حازم مبيضين جانب التوفيق وزراء الخارجية العرب حين حددوا مهلة أربعة أشهر للمفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وان تلك المفاوضات محاولة أخيرة تستهدف إعطاء واشنطن فرصة لحمل إسرائيل على تنفيذ التزاماتها القانونية بوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة
خصوصاً وهم يؤكدون عدم اقتناعهم بجدية الجانب الإسرائيلي، ويعلنون شكوكهم القوية في أن تثمر هذه المفاوضات، لأنها تتم في فراغ تملؤه الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة وبما يؤكد احتمالات فشلها.وبالتوازي مع ذلك جانب الصواب المعترضين على القرار لأسباب شكلية، ذلك أن اعتراضهم لم يكن أكثر من تسجيل موقف مزايد طربت له حركة حماس، وزادت عليه بالتنبؤ أن المفاوضات ستقود إلى مزيد من الفشل، وأن القرار العربي يعطي عباس غطاءً شكلياً للعودة إلى متاهات التسوية. ومن غزة أتحفنا إسماعيل هنية بأن حكومته المقالة لن تعطي أي غطاء للمفاوضات مع إسرائيل، وكأن أحداً طلب ذلك الغطاء من حكومة لا تستطيع تغطية عجزها، وانتقد الشيخ هنية موقف العرب لتقديمهم غطاء عربيا للمفاوض الفلسطيني، وكأنه يدعو لترك هذا المفاوض مكشوفاً أمام تعنت نتنياهو . من النتائج المباشرة للقرار العربي عودة المبعوث الأميركي جورج ميتشل إلى المنطقة، لمعرفة مدى الاستعداد لبدء المحادثات غير المباشرة، وهي خطوة وصفتها واشنطن بالإيجابية، وأعربت عن أملها أن تخلق تلك المحادثات بعض الزخم لعملية أكثر طموحا، لكنها شددت على أن المهلة التي حددها العرب بأربعة أشهر، يمكن أن تفضي إلى أن لا يسفر هذا الجهد عن نتائج حقيقية، وبرغم ذلك جددت إدارة أوباما التزامها بالسعي إلى تحقيق حل الدولتين، وأملها أن محادثات التقارب ستكون بداية لتلك العملية، بعد أن تتحول المفاوضات غير المباشرة إلى مباشرة.ومثلما هو متوقع ناور رئيس الوزراء الإسرائيلي بإعلانه الترحيب والإشادة بقرار الوزراء العرب، وحاول استغفال ذاكرتنا بالقول إنه أيد باستمرار مفاوضات السلام، ويأمل الآن أن تمضي هذه المباحثات قدماً، وكأن هذا اليميني المتعصب يعتقد بأننا قابلون على نسيان أن مواقفه ليست السبب في توقف عجلة مفاوضات السلام عن الدوران، وأن إصراره على إرضاء الأكثر تعصباً منه في حكومته بمواصلة سياسات الاستيطان كان السبب في توقف تلك المباحثات لانها لم تترك للفلسطينيين ما يتفاوضون عليه. سيناريو الايام المقبلة يتلخص في نجاح المبعوث ميتشل بإدارة مفاوضات ناجحة إن تمكن من التزام الحياد بين الجانبين، وبالتوازي مع ذلك فان وزيرة الخارجية الأميركية ستشارك في اجتماع اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط في موسكو في التاسع عشر من هذا الشهر إذا حظي هذا الموعد بموافقة بقية الأطراف، حيث من المنتظر أن تعرض كلنتون تفاصيل خطة أميركية جديدة للسلام، تتضمن رسائل ضمانات من أوباما إلى الفلسطينيين وتنص على مهلة سنتين لانجاز المفاوضات، وعربياً وعدنا وزراء الخارجية بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لإعادة عرض النزاع العربي-الإسرائيلي بمختلف أبعاده وهم يأملون أن تمتنع واشنطن عن استخدام الفيتو،في حالة فشل المباحثات غير المباشرة. إذا كان العرب بناءً على الظروف غير الطبيعية للفلسطينيين، ومعرفتهم بقوتهم الذاتية، وافقوا على التفاوض غير المباشر، على أمل أن يفضي ذلك إلى العودة للمفاوضات المباشرة، فلماذا حملوا أنفسهم هناء تحديد سقف زمني لتلك المفاوضات لا يتناسب مع طبيعتها، وهل يخفي وزراء الخارجية مخططات أعدها وزراء الدفاع كبديل عن نجاح المفاوضات؟ أم أنهم مغترون بقدرتهم على الضغط على الإسرائيليين والأميركيين لانجاز ما يبتغونه، أم أنهم ،وهذا هو الأرجح، يضحكون على ذقوننا ويتلاعبون بمشاعرنا؟ .
خارج الحدود: لماذا أربعة أشهر؟
نشر في: 8 مارس, 2010: 06:29 م