عقارب الساعة تشير الى الثامنة مساءً... اقتربت سيارة الأجرة من إحدى السيطرات.. مراتب السيطرة وآمرهم تبدو عليهم علامات التحفز الشديد والانتباه بما يوحي بأنهم ينتظرون سيارة معينة ولها مواصفات خاصة.. على صوت أحد رجال السيطرة، طلب من سائق سيارة الأجرة الت
عقارب الساعة تشير الى الثامنة مساءً... اقتربت سيارة الأجرة من إحدى السيطرات.. مراتب السيطرة وآمرهم تبدو عليهم علامات التحفز الشديد والانتباه بما يوحي بأنهم ينتظرون سيارة معينة ولها مواصفات خاصة.. على صوت أحد رجال السيطرة، طلب من سائق سيارة الأجرة التي يستقلها ( ج ) مع والدته بفحصها بالسونار وتفتيش الصندوق الخلفي... لم يطل الجندي في فحص الصندوق... وقبل السماح لسائق سيارة الأجرة بالمرور، جاءت سيارة مسرعة وتجاوزت السيطرة ... قفز اثنان من الجنود مع اسلحتهما في سيارة الأجرة وطلبوا من سائقها التي يستقلها (ج) مع أمّه بملاحقة السيارة الهاربة... وبدأت المطاردة، لكنها لم تنته باللحاق بالسيارة أو إفلات سائقها من قبضة الشرطة، بل انتهت على صوت طلقة نارية من داخل سيارة الأجرة .. هذه الطلقة خرجت بطريق الخطأ من سلاح أحد الجنود لتستقر في بطن (ج) وسط ذهول السائق وأمّه. بعد نحو ثلاث ساعات وداخل مستشفى اليرموك، كان والد (ج) وزوجته يبكيان بحرقة أمام غرفة العمليات التي يرقد فيها ابنهما بين ايدي الأطباء... لا ينطقان إلا بكلمة واحدة هي ( يارب احفظه لنا) .. وبعد ساعة خرج الطبيب ليخبرهم أن (ج) بخير... وإنه اخرج الرصاصة من جسد الصغير... لكنه اضطر لاستئصال الطحال الذي مزقته الرصاصة تماماً... وإن هذا لن يؤثر في جسم الطفل!.
الرصاصة لا تزال
في جسمه
عشرون يوماً مرت على الطفل داخل المستشفى... استعاد فيها جزءاً من عافيته... لكن لم تكتمل سعادة الأب بهذا، فقد اخبره الطبيب الجرّاح، أن الرصاصة ما زالت في بطن الطفل وبالتحديد في جانبه الأيمن، وإن عملية استخراجها ستكون سهلة للغاية... وبالفعل في عملية اخرى فتحت فتحة صغيرة في جنب الصغير اخرجت الرصاصة منها، وبعدها بأيام قليلة خرج من المستشفى ليكمل فترة النقاهة في منزله، سارت الأيام طبيعية، الطفل يستعيد عافيته ويعود الى المدرسة، والأب في صلح عشائري (قبض المقسوم) وتنازل عن شكواه في مقر اللواء المنسوبين اليه!... لكن الطفل (ج) لا يستطيع بذل أيّ مجهود، فإذا سار الطفل فترة طويلة شعر بألم شديد اسفل بطنه، كان الأمر طبيعياً في بداية الأمر، فالصغير تعرض لعملية خطيرة بالطبع ستكون لها مضاعفاتها ... لكن الطفل (ج) عاش سنة كاملة مع آلامه حتى سقط مغشياً عليه في طريق عودته من مدرسته الابتدائية، حمله الأب وذهب به الى أحد الأطباء، لم تخفف ادويته من آلام الصغير!.. طلب الطبيب بعض الاشعة وسونار وتحاليل حتى يحدد السبب، وكانت المفاجأة التي اذهلت الجميع.. (ج) يعيش بكلية واحدة متضخمة بشدة... والثانية ليس لها أثر!.. امام وزارة الصحة قدم الأب تقارير الأشعة والتقارير والسونار التي تثبت اختفاء كلية ابنه، واتهم المستشفى والطبيب الجراح الذي اجرى العملية بسرقة كلية ابنه اثناء العملية، ولكن الدكتور الذي أجرى له العملية هرب الى خارج العراق ولا يزال هارباً. وختم كلامه الأب في دعواه في مركز الشرطة، اذا كان ابني مولوداً بكلية واحدة، وإن كليته اليمنى بها ضمور! فلماذا لم يكتب الطبيب في تقريره ذلك، بالرغم أنه شاهد بطن ابنه بالكامل في العملية الأولى، ولكن في العملية الثانية اختفت بها كليته على إثر الأشعة التي أصر الطبيب عليها!.. ولا تزال القضية في طي النسيان!.