كانت العلاقات بين البلاط الملكي ونوري السعيد غير مستقرة في بعض الاحيان ففي كل مرة تعزز مكانة السعيد لدى السفارة البريطانية ولدى الاكثرية من النواب المؤيدين لكل وزارة تتمتع بثقة الجهات العليا حتى يبدأ العد التنازلي لعلاقته مع البلاط وقد تجلى ذلك في عهد الملك فيصل الاول بعد ان نجح نوري السعيد في ابرام المعاهدة العراقية البريطانية سنة 1932 فادى ذلك الى شعور الملك بان نجم السعيد قد يرتفع افقا على افقه فخرج من الحكم على النحو الذي لم يكن يرضى به كل الرضا.
تكريم السعيد وكان اضطلاع وزارة ناجي شوكت التي خلفته الحكم عبر مواقف مزاجية اتت بشعور الملك بما حز في نفس السعيد فانتهز الملك فرصة لقيام وزارة علي جودة الايوبي فبادر الى تكريم السعيد بمنحه وسام الرافدين مقرونا بكتاب شكر وثناء على اعماله الامر الذي طيب نفسه وحال دون قيامه بالنشاط الذي كان يمارسه في الفترات التي يكون فيها خارج الحكم.وقد تكرر مثل هذا الامر بعد الاحتلال الثاني البريطاني للعراق واعادة الامير عبد الاله الى وصاية العرش وكان دور نوري السعيد في ذلك من اعظم الادور بالنسبة الى الوصي وحليفته بريطانيا خاصة بعد ان تبنى تعديل الدستور وزاد من صلاحيات الملك وجعل حق الوصي من اقامة الوزارات اذا خرجت من السياسة المرسومة لها وكالعادة خشي عبد الاله ان يؤدي التماع نجم السعيد الى الحد الذي يخبو معه نجمه فدبر ضده معارضة مصطنعة كما اسماها السعيد انتهت باستقالته من الوزارة بعد ان شنّ هجوماً في مجلس النواب والاعيان اعنف هجوم ما اضطر الشيخ بهاء الدين النقشبندي وهو من انصار السعيد الى صفع سلمان الشيخ داود الذي كان من اقطاب المعارضة المصطنعة للسعيد فعجلت هذه الصفعة باستقالة الاخير.ومما اذكره بهذه المناسبة ان صادق البصام كان من جملة اعضاء الوزارة المقالة وقد عقب على ذلك قائلا : اذا كان في المدة السابقة اسقطونا بالقنابل ويقصد به انقلاب بكر صدقي فانهم في هذه المرة سيسقطوننا (بالقنادر) ومن يقف على كتاب استقالة نوري السعيد من الوزارة سيعرف الكثير من الخلفيات التي كان الرأي العام العراقي لايعرف عنها شيئاً. وكان السعيد قبل استقالته قد واجه سيلاً من النقد لنظام الحكم وطالب بسن قانون اساسي جديد بدلا من الدستور النافذ الذي جاءوا به من خارج الحدود كما دعا الى تقوية الحياة البرلمانية بتقليص الدوائر الانتخابية بحيث لاتستطيع الحكومات فرض نوابها وكان هذا مطلبا تقديماً يتمشى مع دعوة الاحزاب الوطنية التي استغربت صدوره من السعيد يومذاك.وجاء حمدي الباجه جي ليخلف السعيد فقال الساسة ان هذه الوزارة هي وزارة صيف تحكم خلال فترة سفر العائلة المالكة للاصطياف ولم يكن حمدي يومها مؤهلا لهذا المنصب فقد اعتزل العمل السياسي الفعال على الرغم من كونه يتمتع بعضوية مجلس الاعيان ولكن الباجه جي الذي كان مغضوباً عليه باعتباره من رجالات الثورة العراقية التي نفتهم بريطانيا الى بنجاب ولن يتولى بعد عودته من المنفى الا وزارة الاوقاف حتى الغيت وكان يهاجم من الجهات الاستعمارية باعتباره يحمل الافكار الاشتراكية التي جاء بها من المانيا يوم كان يدرس هناك اقول ان حمدي الباجه جي بسيادته الهادئة وبحرصه على ارضاء الجميع استطاع ان يبقى في الحكم مدة طويلة ولكن الوصي عاد الى تأليب المعارضة ضده وضد من يعاونه في الحكم فاستعان بسعد صالح الذي تحولت صداقته المتينة مع صالح جبر وزير الداخلية الى عداء شديد بعد ان نقله من متصرفية الحلة الى متصرفية الدليم لانه لم يساعد على اعتقال المعارضين التي ايدت حركة رشيد عالي الكيلاني وقد استقال سعد من المتصرفية للنيابة الشاغرة عن الديوانية ولم يتدخل صالح جبر ضده لكي لايقال ان هذا التدخل لاسباب شخصية .rnوزارة خام وطعاموقام سعد صالح بجولة في الالوية ليحث بعض المتصرفين من اصدقائه على الانضمام الى المعارضة فنجح في اقناع عبد الهادي الضاهر متصرف الحلة الجديد الذي سرعان ما ابدى تذمره من تدخل اصهار صالح جبر بشؤون الادارة لتحقيق مصالحهم الذاتية بعد امتلاكهم الوثائق التي تدل على ذلك كما قصد صديقه عبد الله القصاب متصرف الديوانية ليحمله على الاشتراك معهم الا ان القصاب كما يقول المثل لايطير البعير ولايلزم الامير).وشرع سعد صالح بمهاجمة حمدي الباجه جي التي قال عنها انها نجحت بتأمين الخام والطعام الى العالم وانها اصدرت قانون العفو العام وكانت تقابل المعارضة بلين الكلام وهي على كل حال وزارة الخام والطعام والعفو العام .. وكان هذا الوصف موضع تندر المعارضة خارج البرلمان الا ان استمرار صالح جبر بالرقابة على الصحف باعتباره وزيراً للداخلية وبسبب الاحكام العرفية حال دون نشر خطاب سعد صالح وتوفيق السويدي وداخل الشعلان الذين كانوا من اقطاب المعارضة لوزارة حمدي الباجه جي لمجلس النواب كما خطب مصطفى العمري المعارض لوزارة الباجه جي ايضا في مجلس الاعيان وتحدث القضايا التي يحسن الاستماع اليها والافادة منها وخاطب الوصي ايضا في هذه الاثناء وخلال هذه المعارضة القى الوصي على العرش خطاباً اثار استغراب جميع الاوساط اذ دعا فيه الى اطلاق الحريات العامة واعادة الاوضاع الدستورية سليمة الامر الذي دعا الكثير من العاملين في الحقل السياسي الى الاستبشار وتاييد هذا الخطاب الذي لم يكن الا مظهراً من مظاهر السباق بين البلاط ونوري السعيد لاظهار شعبيتهما امام الرأي العام وهكذا سقطت وزارة حمدي الباجه جي بسبب ا
حين تحول الوصي عبد الاله الى معارض للوزارة العراقية
نشر في: 28 فبراير, 2010: 05:17 م