافية وبؤر لعدم النظافة.
الحجّة الجاهزة التي تتذرع بها الحكومة ومؤسساتها: نقص التمويل، فأسعار النفط متدنّية، وفاتورة مكافحة الإرهاب مُكلّفة، والفساد الإداري والمالي جعل خزينة الدولة قاعاً صفصفاً.
هذا صحيح بالطبع، لكنّ الحكومات في الدول الحيّة تستنهض مجتمعاتها كيما تتحمّل قسطها من الخدمات. ولو كانت لدينا حكومات متعاقبة مثقلة بالهمّ الوطني لاستنهضت المجتمع من أجل تقديم قسطه في هذا المجال. الإمكانات قائمة وليست معدومة.. إليكم مثال واحد.
في المناسبات الدينية (رمضان، الأعياد، الحج، عاشوراء، الأربعين، وفيّات الأئمة ... وسوى ذلك) تُنفق أموال طائلة على المأكولات التي تنتهي كميات كبيرة منها إلى مكبّات النفايات. سنة بعد أخرى تجري المبالغة بهذا الطقس الذي يتحوّل إلى ممارسة استعراضية ... ووسيلة للتكسّب أيضاً.
لسنا في حال رفاه لكي نهدر كلّ هذه الأموال على ما لا يأتي بالنفع على الناس. الأكيد أنّ توزيع الأموال المنفقة على هذه الممارسة على الفقراء والمعوزين هو أكثر ثواباً من تبذيرها على الأكل الذي يُلقى الكثير منه في المزابل ليصبح مستعمرات للحشرات والحيوانات السائبة. والأكيد أيضاً أنّ توجيه هذه المبالغ، أو بعضها، على بناء المدارس والمستوصفات والمستشفيات وترميمها وتجهيزها باللوازم الحديثة أكثر نفعاً للمجتمع، وبالتالي أكثر مرضاة عند مَنْ تُطلَب منهم الحاجات.
 المؤسسات الدينية، وفي مقدمها المرجعيّات، يُمكنها ، إلى جانب وسائل الإعلام،أن تلعب دوراً جيداً على هذا الصعيد، لجهة توعية الناس بجدوى توجيه بعض أموال الثواب نحو الخدمات العامة الأساس التي يتسبب نقصها وتدنّي مستواها في الموت والجهل والفقر والفاقة للكثيرين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    اود التنويه الي كتاب قيم للدكتورة جمان مكي كبه والتي عملت ايضا مستشاره لوزارة التعليم العالي في العراق وعنوانه عصر الظلمات تناولت فيه التعليم في العراق بعد عام 2003. نورد مقطع موجز ورد علي صفحه 19 حيت تقول انه ليس ظلما ولا غبنا و

  2. بغداد

    استاذ عدنان حسين حكومة علي بابا واربعين حرامي مشغولين بالنهب والفرهود مال سائب نفط يتدفق من باطن الأرض الذهب الأسود وأصبح لكل حزب اسلامي يمتلك آبار نفط ساطي عليها ويمتلك ميليشيات تسحب بهل النفط وتهربه عن طريق ايران او الخليج او تركيا او الاْردن ولا من شاف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram