أقرّ مجلس الأمن الدولي مؤخراً، بأن العراق قد وفى بآخر التزاماته حيال قرارات البند السابع المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء، وهو أمر مقدّر له أن يوفر فرصاً مشجّعة للاستثمار الأجنبي في العراق بعد أكثـر من أربعين عاماً من نزاعات كبيرة والتراجع في التن
أقرّ مجلس الأمن الدولي مؤخراً، بأن العراق قد وفى بآخر التزاماته حيال قرارات البند السابع المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء، وهو أمر مقدّر له أن يوفر فرصاً مشجّعة للاستثمار الأجنبي في العراق بعد أكثـر من أربعين عاماً من نزاعات كبيرة والتراجع في التنمية الاقتصادية والتقدّم، كما سيطلق أموالاً محتجزة ومجمّدة لدى الأمم المتحدة ودول ومنظمات دولية، بحسب ما يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء.
فيما يبيّن خبير اقتصادي، أنّ المبلغ المتبقي لدى الأمم المتحدة لهذا البرنامج هو بحدود 3 مليارات دولار، وإن تمّ انفاق الجزء الأكبر منه، سيضيف أموالاً للخزينة العراقية، وإن العراق بمجرد خروجه الكامل من هذا الفصل، يعني قدرته على استيراد التكنولوجيا اللازمة لحصول التنمية الاقتصادية في البلد وهو أمر غاية في الأهمية.
وكانت بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أعلنت في بيان عبر موقعها الإلكتروني، أنه استكمالاً لجهود جمهورية العراق في انهاء ملفاته في مجلس الأمن والموروثة من حقبة النظام السابق والصادرة بموجب قرارات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فقد عملت وزارة الخارجية من الممثلية الدائمة لجمهورية العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك على اصدار القرار 2390 (2017) والذي اعتمده مجلس الأمن بالإجماع بتأريخ 8/12/2017، خلُصَ الى أن الطرفين (العراق والأمم المتحدة) قد نفذا تنفيذاً تاماً التدابير المفروضة وفق احكام الفصل السابع بموجب القرارين 1958 (2010) والقرار 2335 (2016).
ويعد القرار الجديد لمجلس الامن خطوةً مهمةً على صعيد استعادة العراق وضعه الطبيعي ومكانته الدولية، فالقرار يؤكد ايفاء العراق بالتزاماته وفق الفصل السابع بخصوص برنامج النفط مقابل الغذاء، بعد أن تم تنفيذها بشكلٍ كامل، كما يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح في حديث لـ(المدى)، مضيفاً: أن انتقال العراق من الفصل السابع الى الفصل السادس، أي من الفصل الذي يبيح استخدام القوة ضد بلادنا في فضّ المنازعات مع الأمم الى الفصل السادس الذي يرى في العراق دولة محبّة للسلام وتحل نزاعاتها مع الأمم بالطرق السلمية، هي إشارة ايجابية ستسمح لعودة العراق الكاملة بالتفاعل مع المجتمع الدولي وتوفير فرص مشجّعة لمناخ الاستثمار الاجنبي في البلاد، لاسيما في مرحلة ما بعد مؤتمر الكويت للمانحين في إعادة اعمار العراق والاستثمار فيه، موصلاً: فالعراق المقبل هو عراق السلام والإعمار، وتنهي بلادنا أكثر من اربعين عاماً من النزاعات والصراعات والتراجع في التنمية الاقتصادية والتقدّم.
ويؤكد صالح، أنّ الأموال المجمّدة اطلقت الى حساب صندوق تنمية العراق بموجب قرار مجلس الأمن ١٤٨٣ في أيار ٢٠٠٣، ولكن هنالك الكثير من المبالغ المحتجزة لدى الأمم المتحدة من برنامج النفط مقابل الغذاء وبقايا تكاليف فرق التفتيش وبقايا مذكرة التفاهم ينبغي أن تسلّم الى خزينة الدولة العراقية، وأي أموال أخرى مازالت محتجزة أو مجمّدة لدى الدول أو المنظمات الدولية، لافتاً في الوقت ذاته الى: أن هذا القرار له آثار ايجابية كثيرة، وفي الحقيقة أن تكاليف التأمين والشحن بمختلف أشكاله من والى العراق ستنخفض، وإن الكثير من التكنولوجيا والتجهيزات المحرّمة على العراق ستزول، فضلاً عن أن مناخ الاستثمار والتصنيف الائتماني للعراق سيتحسن الى درجة كبيرة .
ويشير القرار المتعلّق ببرنامج النفط مقابل الغذاء الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في 8 كانون الثاني 2017، في الفقرة الثانية منه، الى أن مجلس الأمن يرحّب بأن الأموال المتبقية في حساب الضمان المُنشأ عملاً بالفقرات 3-5 من قراره المرقم 1958 لسنة(2010) قد حُولت الى الحكومة العراقية وذلك عملاً بقرار مجلس الأمن المرقم 2335 لسنة (2016).
سيؤدي خروجنا من آخر قرارات الفصل السابع المتعلق بالنفط مقابل الغذاء الى التخفيف من الضغوطات الخارجية على العراق، الأمر الذي سيؤدي الى تعزيز موقفه الدولي في علاقاته الاقتصادية والمالية بشكل عام، وفقاً لحديث الخبير في الشأن الاقتصادي، ماجد الصوري لـ(المدى)، الذي يرى أن ذلك أيضاً سيوفّر بعض الأموال للعراق، حيث أن المبلغ المتبقي من هذا البرنامج لدى الأمم المتحدة والذي هو بحدود 3 مليارات دولار، وإن تم خلال هذه الفترة انفاق الجزء الأكبر منه، لكن بكل الأحوال هو مبلغ سيُضاف للخزينة العراقية، ناهيك عن أموال بعض العقود التي لم يتم تنفيذها والمتعلقة باستيراد بعض السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية للعراق، والتي تم التعاقد عليها بزمن النظام السابق، وهذه قد سدّد العراق أموالها، لكن لم يتم استعادتها بسبب القرار، سيتم اطلاقها وإعادتها للحكومة العراقية.
يؤكد الصوري: أن العراق اليوم وبمجرد خروجه الكامل من الفصل السابع يعني وجود رؤية تتيح للعراق باستيراد التكنولوجيا اللازمة، والتعاون مع الدول الأخرى للحصول على هذه التكنولوجيا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في العراق، وهي مسألة في غاية الأهمية، اضافة الى ذلك، فإن المشكلة ليست في قرار خروج العراق من الفصل السابع، بل أن الأهم من ذلك هو ما حدث في العراق من مسألة القضاء على داعش وانتصاراته الكبيرة التي حققها ضد هذا التنظيم المجرم، في وقت اعلانه الحرب على الفساد الإداري والمالي، أمور ساهمت بدعم الموقف العراقي من أجل جذب الاستثمار مع الأمن والاستقرار، وستؤدي الى ازدهار العراق اقتصادياً ومالياً.
ويُعَد برنامج النفط مقابل الغذاء Oil for Food Program ، الصادر بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 986، لعام 1995؛ يسمح للعراق بتصدير جزء محدّد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه، تحت إشراف الأمم المتحدة، وقد وضع هذا البرنامج، حينما ساور مجلس الأمن القلق، في شأن استمرار معاناة السكان المدنيين من الشعب العراقي، نتيجة الجزاءات الشاملة، التي فُرضت على العراق، في آب 1990، بسبب غزوه الكويت، فأصدر مجلس الأمن، في نيسان 1995، القرار 986، الذي يتضمن صيغة النفط مقابل الغذاء، بصفتها تدبيراً مؤقتاً، لتوفير الديمقراطية الفردية والحروب الطائفية للشعب العراقي.