لم يكن يتوقع أن تنتهي المباراة النهائية للنسخة التاسعة من بطولة كأس الاتحاد الآسيوي في ملعب فرانسو حريري بتلك الطريقة وبذلك السيناريو الكروي المؤلم الذي عاشه فريق أربيل ومعه أنصار وعشاق الكرة العراقية الذين أرادوا ان يجدوا ضالتهم في هذا الفريق وان يضيف انجازاً طال انتظاره ليس لسجله فحسب ، بل للكرة العراقية بشكل عام قبل ان تذهب تلك التطلعات في غير اتجاهها الصحيح ويتجرد أربيل وجمهوره ومسؤولو ناديه من تلك الاحلام الوردية ونحن نرى فريقاً صُرفت له اموال طائلة وتوفرت له مقومات دعم رسمي ورياضي في الإقليم قـلّ نظيرها في اي مكان آخر ، بل ليس لها مثيل وهو يتهاوى وينهار لسهولة تامة امام الكويت الذي لا نختلف بقوته وخبرة لاعبيه وحرفية مدربه لكن ليس هو الفريق الذي يفترض ان يهز شباك اربيل اربع مرات كانت قابلة للزيادة!
لماذا كانت تلك الخسارة الثقيلة ، ولماذا إنهار الفريق وتلاشت قوى عناصره وفقد هويته الحقيقية وسمح لخصمه ان يدك مرماه برباعية قاسية تاريخية ليس من السهولة نسيانها وتركها خلف ظهورنا بعد ان كان أربيل على بُعد خطوات من مجد كروي واول لقب لبطولة كأس الاتحاد الآسيوي وفرّط بمؤازرة جماهيره وافضلية عامل الارض وبخرج خاسراً بهذه الطريقة الني كنا لا نتمناها ؟ كل هذه الاسئلة والتساؤلات الاخرى وجد جمهورنا الكروي من حقه ان يضعها امام مسؤولي نادي أربيل .
رعاية استثنائية
أولاً لابد من التوقف عند اهم امتيازات الدعم المعنوي والمادي الهائل الذي حظي به فريق أربيل وما اُحيط برعاية مالية استثنائية سواء من قبل ادارة النادي برئيسها عبد الله مجيد الذي لم يدّخر وسعاً وجهداً إلا وكرسهما لمصلحة الفريق واللاعبين وكان خير ساند وداعم لمسيرة فريقه عندما اراد هذا الرجل ان يترك بصمات اخرى في سجل النادي بعد ان تحققت معه اربعة القاب محلية ووجد من الضرورة ان يكون هناك الان انجاز خارجي فعمل كل شيء من اجل ذلك ونجح ايضا في تكريس اشكال دعم آخر مضاف خصوصاً ما لمسناه من تحضيرات واستعدادات لافتة على مختلف المستويات كشف عنها الحضور الاستثنائي للمباراة النهائية ويبدو ان هذا الامر جاء حجمه فوق طاقات لاعبيه عندما تعاملوا مع ذلك الحضور بتخوف وتوجس وكان ضغطاً حقيقياً عليهم على العكس من لاعبي الكويت عندما كشف مدربهم الروماني واين مارين أن لاعبيه يعشقون عادة ضغط الجمهور والحضور.
الفكـر الاحترافي
وثانياً لا ننسى الدور المهم للفكر الكروي الاحترافي المتوفر كما يُفترض عند اللاعبين ، فقد غاب مثل هذا الفكر الكروي الاحترافي لدى لاعبي أربيل وتحديداً المحليين على العكس مما اظهره لاعبو الكويت من خبرة وتجربة عريضة في التعامل مع اجواء وظروف هكذا مباريات باستثاء بسيط في ما يخص صفوف أربيل في هذه المباراة وتمثل بالقدرة الاحترافية والظهور المنسجم مع هذا التميز للاعبين ايفان بوكينا وسولا اللذين كانا في افضل حالاتهما اثناء المباراة وكان مقاسها جاء تماما مع ما يتطلعان اليه وما يمتلكان من قدرات فنية وجــدا في المباراة الختامية فرصة لإظهارها وفق فكر اخترافي كروي فكانا في مستوى حقيقي من الشجاعة والجرأة ونحن نتلمس الدور الكبير لإيفان والقدرة الواضحة لسولا في الوصول الى مرمى الكويت ، بل جعل لاعبينا يقتربون من تعديل النتيجة في اوقات عدة وعمل انعطافات مهمة في مسار المباراة لكنه لم يجد مَن يُترجم ذلك الجهد.
عوامل النتيجة الثقيلة
ويمكن ان نتحدث عن محور ثالث قد يكون من عوامل النتيجة الثقيلة التي تعرض لها اربيل وهو التوقيت الحساس والدقيق لمهمة المنتخب الوطني والاعلان عن تشكيلته قبيل موعد المباراة واصبح فيه لاعبو اربيل في مأمن تام بالنسبة لاستدعائهم واصبحوا ليس بحاجة لإظهار مهارات فنية وامكانيات اخرى يسعون فيها لإقناع الجهاز الفني للمنتخب لينعكس الامر في ما بعد على مجمل اداء الذي افتقد الى الخدمات الحقيقية للاعبيه وتصريح المدرب السوري نزار محروس عندما قال: إن خمسة من لاعبيه كانوا في اسوأ المستويات ومنهما سعد عبد الامير وعمار عبد الحسن يعكس ذلك التأثير الذي تعرض له فريقه. فلم يجد هؤلاء اللاعبون انفسهم تحت ضغط المطالبة بتقديم افضل ما عندهم قبل ساعات من موعد التحاقهم بالمنتخب الوطني وهو يستعد للمغادرة الى قطر لمعسكر تدريبي هناك. وما فات الجهاز الفني لفريق اربيل موافقته على تأجيل لقاءات الفريق في الجولات الماضية وكان عليه ان يواصل مبارياته الني يخوضها على ملعبه على اقل تقدير ليجعل لاعبيه في تأهب دائم ومن دون أي ارتخاء خصوصا وان المعسكر المحلي الذي استمر اياماً عدة لفريق أربيل لم يختلف عن اية محطة تدريبية روتينية بينما نجد ان فريق الكويت خاض مبارياته في بطولة الدوري الكويتي واتخذ من تلك المباريات فرصة لتعزيز مستوى الاستعداد والتحضير ، لانه في منافسة حقيقية وعادة اللاعبون يقدمون ما عندهم في مثل تلك المباريات التي ترسم مؤشراً مبكراً عن طبيعة جاهزيتهم.
خسارات بالجملة
عموماً خسر أربيل اشياء كثيرة وكثيرة في هذه المباراة الختامية، خسر الجهد الحقيقي للاعبيه حتى كلام المدرب محروس عندما قال بعد المباراة ان أربيل اليوم ليس بالفريق الحقيقي وخسرت كرة أربيل ما تم تأمينه من عوامل دعم مالي ضخم من اجل اللقب الذي لم يتحقق وخسر الفريق ثقة جمهوره وانصاره بعد ان اهتزت صورته في هذه المباراة الحافلة بالحضور الشخصي عندما حرصت ادارة اربيل على دعوة ضيوف بشكل غير متوقع من كل حدب وصوب إلا رجال الصحافة والإعلام المخلصين الذين وقفوا مع فريقهم بشكل متواصل وابقوا ماكنات الاعلام الرياضي والصحافة شغالة على مدار الوقت من اجل إنجاز مُشرِّف للكرة العراقية، ومن حسن حظنا اننا لم نعش مرارة الخسارة المدوية عن قرب ولم نعش الصدمة التي وصفها محروس بالقوية بعد المباراة ! نأمل ان يكون هذا النهائي درساً وعبرة لمسؤولي الفريق ومراجعة الشأن الكروي للفريق طالما انه يستعد لخوض غمار منافسات رحلة جديدة من البطولة يستهلها في آذار المقبل.