اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > وجهة نظر :ثقافة الداخل ثقافة الخارج

وجهة نظر :ثقافة الداخل ثقافة الخارج

نشر في: 28 فبراير, 2010: 06:19 م

خضير اللاميإن تقسيم ثيمة ما يسمى ادب الداخل ، وثيمة ما يسمى ادب الخارج ، هو تقسيم افتراضي ، لدى بعض المثقفين والأدباء وبعض النقاد، وانهما ؛ ادب واحد ، لا يمكن فصل احدهما عن الآخر ، إنهما توأمان ، باستثناء اختلاف الأساليب والثقافات والتجارب لكل منهما، وكلاهما عبرا عن هموم ومعاناة وضمير الوطن ، ولو اخذنا على سبيل المثال ،
روايتين أحداهما من الداخل والاخرى من الخارج ، ووضعنا مؤلفيهما احدهما بدل الآخر ، وقراناهما ، لما لاحظنا فارقا شاسعا ، ولما ميزنا بينهما ، اي رواية تعد من ادب الداخل والأخرى من ادب الخارج. انهما روايتان عراقيتان بامتياز .. وهذا ينطبق على الاعمال الأدبية والإبداعية الاخرى .اذن ، ما قدمه الاديب في الداخل للوطن ، يقدمه الاديب للوطن في الخارج ..وهذه ثنائية عراقية خالصة .. اذن من العسف ان نقسم او نشطر الثقافة العراقية الى شطرين ، كما لو اننا نشطر توأمين ملتصقين بعملية جراحية تؤدي الى موتهما في ان واحد ، ذلك ان الثقافة العراقية ومنذ العصور الاولى لنشوئها هي ثقافة واحدة تعبر عن شعب واحد بكل اطيافه واثنياته ، وهي رافقت مراحل نضال الشعب العراقي ضد الطغيان والاستبداد وعبرت بروح صادقة عن اصالة هذا الشعب، كما عبرت عن اصالتها الابداعية والادبية سواء كانت هذه الثقافة في الخارج او الداخل . وبقيت مشعلا ينير للوطن دروبه .ذن كيف ظهر هذا المفهوم المفتعل ، ومن يقف وراءه ، وما الهدف منه ، هل ثمة اغراض سياسية براغماتية تريد ان تضرب على وتر حساس ،او تدق اسفين لتحقيق منافعها ؟ هناك من يشم مثل هذه الرائحة التي تنتشر بين اوساط بعض المثقفين العراقيين في الداخل والخارج، واحيانا تزكم هذه الرائحة الانوف. وقبل ان نضع اصبعنا على الجرح ، لا بد لنا ان ننظر من حولنا ونسمع لغطا وهمهمات بين بعض اوساط المثقفين سواء كانوا في الداخل او الخارج . هنا من يقول ماذا فعل ادباء الخارج وماذا قدموا للوطن وهو في محنته ؛ ومنهم من يتهم بان ادباء الخارج هم يمارسون حريتهم في بلدان الحرية وغضوا الطرف عما يعاني منه اقرانهم في الداخل. ومن الطرف الاخر ، هناك ، من ادباء الخارج ، من يقول ، ان ادباء الداخل تواطأوا مع النظام الدكتاتوري وراحوا يكتبون على وفق اجنداته في الحروب والغزو من قصص وروايات وقصائد ومقالات .. ما السياسي في الخارج والسياسي في الداخل اللذين كانا يعارضان النظام الدكتاتوري ، فانهما كما يبدو بعد السقوط ، ادارا ظهريهما للمثقف في الخارج الذي هرب من جور النظام والمثقف في الداخل الذي بقي تحت مطرقة النظام ، ولم يفكر بعقد مؤتمر ثقافي يجمع المثقفين في الداخل والخارج ، لمعالجة ثقافة الخارج – الداخل ،باستثناء فترة استيزار وزير الثقافة مفيد الجزائري الذي استعان بكوادر الثقافة التي عقد فيها مؤتمراً المثقفين وصدرت قرارات هامة ، لو طبقت لكان امر الثقافة العراقية الان شانا اخر . والغيت تلك القرارات بعد مجيء وزيرامي للوزارة. وبلغ الامر بالسياسي ان يهمش المثقف في الخارج والداخل معا ، باستثناء من انتمى الى احزابهم ، او حاباهم . او من يدافع عن اجندتهم. ليس هذا حسب ، انما السياسي استهان بوزارة اسمها وزارة الثقافة التي تعنى بالشأن الثقافي العراقي وبخاصة ،في مرحلة حساسة جدا في تاريخها ، فرصد لها ميزانية هي اقل ميزانية في الوزارات بحيث اصيبت فاعليتها بالشلل ، وعز عليه ان يعين وزيرا من الوسط الثقافي لتحتل الثقافة مكانها الطبيعي ؛ انما اختار لها وزيرا يعنى باالطائفية قبل عنايته بالثقافة، واخر امام مسجد يمارس الارهاب والقتل ، ووزيرا ثالثا وزيرا للبروتوكولات حسب. وعلى كل حال ،ان المثقف في الداخل والمثقف في الخارج ، كلاهما يجاهران باختلافهما عن غيرهما، الوطن مستقر في وعيهما ، يحيلانه معهما في حلهما وترحالهما وبقائهما، لا يبارحانه مهما نأيا عنه ، ومهما كانت المسافات تبعده عنهما ، يرونه في بواطنهما ، يتمليان صورته كما يرى نرسيس صورته في بئر صافية.هما الوطن يسكن عقولهما ، وياخذ باهتماماتهما . عطاؤهما الابداع له ، لا يحده فضاء ولا تسوره جغرافيا ، هما لا يشبهان غيرهما في عطائهما له، يحملان همهما صليبا على ظهريهما ، كدعبل الخزاعي . يحطمان شرنقاتهما حينما ينأيان عنه ، يحلمان في فضاءاته ، روح ترفرف فوق ترابه ، فوق مساقط ولادتهما ، مشدودان لارحامهما التي انزلقا منها ، تلامس أجسادهما الغضة الأرض الطاهرة ، انهما توأما الوطن ، لا انفصام عنه، هذا هو قدرهما . اينما رحلا ، هاجرا ، لجئا ، بقيا في الوطن ، مزيتهما انهما يختفيان خلف عطاءاتهما الإبداعية ، لا يشبهان المهن الاخرى ، انهما يمدان ايديهما للوطن ، وهما في أقصى زاوية من الكون او في وطنهما، انهما يجاهران بامتيازهما عن الآخرين ، لا يبحثان عن مكان لهما في العالم ، كما الآخرين ، انهما يتخليان عن كل شيء الا الوطن ،تحفة إبداعهما . واستثناء من هذا ، من كان عاقا لرحمه ووطنه وتاريخه .. واستثناء من ليس له حساب في مجال الخلق والابتداع ، والعطاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram