طابور الانتظار كان طويلاً ، وهو بين أسلاك شائكه وقوات متعددة مجهزة بأنواع مختلفة من الأسلحة ، وفيما تنشر القيادات الأمنية قواتها في كل مكان منه ، نرى الفرق الخاصة بمعالجة "المتفجرات" تتمركز في مواقع قريبه من تلك القوات ، استعدادا لأي خرق أمني يستهدف الوافدين ...
بهذه الصورة بدأت ملامح معرض بغداد هذا العام، حالة من القبول للرحلة بين منتجات العالم ، دون مغادرة أكيدة لـ "القلق"، فإدارة المعرض بادرت بشطر الداخلين للمعرض إلى قسمين، للمدنيين واحد وآخر للمسؤولين، باب "الحارثية" للمواطنين، بينما باب تقاطع الزيتون للمسؤولين.
وغالباً ما تقوم قيادة عمليات بغداد بغلق الشوارع المؤدية إلى معرض بغداد الدولي الواقع في منطقة المنصور غربي بغداد، مما يثير سخطاً كبيراً لدى الكثير من الناس الراغبين بزيارة المعرض كونهم يجدون صعوبة بالوصول إليه، إضافة إلى اضطرار اغلب المحال التجارية القريبة من المعرض إلى الإغلاق بسبب عسكرة المنطقة، بمدرعات تحمل مدافع ذات العيار الثقيل بعيد المدى .

تشابه بين اليابان والعراق !
السفارة اليابانية في العراق احتفلت بيوم اليابان في الدورة الـ (23) للمعرض، مغتنمة فرصة إيفاد بعثة من رجال الأعمال اليابانيين إلى بغداد  ومشاركة جناح اليابان في المعرض بشكل كبير .
سفير اليابان لدى العراق ماساتو تاكاؤكا أشار في كلمة بالمناسبة إلى التشابه بين اليابان والعراق، مبينا أن كلا الشعبين فخور بتاريخ طويل وتراث ثقافي وكلا البلدين قد تعرض لدمار الحرب.
وأكد تاكاؤكا دعم اليابان القوي لشعب العراق للمضي قدما، و تضمنت فعاليات يوم اليابان تجربة الثقافة اليابانية مثل ارتداء الكيمونو (الملابس التقليدية اليابانية) وصنع الاوريغامي (فن طي الورق) وتجربة الشودو (فن خط اليد الياباني) بالاضافة الى عرض الفلم الياباني فتيات فن الخط الياباني وهو دراما كوميدية لفتيات المدرسة الثانوية اللاتي أحيين البلدة المحبطة من خلال تنظيم مسابقة لأداء خط اليد .
بينما شدد رئيس هيئة الاستثمار الوطنية سامي الأعرجي الذي حضر الاحتفالية على أهمية التفاهم المتبادل ما بين اليابان والعراق، معربا عن أمله في تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية .

الجلباب الياباني ..
صحيفتنا "المدى" رصدت عددا من الموفدات اليابانيات وهن يلبسن "الحجاب"، بينما أرتدى غيرهن  "العباءة" الشعبية، كما ترتديها العراقيات في اغلب مناطق البلاد، .. وقد عزا المسؤولون ذلك ، تمويها من الاستهداف ومحظوراً امنياً  يدلل  على خطورة الأوضاع ببغداد ! .
وتقول إحدى المشاركات اليابانيات، إن " العباءة مفروضة من قبل الشركات الأمنية العراقية المكلفة بتعزيز الأمن لنا "، مؤكدة أن " دواعي ارتداء الجلباب هو تمويه للجماعات المسلحة، وحفاظا على أرواحنا المهددة في العاصمة، لأننا نسمع ما يتناقل داخل تلك الشركات المكلفة بتأمين الحماية لنا من وصف مخيف للوضع هنا " .
ويرافق الفتيات اليابانيات مترجم عراقي، مستاء هو الآخر من تعامل تلك الشركات مع الأجانب .

تصرّف غريب
ويقول المترجم الذي رفض الكشف عن اسمه في تصريح لـ "المدى"، إن " منتسبي تلك الشركات يتصرفون بغرابة مع الأجانب، يصفون الحال في بغداد بالأسوأ من أي منطقة ملتهبة في العالم "، مضيفا إن " أساليب الشركات العراقية المخصصة لحماية الأفراد، غير مقبولة، لأنها تمسخ الواقع إلى افتراضات سيئة تقلق الوافدين أكثر مما تزرع شيئاً من الاطمئنان في داخلهم ".
وعبر أن " إجبار الأجنبيات على ارتداء "العباءة"، والـ "الحجاب"، لدواع أمنية، لا يليق بتنوع الناس في بغداد، فهو يعطي تصوراً لدى تلك الوفود   أن العام والمطلق في العاصمة هو مع المتطرف الذي يقبل الأجنبية تسير في شوارعه بشرط ارتداء الحجاب "، لافتا إلى أن " هذه التصرفات مختصرة بشركات الأمن العراقية، دون الأجنبية ".
النافورة ترقص
 على أنغام العسكر
تفاجأ زائرو معرض بغداد الدولي، بأصوات النافورة الراقصة التي تتمركز وسط الساحة الرئيسة قرب دار الضيافة المخصص لاستقبال المسؤولين والدبلوماسيين ممثلي الدول المشاركة في فعاليات الموسم الحالي، سماعات النافورة بدأت ببث الأناشيد العسكرية، التي تمجد قيادات وفرقا تابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة !
وتمجد أغاني المعرض الفرقة " الذهبية "، (القذرة سابقا بعد إعلان تشكيلها من القوات الأمريكية قبل مغادرتها العراق نهاية عام 2011) ،وهي الفرقة المكلفة بملاحقة المجموعات المسلحة من خلال عمليات نوعية يشرف عليها رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي وحده دون غيره .
بينما تمجد نافورة أخرى العمليات القتالية لوزارة الدفاع في محافظات غرب وشمالي العراق، بعد إشراف قواتها العسكرية على تلك العمليات بعد تسلمها ملف أمن البلاد من قبل الأمريكان في العام الماضي .
الزائرة رغدة رعد عبرت في حديث لـ "المدى"، عن مدى استغرابها من تجاهل إدارة المعرض أغنيات فلكلور بغداد الجميل، وذكرت " من العيب أن ترقص نافورة بغداد بأغنيات العسكر دون صوت مائدة نزهت، وعفيفة اسكندر أو الجالغي البغدادي  ".
يذكر أن مهرجان معرض بغداد الدولي انطلق بدورته التاسعة والثلاثين في بغداد تحت شعار (معرض بغداد الدولي بوابة للإعمار والاستثمار) وبمشاركة أكثر من (1400) شركة محلية وأجنبية و(20) دولة عربية وعالمية، ويستمر لمدة عشرة أيام ابتداءً من (1/11/2012) لغاية (10/11/2012)
وكان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قد أشار في كلمة ألقاها لدى افتتاحه أعمال الدورة، بحضور عدد من الوزراء وأعضاء مجلس النواب وممثلي البعثات الدبلوماسية في العراق إلى أن إقامة المعرض تعبر عن التوجه الاقتصادي في البلاد، وتعكس حالة الاستقرار والتطور في المجال الأمني التي لولاها لما استطعنا اليوم أن نقيم هذا المعرض على ارض بغداد، مضيفا أن العراق بحاجة  إلى إعادة شاملة لبناه التحتية وزيادة الإنفاق على الخدمات التي يجب توفيرها للمواطنين، في ظل القدرة المالية الحاصلة نتيجة تزايد الإيرادات النفطية.
وأكد أن المعنيين بالجانب الاقتصادي في بلدنا يتحملون مسؤوليات تختلف عن أي بلد آخر، لأن بقية الدول لم تمر بظروف كالتي عاشها العراق في زمن الدكتاتورية، ولم تواجههم تحديات كالتي واجهناها، لكن بالإرادة تقدمنا خطوات مهمة على طريق البناء والإعمار وأصبحت لدينا منظومة قوانين تضمن رؤوس الأموال من التقلبات، وقوانين راعية ومشجعة لحركة الاقتصاد ونموه.