TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "فأر" العبادي

"فأر" العبادي

نشر في: 17 ديسمبر, 2017: 05:38 م

أُبشّركم أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي جادٌّ جدّاً وجدّاً في ملاحقة الفاسدين والمفسدين وتقديمهم للقضاء، بدليل أنّ رؤوس الفساد لاتزال تتغنّى بالإصلاح، وتطالب المواطن بأن يرفع صورها في الشوارع.
المشكلة الكبرى في هذه البلاد أنّ الجميع يتحدّث بضرورة محاربة الفساد، لكنه يرفض مواجهة مسؤول بمرتبة حوت ينهب ثروات البلاد أو سياسي يستغلّ مكانته للسيطرة على ممتلكات الدولة ومشاريعها. وفي الدول العادية يكون القضاء ومعه أجهزة الدولة سيفاً قاطعاً لمحاربة الفساد المنظّم. أما في بلاد " القضاء والقدر " فإنّ القانون يصبح في خدمة المسؤول ويسمح له بأنْ يحتفظ بالأموال التي " لفلفها " بشطارة، لأنّ إعادة هذه الأموال بحسب رأي المحكمة الاتحادية أمر غير إنساني ويتعارض مع حقوق الإنسان.. وفي كلّ بلدان العالم " الغاشمة " لايخرج سارق أموال الدولة من السجن ما لم يُعِد هذه الأموال، أمّا نحن فيمكن أن نكتفي بتعويص " 200" دينار عدّاً ونقداً!
ما يهمّني ليس موقف القضاء العراقي، المهمّ القنبلة التي فجّرتها النائبة عالية نصيف، فبعد أن عشنا مع مسلسل حرب الفساد، أخبرتنا النائبة مشكورة، أنّ ائتلاف دولة القانون ينوي الدخول إلى انتخابات 2018 بقائمتين، إحداهما حزبيّة تمثّل حزب الدعوة برئاسة حيدر العبادي، والأخرى مستقلّة مدنيّة بقيادة نوري المالكي.
هذا الخبر يثبت بالدليل القاطع أنّ المسؤولين ليسوا هم من ظلموا وقهروا الناس بل إنّ المواطن أشدّ ظلماً وقهراً حين يصرّ على إعادة انتخاب نفس الأحزاب التي أدخلت الفساد إلى شرايين ومفاصل العراق. لأنّ المواطن ُسنّي أو شيعي أو كردي يريد أن يثبت أنّ الحق مع جماعته، وأنّ الجماعة الأخرى في ضلال، وأنّ " جماعته " يريدون الخير له وهدايته.
عندما عُيِّن (لي كوان) رئيساً لوزراء سنغافورة عام 1965، واسمحوا لي أن أُصدّع رؤوسكم بصاحب هذا الاسم الذي تسلّم السلطة وهو في الأربعين من عمره، ليرفع شعار من أجل حكومة نظيفة:"لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من أجل الحرية لشعوبهم تحوّلوا إلى نهّابين لثرواتها، ولهذا حرصتُ من أول يوم توليتُ فيه السلطة على إخضاع كلّ دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقّين من القاعدة الشعبية من دون أن ينهب في الطريق".
الناس تنتظر منك يا سيد حيدر العبادي، أن تطرد فأر حزب الدعوة الذي يلعب بعقلك، وإن كنتَ تريد حرباً على الفساد، فادخلها بلا شعارات!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    استاذ علي حسين تركيبة الحكم الطائفية في العراق والتي يتزعمها رئيس حزب الدعوة في العراق لم تأتي صدفة وإنما هو دعم مباشر من اسيادهم ملالي ايران واسياد اسيادهم أعضاء الكونغرس الأمريكي الذي وقفوا جميعهم في عام ٢٠١٣ للمالكي وصفقوا له بحرارة عندما خطب ابو المحا

  2. أبو لينا

    تحية طيبة. أتمنى أن تكتب، على سبيل التغيير، كيف يذهب المواطن الى الإنتخابات وينتخب دون أن يذهب صوته هدرا أو يذهب بالنتيجة الى القائمة التي لم ينتخبها. أفهموا المواطن كيف يكون صوتا ناجحا بدلا من لومه على فوز الفاسدين وانتم تعلمون أنهم قبل كل دورة انتخابية

  3. أم رشا

    استاذ علي برأيي ان العبادي لن يتخلى عن حزب الدعوة إطلاقا وانا قلت هذا سابقا لأنه وأمثاله تربوا على التعصب الطائفي وهكذا تكونت الأحزاب الشيعية وكذلك جماعة الإخوان المسلمين وإلا لماذا لم يشكلوا سوية حزب واحد وهم في المعارضة هدفهم المشترك الأعظم إسقاط صدام و

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram