اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الفنان صاحب احمد يشهد اغتراب مدينته ويسارع الى تجسيد ما تبقى من ذاكرتها

الفنان صاحب احمد يشهد اغتراب مدينته ويسارع الى تجسيد ما تبقى من ذاكرتها

نشر في: 28 فبراير, 2010: 06:16 م

صلاح حسنقد يكون الفنان صاحب احمد الرسام العراقي الوحيد الذي جسد معالم مدينته كربلاء وتاريخها بشكل مختزل دون ان يترك شاردة ولا واردة الا وكان قد مر عليها بعمق وبتعبير في غاية البساطة والاختزال . انه رسام وحفار برع في التخطيطات الصحفية مثل المونتيف بالاضافة الى اعمال الكرافيك والزيت حيث احدث نقلة نوعية ولاول مرة في تاريخ الصحافة العراقية والعربية .
 كانت تفرد له صفحتان من جريدة الجمهورية السابقة والاوبزيرفر البغدادية الصادرة بالانكليزية ليجسد عليها رسوماته المذهلة ، الرائعة في بساطتها واختزالها ومعناها . في معظم أعماله سواء كانت رسما او حفرا تبدو ذاكرته مليئة بالحكايات الشعبية عن هذه المدينة المتشحة بالسواد والبكاء والعباءات والشناشيل والازقة والقصص والتاريخ . درس صاحب احمد الرسم في اكاديمية الفنون الجملية واكمل دراسته في الطباعة والكرافيك في اميركا في معهد اوتس في ولاية لوس انجلس عام 1982 . برع الفنان في فن الكرافيك واقام علاقات بالوسط الفني الامريكي وعمل حفارا في اشهر مشغل للكرافيك بدفع من استاذه الهندي الاحمر الذي اشاد بفنه ونظرته الحادة في التقاط الاشياء والتعبيرعنها بكل بساطه واختزال . بعد عودته من الدراسة تفرغ للرسم وللصحافة حيث يحدث لاول مرة ان تنشر الصحف العراقية رسوماته على صفحتين من جريدة الجمهورية التي عمل فيها رساما طيلة عقدين او يزيد ، وقد حدث ذلك ايضا مع جريدة الاوبزرفر العراقية الصادرة بالانكليزية ، بالاضافة الى مشاركاته الواسعة في اغلب المعارض العراقية والعربية . في مدينته العتيقة ذات القصص والحكايات الشعبية يهيم الفنان صاحب في الضواحي والازقة الباردة هربا من لهيب الحر العراقي المزعج متأملا ومستذكرا اسماء شخوصها ومناقبها واسماء نساء شكلن موضوعا اثيرا وممتعا في ذاكرته . يمر صاحب بصمت وهو يرى المدينة التي كونت عوالمه واسلوبه وقد اصبحت اكبر مركز تجاري في العراق بعد عام 2003 . انها مزدحمة وضاجة بالمحلات التجارية والمطاعم حيث يرتادها ملايين الزائرين طيلة ايام السنة ، هذه المدينة فقد ت ميزتها وخصوصيتها . اختفت المقاهي والحارات بأزقتها الضيقة وشناشيلها الجميلة بعد ان استولى التجار على المدينة وحولوها الى مخزن كبير لبضاعتهم ، لم يعد فيها متسع للتامل فقد غادرتها القصص وغادرها الشخوص مثل حسين الكواز وعلي الصليني والشيخ هادي صوت كربلاء الهادر . يمتلك الفنان صاحب احمد قدرة عالية على تامل اشكاله وادواته اذ ان لديه القدرة على تجسيد ايقاعات مختلفة وانشاءات متعددة ومن منظور مختلف حتى كأنك ترى فيلماً سينمائيا امامك من زوايا عدة . ورغم تعدد انشائه تكويناته الا انها شديدة الاختزال والتعبير حيث تحتشد الخطوط بكل نضجها وتعددها . اما الوانه فهي مستمدة من جمال المدينة العتيقة وما يحيطها من بساتين الفاكهة حيث كون عالمه الابدي الذي مازال يتغنى به رغم الزحام وقلة الحركة . برغم هذا ترى اعماله ضاجة بالحركة والديناميك مع ان ابعاده محسوسة وتكون اجمل اذا صاحبها تعليق للفنان وتسميته لشخوصها وازقتها . في قسم آخر من أعماله نشاهد الكثير من الخطوط وكأنه يترك للمشاهد حرية التعبير مع ما يتناسب من خطوط والوان واشكال . اما في اعمال الحفر فتوحي اعماله وكأنها نسجت من قطعة سجاد او نسيج اسلامي قديم مررعليها الفنان حرفا هنا او زخرفا هناك او حتى اشارة وهي منفذة بأكثر من تكنيك ومعالجة كما هو الحال في اعمال الحفر على الزنك التي لا تفترق كثيرا عن روحية تخطيطاته . انه يختزل ويكثف كما في مجمل اعماله عندما يدخل الحرف مرة او الافريز الاسلامي للتحلية او لتجسيد اثر ما من تاريخ مفقود او في طريقه الى الاندثار بعد زحمة المدينة التي لم يعد يجد فيها الفنان متسعا لافكاره واعماله ، لهذا تراه اليوم ينتقل هنا وهناك على امل العثور على ضالته التي طالما اتعبته وافسدت عليه حياته . اقام الفنان صاحب احمد الكثير من المعارض في امريكا وبغداد وتونس والاردن ويستعد لانجاز معرض كبير يضم لوحات متعددة التقنيات يصور فيه المعالم التي بدأت تختفي من المدينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram