د. محمد حسين الزبيديلقد كانت المجالس النيابية وطريقة تأليفها وانتخاب نوابها من اولى المشاكل التي جابهتها المعارضة الوطنية في العراق، فقد كانت الحكومات التي تألفت في ظل الانتداب البريطاني والتي جيء بها الى الحكم لتكييف مبادئ الانتداب وافراغها من صيغ المعاهدات في العشرينيات وتصديق هذه المعاهدات في المجالس النيابية،
rn كانت هذه الحكومات مضطرة للاتيان بمجالس نيابية تختار اعضاءها اختيارا يضمن لها المصادقة على تلك المعاهدات.يقول الاستاذ محمد مهدي كبة في مذكراته الصادرة من دار الطليعة ببيروت، ان الظفر بكرسي النيابة دون موافقة وترشيح السلطات واشراف على صناديق الاقتراع محصورا بالمجالس البلدية، ومن تختاره وكان الانتخاب يجري على درجتين وعلى اساس القائمة واللواء، فكان من المستحيل على اي مرشح للفوز بهذه الانتخابات اذا لم يكن مرشحا من الحكومة، وبقيت هذه الرغبة لدى البلاط والانكليز والمتنفذين من افراد الطبقة الحاكمة في السيطرة على المجالس النيابية وعدم السماح للحد منها حتى بعد ان ثبتت سياسة الانكليز بعقد معاهدة 30 حزيران لئلا تكون في المجالس النيابية معارضة قد تفسد عليهم جميع ماتقاسموه من سلطان ونفوذ وتوزعه في مغانم ومناعم وتفردوا به من مصالح لذلك (صحوا) اذ انهم عن كل الشكاوى والصيحات التي انطلقت من افواه ابناء الشعب العراقي ومن يمثلهم ويعبر عن ارادتهم ورغباتهم بضرورة اجراء تغيير جذري في طرق جمع المجالس النيابية وافساح المجال للشعب ان يبعث بممثليه الى هذه الندوة التشريعية التي نص على وجودها الدستور لتكون منبرا لابناء الشعب وممثليه الحقيقيين لينطقوا بلسانه ويعبروا عن آمال الامة.لذلك نرى ان الحزب الوطني العراقي الذي كان برئاسة المغفور له جعفر ابو التمن وهو الحزب الوحيد الذي كان ينطق بلسان ابناء الشعب، لم يدخل اي معركة انتخابية طيلة مدة حياته السياسية لعلمه ان دخول الانتخابات في ظل ذلك القانون ومايرافقه من تدل من جانب السلطات لايمكن لاي مرشح حزبي او مستقل حكومي بالفوز فيها، وكان يشترط لدخول الانتخابات تعديل قانون الانتخابات والاعلان عن تدخل الحكومة فيها وذلك التدخل الذي بلغ حدا بحيث ان عميد الطبقة الحاكمة نوري سعيد باشا، قال في احدى جلسات مجلس النواب ردا على احد النواب الذي قال انه ينطق بلسان الشعب الذي انتخبه بانه يتحداه ويتحدى اي نائب يزعم انه جاء بارادة الشعب وانتخابه ان يستقيل من النيابة ثم يرشح بنفسه ويستطيع العودة الى هذه القاعة اما من كان يضع قوائم الترشيح في تلك العهود، ففي العشرينيات ومن جمع المجلس التأسيسي كان البلاط بالتشاور مع المستشارين الانكليز هو الذي يرشح النواب ويضع قوائم ترشيحهم بعد تثبيت سياسة الانكليز في العراق بمعاهدة 31 حزيران 1930 ودخول العراق عصبة الامم، استأثر البلاط مع بعض ذوي الحظوة لدى الانكليز والبرلمان بأمر ترشيح النواب ليساير المجلس النيابي الوزارات التي يأتي بها البلاط الى الحكم.فكانت المعارضة الوطنية تلجأ الى الشعب والرأي العام وكان مظهرها الشارع والاحتجاجات الشعبية والاضرارات والتظاهرات ثم بعد ذلك استقالت وزارة نوري السعيد وعهد الى مصطفى العمري بتأليف الوزارة على انها وزارة انتقالية لحل المجلس واجراء انتخابات حتى اذا حلت وزارة العمري المجلس في يوم 27 ت1 / 1952 تقدمت الاحزاب في اليوم التالي بمذكرات وافية الى الوصي على العرش استعرضت فيه اوضاع البلاد العامة وشددت فيه من مطالبها بوجوب تعديل قانون الانتخابات.rnrn rnrn
الانتخابات النيابيـة.. وانتفـاضة عام 1952 !
نشر في: 28 فبراير, 2010: 04:58 م