اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > شَحّ الأمطار وتجاوز المحافظات ينذران بموسم عطش وجفاف

شَحّ الأمطار وتجاوز المحافظات ينذران بموسم عطش وجفاف

نشر في: 18 ديسمبر, 2017: 12:01 ص

مع انطلاق الموسم الزراعي الشتوي تفاقمت مشكلة المياه، وتأخرت الرية الأولى للمحاصيل الزراعية عن موعدها المقرر، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك تهديدات بموسم جفاف وعطش يلوح في الأفق، دون أن تقوم الجهات المعنية بالتحرك لحل الأزمة التي تختلف أسبابها من م

مع انطلاق الموسم الزراعي الشتوي تفاقمت مشكلة المياه، وتأخرت الرية الأولى للمحاصيل الزراعية عن موعدها المقرر، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك تهديدات بموسم جفاف وعطش يلوح في الأفق، دون أن تقوم الجهات المعنية بالتحرك لحل الأزمة التي تختلف أسبابها من محافظة الى أخرى، لكن تبقى مسألة التجاوز على الحصص المقررة من قبل وزارة الموارد المائية السبب الأكبر، فضلاً عن شح الأمطار التي قد تدخل الموسم الزراعي والوضع المائي في البلاد بحالة إنذار...

 

عطش وجفاف ومخاوف من هجرة
عدد من المواطنين أشاروا الى أن أزمة المياه أخذت تستفحل وتتفاقم عاماً بعد عام، مؤكدين أن المشكلة ما عادت تقتصر على الأنهار وانخفاض مناسيبها، وانما تعدّتها الى المياه الجوفية التي اتضح أنها مالحة ولا تصلح للشرب وسقي المحاصيل الزراعية. إذ يقول الفلاح عواد كاظم الزيرجاوي: إن شط الكسر المتفرع من نهر الغراف تعرض للجفاف وتذبذب مناسيب مياهه منذ عدّة أعوام ما أثر ذلك في النشاط الزراعي وبساتين النخيل التي باتت تعاني الجفاف. مشيراً الى حرمان معظم السكان المحليين في مناطق حوض شط الكسر وشط آل ابراهيم من نشاطهم الزراعي وتربية المواشي بسبب شح المياه. منوهاً: الى أن حفر الآبار الارتوازية في المناطق التي تعرضت للجفاف، بات يواجه مشكلة ملوحة المياه الجوفية وهو ما خيّب آمال الفلاحين بأخر فرصة ممكنة لتوفير المياه.
قبل أيام تظاهر المئات من أبناء الجبايش والمناطق القريبة بسبب شح المياه التي تهدّد الزراعة والأهوار، مهددين بقطع الطريق العام إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن من انخفاض واضح لمستوى المياه، إن كان نهر الفرات أو بالأنهر الفرعية. مدير دائرة الموارد المائية المهندس حسين علي حسين الكناني، ذكر لـ(المدى) أن محافظة ذي قار، تشهد حالياً انخفاضاً كبيراً بتصاريف نهري الفرات والغرّاف المتفرعة من نهر دجلة، عازياً الانخفاض لعدّة أسباب، من بينها تخفيض تركيا للإطلاقات المائية وانحباس الأمطار خلال السنة الحالية والأعوام القليلة الماضية، فضلاً عن تجاوز المحافظات المتشاطئة على حصة محافظة ذي قار. مشيراً الى: أن التجاوزات الحاصلة على حصة ذي قار تجري بتوجيه وإصرار من الحكومات المحلية في تلك المحافظات، وبخاصة محافظتي واسط والمثنى .
وبيّن الكناني: أن حصة محافظة ذي قار من مياه نهر دجلة، التي من المقرر أن تصل من محافظة واسط عبر نهر الغراف تقدر بـ 150 متر مكعب / الثانية، لكنها انخفضت حالياً الى اقل من 113 متر مكعب / الثانية، بسبب التجاوزات. فيما انخفضت تصاريف نهر الفرات التي تدخل الى محافظة ذي قار عبر محافظة المثنى الى 68 متر مكعب / الثانية، في حين أن الحصة المقررة تتراوح ما بين 90 - 100 متر مكعب/ الثانية. منوهاً الى: أن محافظة واسط تتجاوز على حصة محافظة ذي قار من المياه بأكثر من 35 متر مكعب / الثانية، في حين تتجاوز محافظة المثنى بأكثر من 20 متر مكعب / الثانية. مؤكداً أن تصاريف نهري الغراف والفرات لم تصل الى الحصة المقررة حتى في افضل الحالات بسبب التجاوزات وشح المياه.
وأشار مدير الموارد المائية الى أن: تجاوز المحافظات المتشاطئة على نهري دجلة والفرات والمتمثلة بمحافظات (النجف، الديوانية، الحلة، واسط، المثنى) انعكس سلباً على الخطة الزراعية الشتوية الخاصة بمحافظة ذي قار، والتي تعتمد 90 % منها على مياه نهر الغراف. مضيفاً: فيما اثرت تلك التجاوزات في عمل مشاريع ومحطات مياه الشرب ومنظومة التبريد في محطة كهرباء الناصرية الحرارية، فضلاً عن مناطق الأهوار. لافتاً الى: أن مناسيب المياه انخفضت في مناطق الأهوار واصبحت بعمق متر واحد، وهو ما ينذر بمخاطر قد تؤدي الى التأثير على ملف انضمام الأهوار للائحة التراث العالمي.

اشتداد الأزمة المائية
التجاوز على الحصص المائية لم يؤثر في القطاع الزراعي فحسب، بل وصل الى مياه الشرب، ما نجم عن توقف نحو 20 مشروعاً للماء في مناطق متفرقة من المحافظة. حسبما أكد ذلك مدير دائرة مياه ذي قار المهندس أحمد طالب الذي أشار بحديثه لـ(المدى) الى: أن انخفاض مناسيب الأنهر وشح المياه تسبّبا بتوقف 5 مشاريع لمياه الشرب في ناحية الدواية و6 مشاريع في ناحية سيد دخيل و3 مشاريع في ناحية قلعة سكر ومجمعين للماء في وناحية الفجر 3 مشاريع في قضاء الرفاعي. مضيفاً: أن عدداً من الأنهر الفرعية المغذية لتلك المشاريع جفّت تماماً، وهو ما اضطر دوائر الماء في تلك المناطق الى استخدام السيارات الحوضية لنقل مياه الشرب وتوفيرها للسكان المحليين.
وبيّن طالب: أن حالة ناحية سيد دخيل من حيث المياه حرجة جداً، وهي تعتمد بالكامل على السيارات الحوضية فيما جفّ نهر عكيل في قلعة سكر. مشيراً الى: أن مياه نهر الفرات باتت غير صالحة للشرب بسبب ارتفاع نسبة الملوحة والتلوث الحاصل من رمي المخلفات ومياه الصرف الصحي في حوض النهر.
ومن جهته قال مدير عام انتاج الطاقة في محطة كهرباء الناصرية الحرارية جمال غلام لـ(المدى): إن محطة كهرباء الناصرية تتعرض في هذا الوقت من كل عام الى مشاكل بسبب انخفاض مناسيب المياه في نهر الفرات، وإن ادارة المحطة اتخذت عدّة اجراءات في الوقت الحاضر لتلافي تداعيات الأزمة الراهنة، معرباً عن خشيته من تفاقم أزمة المياه للحد الذي لا تتمكن معه ادارة المحطة من معالجة المشاكل الناجمة عن أزمة المياه. مؤكداً أن الانخفاض في مناسيب الفرات تجاوز الحدّ المقرر في الوقت الحاضر، وهو ما استدعى تهيئة الدورة المغلقة في محطة الكهرباء لغرض تشغيل منظومة التبريد عند اشتداد الأزمة المائية.
الهيئة العامة للمياه الجوفية في وزارة الموارد المائية، أعلنت في التاسع من تشرين الثاني الماضي، عن حفر 20 بئراً ارتوازية في محافظة ذي قار منذ بداية العام الحالي 2017 ولغاية الآن، وذلك ضمن إجراءات التخفيف من تداعيات أزمة شح المياه.

مطالبات بإعلان المحافظة منكوبة
اللجنة الزراعية العليا في ذي قار، أبدت اعتراضها على تخفيض خطتها الزراعية للموسم الزراعي الشتوي لأكثر من 20 بالمئة تحت ذريعة شح المياه، فيما حذرت الجمعيات الفلاحية من تفاقم المنازعات العشائرية في المحافظة وتأثيرها على الموسم الزراعي، نتيجة كثرة التجاوزات على الأنهر والجداول المائية. بهذ الشأن ذكر نائب محافظ ذي قار ورئيس اللجنة الزراعية العليا في المحافظة عادل الدخيلي لـ(المدى): أن ازمة المياه تسبّبت بإرباك الخطة الزراعية وتعطيل الكثير من محطات ومشاريع مياه الشرب، وعموماً الوضع الراهن لا يبشّر بخير رغم المعالجات التي اتخذتها المحافظة لتلافي تداعيات الأزمة المائية. مضيفاً: أن محافظة ذي قار تقع في نهايات الأنهر وهو ما يجعلها في شح دائم، نتيجة تجاوز المحافظات المتشاطئة على نهري دجلة والفرات. مشيراً الى: أن ادارة المحافظة أجرت اتصالات مع محافظ واسط ورئيس اللجنة الزراعية في مجلس المحافظة ووكيل وزير الموارد المائية، حول رفع التجاوز عن حصة محافظة ذي قار، وقد تقرر تشكيل لجنة لمتابعة الأمر. مردفاً: أن الأزمة مازالت متواصلة ولم ترد للمحافظة اية زيادة في الإطلاقات المائية.
ويؤكد الدخيلي: أن تصاريف المياه في انخفاض مستمر، وهو ما ينذر بمخاطر كبيرة من شأنها أن تطيح بالخطة الزراعية وتعرض مناطق الأهوار وحياة السكان المحليين للخطر. مبيناً: أن شح المياه أثر بصورة واضحة على مناطق الأهوار، حيث أخذت المياه تنحسر عن بعض المساحات المغمورة ، محذراً من مخاطر حقيقية تواجه الحياة في مناطق الأهوار، فضلاً عن تضرر التنوع الاحيائي والثروة السمكية وقطعان الجاموس فيها.
وشدّد نائب محافظة ذي قار، على ضرورة تحرك الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية لزيادة الإطلاقات المائية من دول المصب، ولاسيما تركيا التي قلّصت الإطلاقات الى أدنى مستوياتها في نهري دجلة والفرات. مشيراً الى: أن الخطة الزراعية في محافظة ذي قار جرى تقليصها بواقع 20% نتيجة أزمة المياه التي تمر فيها البلاد. موضحاً: أن اللجنة العليا المشتركة بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، أقرت خطة زراعية للموسم الزراعي الشتوي في المحافظة تقدر بـنحو 360 ألف دونم، في حين كانت الخطة المقترحة من قبل المحافظة تشتمل على 448 ألف دونم.

مخاطر الجفاف تتهدد الأهوار
من جانبه، حذّر قائممقام قضاء الجبايش بديع لبنان الخيون، من مخاطر الجفاف وشح المياه على مناطق الأهوار، وأوضح لـ(المدى) أن ازمة المياه الحاصلة حالياً ناجمة عن وجود شح كبير في المياه، فضلاً عن سوء استخدام الكميات المتاحة واستمرار تجاوز محافظات (النجف وبابل والديوانية والكوت والمثنى) على حصة الأهوار والمحافظات الجنوبية بصورة عامة. مشيراً الى: أن مناطق الاهوار لا تحصل في الوقت الحاضر حتى على الحد الأدنى من حاجتها للمياه، وهو ما يعرضها الى مخاطر التجفيف والتلوث البيئي وهجرة السكان. منوهاً الى: أن المحافظات الوسطى تطلق العنان للفلاحين بنصب واستخدام مضخّات كهربائية ضخمة ومضخات مترية لسقي مزروعاتهم من دون التقيّد بالخطة الزراعية والحصص المائية المقررة. مشدداً على ضرورة التزام المحافظات بخطة توزيع المياه التي تعتمدها وزارة الموارد المائية.
واستطرد قائممقام قضاء الجبايش، أن وزارة الموارد المائية سبق وأن قامت بالاعتراض على هذه التجاوزات، غير أن الحكومات المحلية مستمرة بتجاوزاتها ولم تبالِ باعتراض الوزارة أو التقيّد بخطتها الخاصة بتوزيع المياه، حتى أن احدى المحافظات قامت بعزل مدير الموارد المائية لديها بسبب التزامه بتطبيق خطة الوزارة في هذا المجال. مبيناً: أن تعرض مدراء الموارد المائية للعقوبة من محافظاتهم كونهم يطبّقون خطة الوزارة يمثل مشكلة كبيرة، كون وزارة الموارد المائية وزارة اتحادية مسؤولة عن توزيع المياه بعدالة بين المحافظات ولا تخضع خطتها لسلطة المحافظات. مؤكداً أن المحافظات المتجاوزة لا تلتزم حتى بالقوانين التي تلزمها بالتقيّد بالسياسة المائية التي تعتمدها الحكومة الاتحادية، ولا تشدد اجراءاتها على الفلاحين الذين يتجاوزون على الحصص المائية في تلك المحافظات".
وبيّن الخيون: أن الخلل الحاصل يتمثل بعدم التزام المحافظات بالحصص المائية، وليس بوزارة الموارد المائية التي وضعت خطتها وفق ما هو متاح من اطلاقات مائية من تركيا والخزين المائي في السدود العراقية ولاسيما سد الموصل. مشيراً الى: أن ادارة المحافظات المتجاوزة على الحصص المائية تفكر في مصلحتها فقط من دون مراعاة لحقوق المحافظات الأخرى. مؤكداً أن المياه ملك للجميع، وليس من حصة محافظة دون أخرى لتقوم باحتكاره والتصرف به وفق ما تشاء من دون مراعاة حقوق المحافظات الأخرى.
ودعا الخيون الى الحفاظ على الموارد المائية والتقيّد بالحصص المقررة وضمان حصة مناطق الأهوار من المياه، محذراً من خسارة الاهوار وتجفيفها والغاء انضمامها للائحة التراث العالمي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

أفلام إباحية على أرصفة الباب الشرقي تتحدى الحشمة والقانون!!

السِبَح.. أسرار عميقة وأسعار مرتفعة بعضها يعادل الذهب

الجمعية الانسانية: قوانين التقاعد لم تنصفنا أبداً

(شيء لا يخطر في بالكم) أهم مكونات العطر المزيف

كل شيء عن المخدرات فـي العــراق .. أنواعها ... مصدرها.... وطرق دخولها

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram