في واحدة من أهم المهام الموكلة بمحافظ البصرة الحالي، أسعد العيداني هي الكشف عن أسباب خلو خزينة المحافظة من المال. كل جمهور البصرة يعلم أنه تسلم المنصب والمدينة بلا فلوس، أي أنه لن يستطيع عمل شيء خلال الفترة الحالية والقادمة، وليس مطلوباً منه أن يذهب بعيداً بطموحاته فيصرح هنا وهناك بوعود لن يستطيع تحقيق بعضها. ما يريده الناس منه، هو الكشف عن مصير مليارات الدولارات التي ذهبت في حقيبة الفساد، من خلال التعاون مع هيئة النزاهة واللجان البرلمانية والدوائر الرقابية في وزارة المالية.
النصراوي والبزوني قد لا يشكلان الصورة النهائية للصوص المدينة، هنالك عشرات الاسماء التي لم يكشف عنها وتعجز لجان النزاهة عن ملاحقتها، وكل تصريحات الشيخ السليطي لن يكون لها نفع في ظل الظروف الحالية، فهو الآخر لن يستطيع فعل شيء. أما كذبة اللجنة الفلانية، وبدعة التحقيق الفلاني فكلها ممارسات هدفها ذر الرماد في العيون. نعلم وعن قرب أن المحافظ العيداني جاء في الوقت الضائع، وهو الحلقة الضعيفة وغير المناسبة لكسر الطوق الذي تفرضه الاحزاب الحاكمة بآلياتها العتيدة على حصون الفساد، والتي احكمت غلقها على مفاصل المال والمشاريع، لذا لن تشهد المدينة حلولا حقيقية في فترة حكمه الحالية.
لمعرفة اللصوص الحقيقيين يتوجب على حكومة المركز-إن أصدقتنا ذلك- ارسال فريق عمل كبير ورفيع المستوى، في عملية وطنية نوعية هدفها الأول معاضدة ومناصرة المحافظ الجديد، في مهمته العصيبة، ومن ثم الوقوف على حقيقة ما جرى على المدينة، التي إنهار اقتصادها وأفلست خزينتها، سعياً وراء كشف المتهمين الآخرين، ليتم تقديمهم للعدالة اسوة بالبزوني. كل مال سيدخل خزينة البصرة سيكون عرضة للضياع ثانية وثالثة، ما لم تقف الحكومة الفدرالية على آلية صرف وضياع المال السابق على أيدي النصراوي والبزوني واعوانهما، وهم كثيرون، أولئك الذين ما زالوا في مراكزهم، بعيدين عن الشهبات والمساءلة.
إذا كانت الحكومة مازالت منشغلة بمحاربة داعش في مناطق مختلفة من الوطن وتعاني هي الأخرى من أزمات سياسية ومالية فضلاً عن دخولها في مشاكل جديدة مع الاقليم فهذا يعني انها لن تمد يداً تعين البصرة على ما أصابها، وإذا كانت المساعدات المالية مثل الـ 100 مليون دينار التي ستمنحها وزارة النقل شهرياً والمساعدات الأخرى قادرة على حل الأزمة التي تعاني منها مستشفى الأمراض السرطانية فلن يمد أحد يداً لمساعدة دوائر التربية التي اعلنت افلاسها مع بداية الموسم الدراسي الحالي، وما الدوائر والمؤسسات الأخرى بمنأى عن الانهيارات المالية القادمة. إذا لم تخضع المنح والأموال والمساعدات الى طرق صرف صحيحة وإنضباط رقابي فسيكون مصيرها مجهولاً أيضاً، هناك سوسة اسمها (الفساد والعجز الحكومي في قمعه) ما زالت تنخر جسد الدوائر في المدينة.
في ضمير الشعب العراقي يقين يقول بأن طاقم الحكومات في بغداد والمحافظات كلهم فاسدون، ومن لم يكن كذلك، فهو إما مهادن أو عاجز عن فعل شيء، وبذلك تكون عملية الاصلاح مستحيلة. يعمل القضاء العراقي بعجزه الواضح عن ملاحقة مافيات الفساد على إطالة مخالب اللصوص هؤلاء، الذين لا يجد الشعب الخلاص منهم إلا بالمواجهة المسلحة، وهذا ما يخشاه الجميع.
المحافظ.. العيداني والمهمة المستحيلة
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2017: 09:01 م