TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > الزراعة بين قلة الدعم وهجرة الفلاح

الزراعة بين قلة الدعم وهجرة الفلاح

نشر في: 1 مارس, 2010: 05:05 م

حسن ناصرناقوس الخطر يدق ، فالزراعة في ارض السواد في خطر ، والأرض الخصبة الثرية في وادي الرافدين مهددة بالتصحر ، والنخلة رمز العراق الشامخ قد انحنى جذعها خجلاً ، فمن اكتشف الزراعة وعلمها للعالم ، أصبح بحاجة لمن يعلمه كيف يزرع ؟ شحت الارض بعطائها ،
بعد ان تمرد الفلاح عليها ، جادت عليه الأرض بخيراتها فقابلها بجحود وجفاء ، كان يرزح تحت ظلم الإقطاع يملأ جيبه وكرشه ، ولم يجد ما يسد به رمقه ، تحرر الفلاح وتملك الأرض وقبلها حريته ، وما كان يجود به لسيده بخل به على نفسه ، والجهد الذي بذله بالأمس أصبح اليوم يتعبه ، وشمس الصيف وخيراتها راحت تضجره ، والمطر الذي يهطل بخيراته أصبح لا يطيق أوحاله ، وراح يسخر من أقرانه ، من يتعب منهم ويجد في عمله ، فيزرعون ؟؟؟؟ زراعته ، فأطلق العنان لمخيلته واسماهم (حساوي) ، وكانت الأرض تجود وتجود ، هجر الأرض وان زارها فهو ضيف ، وسكن المدن واصبح دلالاً وتاجراً ، وقد تراه في معرض للسيارات وقد أصبح فريسة للمحتالين ( سنوات عجاف ذاق مرارتها العراقيون بحصار لا ذنب لهم فيه ، كان فيها يزداد ثراء وتعالياً ، نسي الأرض وما تعطيه فهي المعطاء ، وتعود أن يأخذ منها فلا يعطيها ، ذهب نظام وجاء آخر ، وفلاحنا ما زال يريد ويريد ، يريد دعم الدولة لأرضه ، ولا يدعمها هو بما أجادت من خيرها إليه ، وقف مع طوابير المتطوعين ، وأصبح جندياً او شرطياً ، او فراشاً، لا يهم ما دام سيبتعد عن الأرض ، وعند الحديث عن الدعم يتذكر بأنه صاحب ارض ، الأرض التي هجرها ونسي زراعتها ، واستولى السبخ على خصبتها ، ثم جعل من نفسه مساحاً وراح يخطط الأرض ويفرزها ، ويقطعها ارباً ارباً ليحولها الى قطع سكنية ، فالأرض ما زالت تدر عليه الأموال الطائلة ، ولكن ليس في زراعتها، بل في تدميرها ، والدولة منشغلة عنه تاركة إياه يفعل ما يشاء ، وتحاول أن تنوء بنفسها عن لائمته ، فهو ثرثار وكثير التشكي ، دعمته بالسماد فباعه في الأسواق ، دعمته بالقروض استغلها في غير الأرض ، فيما بقي من كان موضع سخريته على حاله ، يكد ويشقى ، ومهمل في طي النسيان ، فهو بعيد عن مجالس المتملقين والوصوليين فالكلام ليس صنعته ، وترك الكلام لأصحاب الكلام ، وراحوا ينسبون معاناته لأنفسهم ويستولون على حصته من الدعم الحكومي والدولة بعيدة عنه ، لا تسمع له صوتاً ، فصوته ضعيف لا يسمع وصوتهم يعلو عليه ، وإدارت الدولة ظهرها لهذا الفلاح ، المجد المثابر ، وظل يكابد عناء الأرض وهو الذي تمسك بها ، فالأرض لم تعد نفس الأرض بالنسبة لهذا الفلاح ، جفاف وملوحة ، وأجور نقل باهظة ، ودعم يسمع عنه فلا يلمسه ، وأصبح حائراً في فائض إنتاجه ، فالدولة أغلقت مصانعها بانتظار المستثمر ، فعليه ان يدور في الأزقة بما وهبته له الأرض ، فالسوق قد اغرق ، وعليه تصريفها بابخس الأثمان قبل أن تتلف . وقد يهجر الأرض مرغماً ، ويترك أرضه عرضة للتصحر ، وقد يبحث عن عمل فلا يجده ، فينضم إلى جيش العاطلين يبحث عن إعانة الدولة له ، فلم تعنه الدولة وهو منتج ، فلعلها تعنه وهو عاطل!,

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram