محمد درويش علي انتهت الدعاية الانتخابية، وانتهت أيضاً عملية التصويت، وكعادته أعطى الشعب العراقي تضحيات جراء التعبير عن نفسه، واختيار من يلائمه في تمثيله وبذل مجهوداً كبيراً في ذلك، سواء من خلال تجشمه عناء الذهاب الى مراكز الانتخابات التي كانت تبعد عن عدد كبير منهم، بسبب الإجراءات الروتينية أم بسبب آلام المرحلة السابقة، مرحلة الخيبة المتمثلة بعدم تحقيق ما يصبو إليه.
المهم هو أن الانتخابات جرت وانتهت ونجحت دون التفكير بمن يحكمنا او يوفر لنا فرصة تحقيق ذواتنا، لأنها كانت فرصة حقيقية وديمقراطية وإذا ما كانت هنالك شائبة هنا، أو شائبة هنا أو هناك فهذه تحصل في أرقى الدول التي تسبقنا في هذه العملية الانتخابية. ما كان يسجل للمواطن العراقي (في كل محافظة وقضاء وناحية) هو إصراره على الامساك بالبطاقة الانتخابية، والتعبير عن حبه لبلده، وعدم ترك الآخرين أن يسرقوا صوته، ولا اعتقد بأن شعباً في العالم يمطر بخمسين قذيفة هاون ويواصل سيره الحثيث نحو صناديق الاقتراع! ولكن هذا ما حصل مع الشعب العراقي وفي بغداد تحديداً، إذ أمطر الحاقدون البيوت والشوارع الآمنة بخمسين قذيفة، من أجل ترويع هذا الشعب البطل، واقناعه بعدم اختيار ممثليه، ومثل هذا العدد من القنابل الصوتية التي تروع أيضاً، أنه الشعب العراقي الذي استأنف بعد ساعة أو أقل حياته وذهب الى مراكز الاقتراع ليقول كلمته، إذا كان هذا يمثل شيئاً، فأنه يمثل البطولة ونكران الذات من أجل هدف كبير وأسمى هو العراق! وأن العملية الانتخابية هذه كانت صراعاً بين الخير والشر، بين من يريد بناء العراق، ومن يريد هد العراق، بين الحق والباطل بين الزيف والحقيقة بين البطولة، والجبن الى آخره. استطعنا وبحكم عملنا الاعلامي أن نزج انفسنا في أكثر من مركز انتخابي، لنرى بأعيننا ما يجري، وكانت الحقائق واضحة كوضوح الشمس، رجال الشرطة كانوا متوقدين وعيونهم كعيون الذئاب تنظر باتجاه من يروم تعكير صفو الانتخابات، والمشرفون على الانتخابات كان الحرص ديدنهم في ان يدلي المواطن بصوته ويدلوهم على اسمائهم ويبسطوا امامهم القوائم، دون تدخل، والناخب كان شعلة متوقدة من اجل إضاءة درب العراق القادم. بهذه الروحية جرت الانتخابات، ليتكلل اليوم البنفسجي بالنجاح. سيكون هذا اليوم 7/3 يوماً تاريخياً في حياتنا جميعاً، سيؤسس لعراق جديد، قائم على القانون، تسوده الديمقراطية والحرية واحترام رأي الآخر، وليس العكس. أحد الناخبين قال: هذا اليوم البنفسجي هو رد على أيامهم الدامية، نعم كان رداً على أيامهم الدامية التي أرادوا من خلالها ايقاف الحياة، والدوران به الى الوراء، ولكن كان لهم العكس، اذ كان أول الذاهبين الى مراكز الاقتراع هم أصحاب الشهداء وأولياء أمورهم، ليقولوا أنهم لايهزمون. أحد الاصدقاء من أحدى المحافظات اتصل بي وكان شقيقه قد استشهد منذ اسبوعين وقال: انتخب رداً على الذين كانوا سبباً في استشهاد شقيقي. بهذه الروحية المتعالية ذهب العراقيون الى صناديق الاقتراع أمس الأول وسيذهبون بعد أربعة أعوام من أجل العراق لوحده وليس من أجل شيء آخر.
وقفة :البنفسجي رد على أيامهم الدامية
نشر في: 8 مارس, 2010: 05:58 م