استطاع الفنان والخطاط "مروان العريضي" استحداث الألوان في الفن الزخرفي والخط الذي يمكن تجديد أشكاله الكترونيا. ليكون بمثابة الثورة في تحديث الفن الزخرفي، ومنحه الطابع الذي التزم به طيلة قرون، وانما بتحديثات مزج من خلالها ملايين الالوان مع اشكال الخطوط
استطاع الفنان والخطاط "مروان العريضي" استحداث الألوان في الفن الزخرفي والخط الذي يمكن تجديد أشكاله الكترونيا. ليكون بمثابة الثورة في تحديث الفن الزخرفي، ومنحه الطابع الذي التزم به طيلة قرون، وانما بتحديثات مزج من خلالها ملايين الالوان مع اشكال الخطوط. لينتج هذا العمل في فن الإخراج الزخرفي والكتابي للقرآن الكريم. من حيث التكرار والتناظر والتناوب والتقابل وحسن التوزيع الخ . اذ اعتمد لايجاد هذا الكم من الزخارف والرسومات والتصاميم على المعطيات التي بحث عنها ليحافظ على اسلامية العمل بمعنى لكي يستطيع المتلقي إدراك إنه أمام عمل اسلامي مستحدث، مما اضطره الى ادخال بعض الزخارف من غير حضارات، منها أوروبي وصيني. كما استطاع الوصول الى كل الحضارات الفنية تقريبا . ليساعد بذلك في نقل كافة الحقب الفنية الاسلامية من الأمويين والعباسيين والعثمانين والاندلس الى الفرس حتى المغرب الغربي والبربر والطوارق. للأخذ من أعمالهم الفنية ،التي لم يكن من السهل الوصول اليها. اضافة الى تأثير الفن الخليجي الهندي على الفن الخليجي مثل فن العمارة في الامارات والخليج العربي. لهذا السبب تكرار بعض الأشياء كان أشبه بتناغم بصري ساعدت تقنية الكمبيوتر في استحداثه ومع الفنان والخطاط "مروان العريضي" أجرينا هذا الحوار.
* ما الذي اختلف في مستوى الاداء الزخرفي الكترونيا؟.
- اعتبر ان تأثير الكمبيوتر القوي والفعال كان السبب في تحسين الفن الزخرفي وتسهيله، من حيث العمل على الشاشة وبواسطة الماوس (الفأرة) التي يمكننا من خلالها التعديل، وهذا يختلف عن الورق وصعوبة التعديل عليه بينما سهولة التصحيح واعادة الترتيب على الشاشة ، كما انها تسمح لنا أن نستعرض عدة ألوان عندما يصبح أمامي 16.4 مليون لون على باليت التلوين، وأنا اختار واقوم بعدة اختبارات لمعرفة الألوان التي تتناسب مع كل شكل، وهي فعلا ثورة مستحدثة في الطباعة والرسم وساعدتني كثيرا. انا كنت مصمم قبل أن يبدأ الكمبيوتر بدأت ذلك في الثمانينيات والكمبيوتر وصل أواخر الثمانينيات ، كنا نصمم وننفذ بطريقة تقليدية على المسطرة والتلصيق والتلوين، وأحيانا نضطر لقبول لون معين ببساطة لانه يصعب تصحيحه. أما على الكمبيوتر تغيرت هذه الأمور واعطتنا الحرية التامة في اختيار الالوان والعمل والرسم مثلا إن أردت رؤية حرف معين أستطيع تكبيره أكثر من ألف مرة على الشاشة، وأستطيع رؤيته وتدقيقه من خلال قواعد الخط العربي، فالكمبيوتر ساعد كثيراً عبر هذه التقنية على تطوير وتحديث الفن الزخرفي.
* ما الصفات الزخرفية التي احتفظت بها من خلال هذا الاسلوب القديم - الحديث؟
- خدمت الحقب الفنية الاسلامية بكل تحفظ وصدق، وكنت بمثابة الشاهد الحي عليها وأعدت ترتيبها، واذا اتفقنا إن الفن تواصل ولم نبتكر شيئا فيه. نحن فقط نقوم بالتطويروالتحديث هكذا كان قبل العصور وهكذا سيكمل عبر المستقبل ، وما فعلته هو ادخال بعض الالوان المستحدثة . حياتي المهنية كلها ودراستي كانت في الولايات المتحدة، وهذا ساعدني على اختبار الألوان أكثر وأرى في حقل الدعاية والاعلان والتصميم أكثر مما لو كنت في الدول العربية . هذا يساعد ولكن بما اني عربي ومسلم كان لي الشغف والاحساس المختلف تجاه الفن الاسلامي والعربي الشرقي، وما حاولت القيام به هو تخفيف صعوبة البحث عن رسومات زخرفية بمعنى كنت في مجال ايجاد 114 سورة من القرآن الكريم، ويجب كل سورة أن تختلف عن الأخرى والزخارف العربية محدودة جدا من حيث النوعية ومن حيث تواجدها . لم يجرِ لها النقل وكان يوجد بعض المتاحف فقط التي أخذوا منها بعض الأعمال من الجوامع ومن الرسومات ومن المصاحف وعملوا منها رسمة أو أكثر او حقبة فنية محدودة جدا، لم يوجد اي كتاب شامل يعطينا الكل ، وكثير من الحقبات الفنية كانت مخفية ولم تظهر للعين أو بالاحرى لم يتم تفسيرها ورسمها واعادة احيائها لنتعرف عليها كما فعلوا بالفن الفيكتوري في القرون الوسطى في أوروبا كل هذا موجود وموثق، بينما فنوننا للأسف كانت ضائعة وما جربت القيام به هو الدخول الى القديم واعدت له الحياة باسلوبي الخاص وطعمته ببعض الأعمال الغربية. لكنني دائما أحافظ على التقليد الاسلامي الكلاسيكي لأن همي الأول أن يعشق المشاهد العمل ويحب التغيير الذي قمت به ولا ينفر منه والحمدلله نجحت في مجال التلوين أو في مجال الشكل والمشاهد سيلمس الدقة والتناسب في العمل، وهذا ما استطعت الجمع به وهو الأخذ من القديم وإعادة إحيائه واضفت عليه جمالية مستحدثة وايضا لم تتنافر مع المشاهد التقليدي المسلم.
* ما الصعوبات التي واجهتها في قواعد التركيب للنظم الزخرفية لتتناسب مع الخط بصرياً ؟
- بصراحة لم اواجه صعوبات إنما بعض التعب والجهد . كان الشغف والحب هما الدافع لهذا العمل، لانه استغرق وقتاً طويلاً، وتتطلب الصبر ورباطة الجأش لأستطيع اكماله، لانه عمل دقيق جداً، ويحتاج للصبر الدؤوب ومع المعرفة والخبرة لأستطيع الوصول للهدف. اما بالنسبة للخط عندما بدأت برسم المصحف الكريم وصلت الى ثمانين زخرفة أو تصميماً وهو كناية عن شكل كامل لكل سورة، وعندما وصلت الى الثمانين فكرت توقيف العمل قليلا، ومن ثم استكماله مع خط يتناسق مع هذه الرسومات أو خط يرتفع الى مقام هذه الرسومات، وتليق بمقام الكتاب الشريف. هذا ما قمت به وفي هذا الاتجاه بدأت لأني ايضا استخدمت التاريخ في الموضوع، لان كتابات الخط الكوفي هو خط جميل، لكنه هندسي الشكل وهو جاف نوعا ما ويصعب قراءته كنص يصلح فقط للعناوين. أخذت بعض الجماليات من هذا الخط، وكذلك الخط الديواني وهو كناية عن خط يدوي جميل جدا. لكنه صعب القراءة، لانه يحتوي على حبكة وزخرفية ودمجتهما مع بعضهما واستطعت إيجاد خط فيه من الزخرفة والجمال ما يبرزه وبنفس الوقت فيه من الوضوح ما يسهل قراءته، وهذا ما وصلت اليه . استغرقت فيه عدة شهور هذا الخط بالاضافة اني وضعت عليه النزلات الفاسية المأخوذة من الخط الكوفي القيرواني في المغرب، وتدعى بالفاس نسبة الى مدينة فاس وميزتهم بشطب حرف الواو نزولاً وحرف الدال وما شابههم . استخدمت هذه المفاهيم اضافة الى الخط المرسوم مثل الزخرفة أوالزهرة مرسومة بمعنى جمعت الأحرف كاملة وبمختلف الوضعيات مثل الحرف اول الكلمة ووسط الكلمة وآخرها وبشكل مستقل، وكل هذه صعوبات لانها اقتحام لمجال جديد القرآن يتطلب تشكيلاً خاصاً به ، وكتابة خاصة به. لهذا يجب توخي الانضباطية التامة ولا يجوز الخطأ في القرآ ن لا في الشكل ولا في الكتابة، لهذا جهزت كل هذه الخطوط ورسمتها باليد. فالصعوبات هي في هذه الحلة الجديدة.
* أخذت البسملة عدة أشكال تبعاً للسور القرآنية ما الهدف من ذلك؟
- طالما نحن في سبق فني حاولت بذل المزيد من الجهد لتحقيق الهدف، فكل سورة من القرآن تبدأ بالبسملة ما عدا سورة التوبة التي لا تبدأ بالبسملة وانما تحتوي عليها، والفكرة هي أن أرسم لكل سورة بسملة مختلفة وفي هذا استعرض بشكل كامل لكل الخطوط العربية القديم منها والحديث جدا، وهكذا أمنح كل سورة جمالية خاصة بها، واخترت كل هذه البسملات لتتناسب مع الصورة بعض من هذه البسملات مأخوذة جزئيا من فنانين. لكن طوّرتها ومنحتها الشكل، ولهذا استعنت بما كتب من قبل وأعدت صياغتها وترتيبها وتحسينها وتجويدها، وأضفت على البقية من أعمالي وتصميمي ووضعت كذلك بعض الكتابات الحديثة بالخط العربي ويمكن تسميتها بالموسوعة بالرسم والزخرفة والخط في هذا الكتاب.
* حجم العمل كبير جداً إن صح القول ماذا تقول عن مراحل صعوبته ؟.
- العمل استغرق عشر سنوات كاملة وبما إني امتلك شركة وفيها موظفين كان الجزء الكبير من وقتي مصروف على نص كتابة المصحف، لأني كنت قد حددت الهدف وطبعاً جزء كبير من ساعات اليوم احتجتها لأنهي أعمالي وأعطيت ما بين ست أو ثماني ساعات لهذا العمل الفني لفترة عشر سنوات والوقت الزائد كان في صياغة النص لأني كنت أرسمه رسماً كما قلت سابقا ، ولأني حاولت تجنب الأخطاء وتطلّب الكثير من الوقت، وكنت أشعر بحالة نشوة وفرح رغم تعقيداتها والحمدلله بعون الله تعالى وتم العمل بجمال وبخير
* ما الذي منحته هذه الابتكارات البصرية للسور والآيات وبشكل عكسي أيضاً؟
- ما قمت به هو إيجاد شكل جديد للفن الاسلامي وهو تقليدي مستحدث، بألوان نوعا ما غير مالوفة لمجتمعنا لكنها ألوان جميلة لاقت الاستحسان من المتلقي بنسبة كبيرة، فالعمل يتميز بتنسبق الالوان وبمهارة. ربما لاني مسلم شرقي درست في اميركا وهذا اضاف لي هذا الابتكار في الدمج . ودرست هذا الفن في اميركا ودخلت على حقباً فنية ، وتعلمت كل الزخارف في العالم هذا ساعدني في تكوين صورة حديثة للفن الاسلامي
* في رأي الخاص أنتَ وضعت مدرسة او الأسس الاخراجية لفن الخط والزخارف الالكترونية وهذا يحتم عليك التطوير المستمر والخروج بابتكارات دائمة؟
- حلم أي فنان او أي مصمم أن يكون له مدرسته الفنية، ولكي يتميز الشخص يجب أن يجد الاسلوب الذي يعتمده ويميزه واعتقد اني وصلت لهذا وبصفتين أولا تصميماتي وثانيا الكمبيوتر الذي سمح لي الخوض في مجالات يستحيل الوصول اليها سابقا واعتقد إني استطعت الوصول الى الاسلوب المستحدث في فن الكتاب والزخرفة، ويجوز اعتماد هذه المدرسة الجديدة من حيث اللون والانتاج، وهذا ما فعلته في كتاب في" رحاب فن الزخرفة الشرقية " وهو كتاب توثيقي فيه كل المراحل التي مر بها تكوين رسم وزخرفة القرآن الكريم.