TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وماذا عن الرؤية لمستقبل العراق؟

وماذا عن الرؤية لمستقبل العراق؟

نشر في: 22 أكتوبر, 2017: 05:18 م

adnan.h@almadapaper.net

 

قبيل ساعات من انطلاقه بجولته الإقليمية التي بدأها من السعودية، أعلن رئيس مجلس الوزراء حيد العبادي عن "مشروع رؤية عراقية لمستقبل المنطقة" بأبعاد تنموية واقتصادية، وهذه بطبيعة الحال مبادرة جيدة، فما من دولة في إمكانها العيش بكرامة وسلام من دون علاقات ودّية مع جيرانها.
تاريخ العراق يقدّم أقوى شهادة على هذا، فقد عانينا الويلات والكوارث والمحن بسبب سوء العلاقات مع جيراننا في العهود المختلفة، وبخاصة عهد نظام صدام حسين، بل الأمر متواصل حتى الآن، فعلى مدى السنين الأربع عشرة الماضية لم تكن علاقاتنا بكلّ جيراننا ودّية، ما أثّر سلباً على حياتنا.
رؤية العبادي تقترح إطفاء النزاعات المدمّرة ووقف سياسات التدخل المُذكية للصراعات والمتسبّبة في نزيف الطاقات البشرية والطبيعية وضياع فرص التنمية والتقدّم، والعمل بشكل مشترك لبناء المصالح والاقتصاديات بشكل تكاملي، والسعي لتأسيس علاقات دائمة وعميقة وراسخة بين شعوب المنطقة وعدم قصرها على العلاقة بين الحكومات، وإعطاء الأمل بدل اليأس للشباب وعدم تركهم نهباً للإرهاب والفكر المنحرف، بتنفيذ برامج توفّر لهم فرص العمل ممّا يعطي قوة وزخماً باتّجاه إصلاح المجتمعات.
وتدعو الرؤية الى الاتفاق على برنامج تنمية شاملة والاستخدام الامثل للطاقات والتنسيق لنهوض المنطقة ككل لعدم إمكانية تحقيق الأمن والسلام والرفاه في المنطقة ببقاء الهوّة كبيرة بين شعوب غنية وأخرى فقيرة، وكذلك العمل جدّياً بأن يكون لدول المنطقة صوت مسموع ومؤثر في صناعة القرار على كل المستويات العالمية والإقليمية.
هذه رؤية سليمة للعلاقات الإقليمية، لكن ينقصها شيء مهمّ للغاية، يتعلّق بالعلاقات الوطنية، إن على صعيد العلاقة بين الدولة والمجتمع، أو على صعيد العلاقة في ما بين المكوّنات الاجتماعية (الإثنية والدينية والمذهبية) والجماعات السياسية. أفضل العلاقات مع الجيران وسائر دول العالم ليس في وسعها تحقيق السلم الأهلي وجلب الأمن والتنمية في غياب علاقات داخلية غير متوازنة، لا تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية والمتكافئة في الحقوق والواجبات. العكس هو الصحيح، فالسلم والاستقرار والتنمية داخلياً تنعكس إيجابياً على العلاقات الخارجية. علاقات نظام صدام وسياساته العدوانية حيال جيران العراق كانت تجسيداً ناصعاً لعلاقاته العدوانية في الداخل وعدم تصالحه مع شعبه.
فيما يطرح السيد العبادي رؤيته الصائبة للعلاقات الاقليمية، كان يتوجّب عليه طرح رؤية للعلاقات الداخلية تسبق أو في الأقل تتزامن مع الرؤية الإقليمية. نحن، دولة ومجتمعاً، نواجه اليوم أزمة خطيرة للغاية، هي نتاج للسياسات الخاطئة التي اُنتهجت في السابق وللتمسّك بعملية سياسية لم تعد، بل لم تكن في الأساس، صالحة للعراق ولم يبق أحد من صنّاعها لا يذمّها.
الأزمة الحاصلة مع إقليم كردستان العراق ما كان لها أن تنفجر على هذا النحو الخطير لو كان قد أُعيد النظر في العملية السياسية وأُجريت الإصلاحات المطلوبة عليها، من تعديل الدستور إلى تشريع القوانين اللازمة لبناء الدولة، وهي إصلاحات تضمّنها برنامج حكومة العبادي ثم الحِزَم الإصلاحية التي قدّمتها الحكومة ومجلس النواب قبل أكثر من سنتين، ولم يتحقّق منها شيء ذو قيمة.
رؤية عراقية لمستقبل العراق متوجّبة ومستحقة قبل أو بالتزامن مع الرؤية الإقليمية التي لن تُكتب لها الحياة من دون الرؤية الداخلية السليمة لمستقبل دولة العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram