استمرت "عقدة" ممثل الكرة العراقية فريق أربيل القارية امام منافسه اللدود الكويت الكويتي للمرة الثالثة على التوالي في ملعبه (فرانسو حريري)، بتعرضه لخسارة جديدة امام ضيفه وهذه المرة برباعية من الاهداف ابعدت عنه معانقة كأس الاتحاد الآسيوي في نسختها التاسعة، في وقت نجحت مدينة هولير تنظيميا بإخراج اللقاء وتضييف الاشقاء بالصورة التي عكست التطور الحاصل في إقليم كردستان العراق.
خسارة اربيل امام الكويت في فرانسو حريري، اضحت "عقدة" ما من بعدها عقده، فممثل العراق حينما يلعب في ارضه يخسر وفي الكويت يتعادل، اما الفوز فهو مسافر بلا عنوان عن النتيجة شئنا ام أبينا، اربيل خسر في دور الثمانية اللقب الآسيوي عام 2009 بهدف امام الكويت بعدما تعادل ذهابا بهدف واحد، ثم عاد وخسر في ذهاب المواجهة بالدور النصف النهائي امام الكويت في فرانسو حريري ايضا بهدفين دون رد وتعادل إيابا بثلاثة اهداف، وبالامس خسر اربيل باربعة اهداف النهائي الآسيوي امام الكويت، ومعها خسر اللقب الذي بقي في مدى احلام الجميع!
اربيل تنازل عن حقه بخطف اللقب للمرة الاولى ومنح ضيفه الكويتي الكأس للمرة الثانية في غضون ثلاث سنوات، بعد ان فسح حكم المباراة الاوزبكي فالنتين كوفالينكو الطريق معبداً للكويت منذ الوهلة الاولى لتحقيق مبتغاه وهو العودة الى الكويت بالكأس وسط حالة الضياع الفني والشتات الذهني والانهيار النفسي والانكسار المعنوي الذي أصاب جسد اربيل الذي لم يكن في الواقع يستحق اللقب بعد ان فشلت كتيبة مدربه السوري نزار محروس في قراءة ما بين سطور الكويتي لنحو 90 دقيقة!
وحينما نقول ان اربيل تنازل عن حقه في كسب اللقب الآسيوي المنتظر، فأن ذلك يعني انه فشل في استثمار العوامل المساندة والداعمة له من حيث الارض والجمهور وكذلك الثورة الفنية التي يعيشها الفريق الذي انهار امام المد الهائل لضيفه الذي استحق الوصول الى مسعاه والعودة من اربيل بالكأس للمرة الثانية الى جانب ان اربيل لم يكن في يومه ابداً بعد ان تعامل بأسوأ الحالات الفنية امام مرمى مصعب الكندري الذي بقي عصياً على ثلاثة من ابرز المهاجمين العراقيين!
وبالعودة الى المواجهة التي توقعها الجميع ان تكون صدامية نارية وصراعا مثيرا بين الطرفين، فإننا نجد ان اربيل تعرض لهزة كبيرة عبر منح حكم المباراة ركلة جزاء في الدقيقة الثانية بعد خطأ فردي لميران خسرو وهو ما غيـَّر من الحسابات وعطـَّل الافكار وهـزَّ ما كان مخططاً له من قبل مدرب اربيل.
المحترف التونسي شادي همامي وضع الكرة في مرمى الحارس سرهنك محسن، هذا الحارس الذي انقذ أربيل من كرتين مثيرتين فيما تبقى من دقائق، بينما قتل فالنتين كوفالينكو احلام الاربيليين بالتعديل بعد ان تغاضى (عيني عينك) عن ركلة جزاء لا غبار عليها للاعب الوسط نبيل صباح الى جانب اشهار البطاقة الحمراء بوجه المدافع الكويتي داخل منطقة الجزاء إثر عرقلة واضحة!
الانيهار الاربيلي تواصل بسبب سوء التركيز وفقدان الميدان لصالح منافسه، الذي كان يلعب وكأنه في ارضه وامام جمهوره، تتحرك خطوطه بلا قيود ويفرد الفريق (افراداً وجماعة) سيطرته على الاديم الاخضر كيفما شاء، ينقل الكرات بحرية كاملة ويصل الى مرمى اربيل بأسهل الطرق عبر فهــد العنزي والمحترف البرازيلي روجيريو فضلا عن الاجناب التي تحركت بسرعة وابقت دفاعات اربيل في حالة قلق بسبب الهشاشة غير المبررة والمبالات في الاحتفاظ بالكرات الى جانب سوء التمريرات وغياب الهجمات المبنية بالشكل الأمثل!
سعد عبد الامير كان تائها لم يجد من يسانده وتفرقت التحصينات الدفاعية بالصورة التي تؤكد ان أربيل وصل الى خط النهاية في مسيرته لكون الفريق لم يعد يمنح الشيء الذي تمنته الجماهير التي حضرت الى ميدان فرانسو حريري وقدرت بنحو 25000 متفرج، فأغلب المتشائمين لم يكن يتوقع ان أربيل سيخسر، ويخسر بمثل هكذا صورة حزينة.. بعد ما تضاعفت النتيجة الى هدفين، هدف ثانٍ هز شباك سرهنك محسن في الدقيقة 43 وهذه المرة من المحترف البرازيلي الذي برز وتألق في اكثر من مرة، ولم يكن يتألق لولا الاداء الرائع الذي بذله التونسيان عصام جمعة وشادي همامي وحتى خط الوسط الذي اسهم مساهمة فاعلة في الخروج الكويتي متفوقا بهدفين دون رد.
وبدلا من أن يعود أربيل الى الواجهة ويقلص الفارق املاً بتعديل النتيجة عبر الزج بالمحترف الاوغندي سليمان مصطفى (سالو) بدلا من عمار عبد الحسين، هاجم أربيل مرمى الكويتي من دون تركيز وهدوء فأُهدرت المحاولات رأسية كانت ام قدمية امام صلابة الدفاع الكويتي والضغط على حامل الكرة والتعامل السليم مع مراكز القوة في خطوط أربيل التي لم تكن في ادائها الطبيعي الذي يمنحها درجة الوصول الى ما وصل اليه الفريق الكويتي الذي كان مهيئاً تماماً في تأكيد قدراته وواثقاً من تحقيق مسعاه طوال 37 دقيقة من زمن الشوط الثاني بعد أن فشلت كل محاولات تقليص النتيجة وتعويض ما جرى من تأخر فني. ولم يكن حتى البدلاء في يومهم لؤي صلاح كان سلبيا بعد ان زُجَّ بديلا لنبيل صباح ثم مصطفى كريم الذي لعب في وقت (محرج) بديلا لصالح سدير الذي كان غائبا في دقائق تواجده في اللقاء ولم يفعل ما كان منتظراً منه بعد ان اخطأ في الاحتفاظ بالكرة اكثر من مرة وقطع الكويت الطريق امامه في ترك المساحات والفراغات امام منطقة الجزاء خوفاً من تسديداته الخارقة، وكأن الكويت درس لاعبي أربيل تكنيكياً وعرف كيف يتعامل الفريق الأصفر في الأديم الأخضر؟!
الدقيقة 83 شهدت آخر مهازل دفاعات أربيل التي اهتمت بالهجوم بحثاً عن الهدف وتركت الدفاع ووسطها خاليا من اللاعبين بعد ان استنفرت قوة كل عناصر الفريق، البديل عبد الهادي الخميس اطلق رصاصة الرحمة على فريق أربيل وهز شباك سرهنك محسن للمرة الثالثة وسط الاستياء الحاصل على ما جرى لفريق كان يطمح باللقب الآسيوي لكنه وقبل النهاية بسبع دقائق اضحى متأخراً بثلاثة اهداف دون رد، قبل ان تصبح النتيجة اربعة اهداف مع الانهيار الكبير الذي حصل للاعبي اربيل. هدف رابع كان اشبه باهداف الاستهتار في فريق لم يعرف كيف يتعامل مع اجواء المباريات النهائية بسبب نقص الخبرة وسوء التقدير.. الهدف الرابع حمل امضاء التونسي شادي همامي الذي افتتح التسجيل واختتم مهرجان الاهداف في الدقيقة الاخيرة ليتوج فريقه الكويت باللقب وسط حالة الأفراح والأهازيج التي اطلقها من حضر الى جانب فريق الكويت من اداريين وضيوف وصحفيين وجماهير صدح صوتها في مرات كثيرة اكثر من جماهير أربيل التي دخلت نصفها الى المدرجات وبقي نصفها الاخير بالانتظار خارج الملعب!
رسالة الكويت اختتمت من أربيل بخطف لقب كأس الاتحاد الآسيوي 2012 للمرة الثانية، اما خزانة أربيل فبقيت عند حدود المحلية فقط على أمل الانتظار للعام المقبل حيث تكرار المشاركة القارية.
هولير نجحت تنظيمياً وخسرت فنيــاً .. و"عقدة" الكويت مستمرة !

نشر في: 4 نوفمبر, 2012: 08:00 م