وأنا أقرأ روايته (السراب الأحمر – سيرة حياة هشام المقدادي) الصادرة طبعتها الأولى عن (دار المدى للثقافة والنشر) عام 2007، والتي هي فصل من رباعية روائية خطها يراع الأديب الكاتب متعدد المواهب والإمكانات علي الشوك، أقول وأنا أقرأ الرواية التي كتبتُ
وأنا أقرأ روايته (السراب الأحمر – سيرة حياة هشام المقدادي) الصادرة طبعتها الأولى عن (دار المدى للثقافة والنشر) عام 2007، والتي هي فصل من رباعية روائية خطها يراع الأديب الكاتب متعدد المواهب والإمكانات علي الشوك، أقول وأنا أقرأ الرواية التي كتبتُ عنها نقداً عنوانه (علي الشوك روائياً. هل آلت آمال هشام المقدادي إلى سراب حقاً؟)
وكان يصعب عليّ فك الاشتباك بين السرد الروائي، وكتابة السيرة الذاتية، وكنت أرى فيها امتياحاً من السيرة الذاتية وهو الذي تأكد عندي وأنا أقرأ كتابه الموسوم بـــ (الكتابة والحياة) الذي أطلقته دار المدى بطبعته الأولى عام 2017، إذ كنت أقرأ فيه إشارات صريحة إلى اعتماد روايته على سيرته الذاتية وهو ما يعرف في عوالم النقد بـــ(التعالق النص الأحالي) لذا سعدت حقاً وأنا أحضر وقائع مؤتمر السرد الثاني دورة عبد المجيد لطفي يومي الجمعة والسبت 5 و 6 من شهر أيار / 2017 والمنعقد في فندق كراند كريستال / الشيراتون. ببغداد أقول سُعدت وأنا استمع للدراسة النقدية التي ألقاها على مسامعنا الدكتور شكري خليل هياس وعنوانها (التعالق النصي الإحالي. قراءة بين سيرة جبرا إبراهيم جبرا وبين رواياته) وسأعود لأقرأها في الكتاب الذي أصدره الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، واحتوى الدراسات النقدية كلها التي ألقيت في يومي المؤتمر، إذ يذكر الدكتور شكري وهو يدرس التعالق النصي بين النصوص الذاتية (أي تلك التي تحدث بين النصوص التي يكون فيها مؤلف النص السابق، هو مؤلف النص اللاحق، وتأتي أهمية هذا الموضوع في النص الروائي من أنه يقدم رؤية قرائية داعمة للنص الروائي، فيمكن القارئ من كشف اللثام عن بعض مغاليق النص، أو إضافة قراءة تكميلية للنص الروائي....” تراجع ص 78 من كتاب (الساردرائياً).
إذ ترد كما قلت آنفاً إشارات عدة إلى هذا التعالق النصي أو التواشج بين السيرة الذاتية والكتابة الروائية أو امتياح الرواية من السيرة الذاتية، إذ يذكر في الصفحة 109”أنا الآن في 1987، دعاني نبيل الشوك لأقيم شهراً في الرباط (....) فكانت تلك الزيارة من أجمل (المشاوير) في حياتي، فهناك صرت ألتقي بخالد الجادر (....) وكانت أروع رفقة في حياتي (....) وقد ذكرت كل تفاصيل هذه الرفقة في رواية (الأوبرا والكلب) التي سأعود إلى الكلام عنها فيما بعد.
وسيعود إليها ثانية في الصفحة 170 قائلاً”وقد استفدت من سفرة كريت في رواية (الاوبرا والكلب) التي سأعود إلى الحديث عنها وسيعود للحديث عن (الاوبرا والكلب) التي يعدها أفضل ما كتب ولكنه وإذ بدأ بتدوين مذكراته في سن متقدم، فإنه كان يعاني نسياناً وهذا من طبائع الحياة والأشياء، لذا كان علينا إنجاز ما نريد إنجازه يوم كنا نقوى على ذلك ويحضرني هنا رأي طريف وجاد لأستاذي الدكتور علي جواد الطاهر إذ قرأت مقابلة ثقافية أجريت معه جاء فيها إنه سيتوقف عن الكتابة بعد خمس سنوات، وإذ سأله محاوره عن السبب؟ أجابه أنا الآن في الخامسة والستين، وأرى إن السبعين عمر متقدم فيجب التوقف
فؤاد التكرلي يحثه على نشر رواياته
الأستاذ علي الشوك يعود للحديث عن رواية (الأوبرا والكلب) في ص 231، قائلاً”حين كتبت الأوبرا والكلب في أوائل التسعينيات طمرتها زهاء ست سنوات ثم نشرتها بعد أن استأنست برأي الصديق فؤاد التكرلي، وأيقنت أنها أجمل رواية كتبتها، هل قلت ذلك قبل الآن؟ أرجو المعذرة فأنا متقدم في السن مع ذلك فإنني لم أكتب الرواية التي أحلم بها، مع أنني كنت أشعر أنني قادر على كتابة رواية مذهلة إلا أن هذا لم يحصل ذلك لأنني ضيعت فرصتي في كتابات متفرقة"؟
ويؤسفني أن أجيب عن تساؤل الأستاذ الشوك، نعم لقد سبق وأن قلت هذا على الصفحة 194، إذ جاء فيها قولك”أنا تلقيت ثناء لفكرة الرواية القائمة على الحلقة أو الحلقات المفقودة من السيدة رشيدة تركي، زوجة فؤاد التكرلي في رسالة في عشر صفحات أرسلتها إليّ بعد أن أرسلت المخطوطة في 1998 إلى فؤاد التكرلي بعد أن طمرتها خمس سنوات، ثم شجعني فؤاد التكرلي على نشرها وأنا لم أكن في حاجة إلى هذه التزكية بعد أن ازددت ثقة الآن بأن رواية (الأوبرا والكلب) رواية جميلة جداً ولعلها أفضل عمل روائي كتبته (....).
لقد ظل علي الشوك يتوق إلى كتابة رواية أجمل، أو كما يصفها رواية مذهلة أما لماذا لم يكتبها فلانشغاله بقراءات متشعبة وكتابات متفرقة – كما يصفها هو-.
لقد عجبت من هذه القراءات البعيدة جداً عن مجال إبداعه، فهو فيزياوي ومختص بالرياضيات (دراسة ومهنة) وأديب وكاتب وروائي في مجال الإبداع لكنه يقرأ ويبحث في اللغات القديمة وجذورها وصلتها بالعربية، بالرجوع إلى مجلدات المعجم الآشوري الذي يزوده به الدكتور فوزي رشيد، واللجوء إلى قواميس عبرية وآرامية فضلاً عن دراسات مكثفة في الموسيقى كانت حصيلتها كتاب عن (الموسيقى الألكترونية) نشرته سلسلة الموسوعة الصغيرة، فضلاً عن قراءات في الأساطير السومرية والمصرية، والكنعانية، والعبرية، واليونانية، والرومانية، والعربية، والبحث عن جذر اشتقاقي أو قرينة لغوية لاسم (ليلى).
قراءات متشعبة وكتابات آذته إبداعياً:
وقراءات معمقة في الميثولوجيا، والبحث المضني عن الجذور الأصلية للعديد من المفردات والاصطلاحات، ويظل توقه لكتابة الرواية مؤجلاً، والعمر الإنساني القصير لا يسمح بهذا التأجيل، وحتى لو كتبها فإنه يؤجل نشرها أو (يطمرها) كما يقول هو نصاً، لماذا الطمر، والزمن القاسي يترصد بنا كل مرصد، ألم (يطمر) روايته (الأوبرا والكلب) ست سنوات ولولا حث فؤاد التكرلي لزاد الطمر ولربما لم تنشر!، أيجوز هذا ونحن نسابق الزمن في سيره المتراكض نحو اللا أين؟
كما يحدثنا أنه وجد نفسه مكرساً لاهتمامات أخرى كالموسيقى والفيزياء ويراها مهمة يجب أن تنال حقها من الاهتمام، قبل أن ينتقل إلى عالم الرواية!؟ تنظر ص 106.
مع أنه خلق مبدعاً وكاتباً، وهذه الانشغالات الأخرى أكلت من جرف إبداعه، فالموسوعية في زمننا أصبحت عبئاً على القارئ، وستكون أكثر أذى وعبئاً مضاعفاً على الباحث الكاتب وإذا كان الاستطراد، سمة الكتابة في أيام طفولتها، والجاحظ نموذج له، فإن الزمن المتسارع والمعارف التي تزداد وتتضاعف سنوياً ما عادت تسمح لنا بهذا التشعب والتوسع والاستطراد.
علاقتي الثقافية بالأستاذ عليّ الشوك، تعود إلى أيام مجلة (المثقف) التي تولى إصدارها ومجموعة من المثقفين العراقيين: الدكتور مهدي مرتضى وأمجد حسين، وخالد السلام، وغانم حمدون وهاشم الطعان، التي ما زلت أحتفظ بأعدادها كاملة أهدانيها قريب لي غادر العراق خريف عام 1961 للدراسة في بولونيا، وأيام (الأطروحة الفنطازية) و(الداددائية بين الأمس واليوم). في السبعينيات من القرن العشرين، وحضرت جلسة احتفاء بيت المدى به في 21/5/2015.
وكنت أترقب صدور مذكراته، كتابه (الكتابة والحياة) وكما قلت مِراراً إن للمصادفات شأناً مؤثراً في حياتنا، فلولا طلب صديقه الفنان فيصل لعيبي منه كتابة صفحات في سيرته الذاتية تكون معيناً لفيصل في دراسة روايات الشوك، وكتابة حديث نقدي عنها، الشوك يرسل نسخة من هذه السيرة الحياتية للأستاذ فخري كريم، فكان جوابه عنها دافعاً لكتابة سيرة حياة أوسع وأطول، ولتكون هذه السيرة التي بين أيدينا تنظر. ص266.