عباس الغالبيلعل من السمات الرئيسة للعمل المؤسساتي انه لايرتبط بحكومة منتهية ولايتها أو وزير انقضت فترة استيزاره ، بل هو عمل دؤوب مستمر متواصل ، وهذا مانسعى لتحقيقه في تجربة العراق الفتية في هذا الاتجاه .
العمل المؤسساتي الذي يرتبط بالمؤسسة الدائمية وليس بالعنوان السياسي هو ضرورة قصوى للتجربة العراقية في الحكم وادارة تلك المؤسسات، ولعل الحراك الاقتصادي الذي شهده الاسبوع الماضي في زيارة وزير الصناعة الفرنسي على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى ومعه انعقاد منتدى التعاون الاقتصادي العراقي الكوري على الرغم من الايام الاخيرة للحكومة الحالية، ما هو إلا دلالة بارزة على التواصل الاقتصادي مع العالم وعدم توقف الانشطة والفعاليات انطلاقاً من قناعة الجميع بعدم ارتباطها بفترة حكومة انقضت ولايتها وقرب الانتخابات التشريعية العامة في البلاد ، وهو بتقديرنا مؤشر على صواب التجربة والفعل والتواصل وتأسيس لمفهوم العمل المؤسساتي الذي لايرتبط بعنوان أو حكومة محددة بسقف زمني معلوم . يقيناً ان هذا تأسيس لتجربة تسير نحو ترسيخ جدلية المؤسسات الدائمية التي تعمل من أجل العراق لا من أجل الشخصنة والشعارات البراقة التي تلغي المؤسسات وتعمل من اجل حالة وقضية بعينها ولفترة زمنية محددة أيضاً. فالمؤسسات الدائمية هي الضمانة الاكيدة لنتائج مثمرة وناجحة ، فالوزارة حينما توقع اتفاقيات وتبرم عقود مع جهات اجنبية وشركات عالمية هي ليست لشخص الوزير أو الوزارة في العهد الفلاني بقدر ماهي مكسب للصناعة او التجارة او الزراعة العراقية ولفترات قادمة قد لايكون الوزير فيها موجوداً ، مع الاشارة الى ضرورة قصوى ان فترة الست سنين الماضية وبسبب المحصاصة السياسية التي ألقت بظلالها على عمل الوزارات من حيث الرؤى والافكار والتخطيط وحتى الكادر العامل فيها ، وكأن الوزارات تبعث من جديد مع تعاقب الحكومات وهو بدون أدنى شك ما يتقاطع تماماً مع أساليب ومفاهيم العمل المؤسساتي. ولذا فأن الفترة المقبلة تتطلب ترسيخ مبادئ العمل المؤسساتي من حيث الافكار واسس التخطيط والتنفيذ والكادر المناسب الذي يعمل من اجل تنفيذ الافكار الستراتيجية وليست المرحلية المرتبطة بعنوان سياسي او فكر مجرد وبذلك نكون قد حققنا التنمية المستدامة التي تعمل بمرور الوقت على تنشيط الاقتصاد الوطني وتخليصه من ريعيته وانغلاقه على النفط كمصدر دخل وحيد.
من الواقع الاقتصادي :العمل المؤسساتي
نشر في: 28 فبراير, 2010: 06:13 م