TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أمنيات بائع قمامة

أمنيات بائع قمامة

نشر في: 15 ديسمبر, 2017: 09:01 م

يبدو أن من يبحث عن وظيفة في محافظة البصرة لن يزوره اليأس بعد الآن فقد ظهرت في البصرة مهنة جديدة لمن لامهنة له بعد أن تزايدت فيها أكوام القمامة بشكل غير مسبوق وصار يمكن لكل من يبحث عن باب للرزق أن (ينبش) فيها للبحث عن أشياء صالحة للبيع فالحصول على بضعة آلاف من الدنانير هي (احسن من ماكو) بالتأكيد...وبعد فترة، ربما سيعترض الاهالي على رفع القمامة بعد ان بُحت أصواتهم من مطالبة الدوائر البلدية في البصرة برفعها فلا أحد يرضى باغلاق ابواب رزق مفتوحة للجميع دون شروط تعيين او وساطات!
أحد مراسلي القنوات الفضائية اختارأن يلتقي بمواطنين يعملون في مهن فقيرة في العاصمة كجمع القمامة وبيع الماء والمناديل الورقية وسواها ليسألهم عما يتمنونه مع حلول العام الجديد وكيف يمكنهم أن يهنئوا الحكومة بذلك فجاءت الاجوبة سيلا من الشكاوى والتذمر والسباب وتمني كل الكوارث لمن كانوا سببا في ماحل بالعراق من كوارث...قال أحدهم إنه أشرف على سن الثمانين ولم يغير (دشداشته) منذ سنوات ويعمل حاليا وهو في هذا السن في جمع القمامة، وقالت امرأة كبيرة السن تعمل في بيع بضاعة تحملها على رأسها في صرة كبيرة إنها تتمنى لو يعيش المسؤولون يوماً واحداً كما تعيش ليشعروا بمرارتها..وانفلتت عبارات سباب وشتائم من ألسنة الآخرين لأنهم عجزوا عن ايجاد كلام يمكن ان يعبر عما يريدون ايصاله الى الحكومة فمنهم من كان يفترش الرصيف في هذا الجو البارد ويتغطى ببطانية وحيدة..
أما محافظة الانبار، فقد تحولت الى مصدر لاينضب لأخبار الفساد حيث تبخرت فيها مبالغ طائلة كانت مخصصة للأعمار، ولم تكن بقية المحافظات أحسن حالا منها فقد تنوعت فيها قصص الفساد وتغيرت صوره لكنه أصبح كالزي الموحد المفروض على جميع محافظات العراق ومن يجرؤ على مخالفته تتم محاسبته بأن يظل على الدوام محروما من النعم فيمارس مهنا فقيرة ولايجد فرصة عمل ولاسكن لائق ولاسبب يدعوه للعيش احيانا، ذلك ان من (يعيش حياته) في العراق حاليا هو فقط من يضع النزاهة جانبا ويتعلق بأهداب الفساد ويسير على حبال بهلوانية ليستعرض براعته في البقاء على قيد الحكومة والمناصب..
ماذا سيتمنى المواطن الفقير إذن مع حلول عام 2018، أكثر من أن يجد أسبابا لمواصلة العيش غير العمل في جمع القمامة والنوم على الأرصفة...وماذا سيتمنى للحكومة أكثر من زوال كبار رؤوس الفساد فيها وصغارهم واختفاء ملامحهم الى غير رجعة، فالحياة الجديدة التي كان ينتظرها العراقيون منذ أن سلموا رقابهم بأيدي حكامهم لاوجود فيها للفساد أو الحرمان...
لكن ماحدث، ان السنوات بدأت تمر وكل عام جديد يحمل أمنيات أكثر صعوبة ولاواقعية، فلا الفساد سينتهي ولاالفاسدين ستختفي ملامحهم...بل ستبقى اكوام القمامة تتراكم أكثر وأكثر لتذكرنا بهم..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram