التقيت به في أحد المقاهي، وكان عصبياً جداً ويتهم زوجته بالخيانة فقلت له، لا تكن خصماً وحكماً يا صديقي، قل لي أولاً ماذا حدث؟ أجابني، نسيت الموبايل الخاص بها ذات يوم وخرجت الى عملها، كان هذا اليوم يوم إجازتي. رنَّ الموبايل عدّة مرات متتالية، سمح
التقيت به في أحد المقاهي، وكان عصبياً جداً ويتهم زوجته بالخيانة فقلت له، لا تكن خصماً وحكماً يا صديقي، قل لي أولاً ماذا حدث؟ أجابني، نسيت الموبايل الخاص بها ذات يوم وخرجت الى عملها، كان هذا اليوم يوم إجازتي. رنَّ الموبايل عدّة مرات متتالية، سمحت لنفسي لأوّل مرة أن افتح الموبايل الخاص بها،كانت رسالة من مقاطع عدّة، الرسالة من رجل يخبرها أنه عاتب عليها لأنه لم يرها منذ شهرين، ويحلّفها بأيام الحب الجميلة وألا تكون قاسية معه في هذه الدنيا!.
صمت (ح) وهو يلقي برأسه فوق كفّ يده وكأنه قد ألقى القفّاز وسقط فوق الحلبة، وعدت أحاوره قبل أن تتشتت أفكاره، هل واجهتها؟ وماذا قالت عن هذا الرجل؟ قالت إنه خطيبها الأول حينما كانا يدرسان معاً في كلية الطب!، سألته هل كنت تعرف أنها مخطوبة؟ نعم، لكني لم اهتم بالتفاصيل، فلا شأن لي بالماضي... لكن أن تدب الحياة في الماضي ويعيش معنا الحاضر، فهذه هي الخيانة!، ماذا قالت هي لك؟ خطيبها كان قد نجا من الموت بإعجوبة في حادث سيارة تهشمت تماماً وهو بداخلها، أخرجوه من أشلائها مجرد قلب ينبض وجسد تهشمت فيه العظام وشُلّت حركته، ومنذ ذلك اليوم وهو يرقد في بيته على سرير متحرك. يصمت (ح) مرة أخرى، يلتهم سيجارته في انفاس متلاحقة عدّة، يبتلع ريقه الجاف ثم يستطرد قائلاً في أسى، أعرف أن زوجتي لا تكذب، ربما هذه هي ميزتها الوحيدة عندي كإنسانة، لأنني اسقطتها من حساباتي كزوجة!.. اعترفت لي بأنها تزوره بين الحين والآخر من باب الشفقة لا أكثر، قلت لها إنها اسوأ أنواع الشفقة!. قالت لي لا تنسى أنني طبيبة!. قلت لها: ولا تنسي إنك زوجة!. قالت لي هو قال في رسالته، إنه بقايا رجل..! قلت لها إنه قال أيضاً إنك الإنسانة التي لا مثيل لها في مشارق الأرض ومغاربها، قالت لي، إنني اتهمها في رجل صار في عداد الموتى، قلت لها، لكن قلبه ما زال ينبض بحبك، وانت تساعدين هذا القلب في أن يظلّ حبك حياً فيه!، شعرت بـ(ح) يحدثني بأن قلبه هو الذي سيتوقف من فرط الحزن الذي يملأه، كنت أعرف أن هناك جملة في الرسالة هي التي تمزق (ح) فلم أشأ أن أسأله عنها، لكنه هو الذي أراد أن يختم بها المواجهة التي دارت بينه وبين زوجته.. قال لي وهو يتنهد في حرقة وعن القبلة التي لم تكتمل. قالت لي (س) إنها فوجئت أيام الخطوبة بخطيبها يغافلها ويحاول أن يسرق منها هذه القبلة، لكنها حشدت كل أسلحتها ومنعت هذه الهجمة وهي تقنعه إن هذا النوع من الحب لن تمنحه تأشيرة المرور إلا بالزواج!. هكذا برّرت (س) الموقف بأن أيام الحب لم تشهد سوى مشروع قبلة لم تكتمل، ولم تطلبها أو ترحّب بها!. سألته في محاولة لكي تبرّد ناره، وهل تعتبر زوجتك خائنة.. يا (ح) !؟، أجابني، هي ليست خائنة وليست بريئة، إنها شبه خائنة!... ولست بحاجة لهذا النوع من النساء! قلت له، لا تظلمها يا (ح)!، المحكمة هي التي ستفصل بيني وبينها!، قلت له، ربما تخسر أنت القضية، فليست هناك أية خيانة منذ تزوجتك (س)؟، أجابني، الخيانة ليست مقصورة على الجسد، سوف أثبت أنّ خيانة المشاعر أقوى وأبقى، وهي سوف تثبت أنك قد خلطت بين الشفقة والخيانة والواجب المهني لرسالة الطبيبة! أجابني، إذا لم تنصفني المحكمة سأحكم أنا على (س) بالطلاق!، فشلت كل محاولاتي لثني صديقي عن الطلاق، وأن يعرض على زوجته قطع علاقات (الشفقة) بهذا الإنسان بالذات.