اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > يونغ.. الذي أشعل ضوءاً في ظلام الكينونة المجردة

يونغ.. الذي أشعل ضوءاً في ظلام الكينونة المجردة

نشر في: 9 مارس, 2010: 05:02 م

الكتاب: ذكريات، أحلام، وتأملاتتأليف: كارل يونغترجمة : عادل العاملإن هذا الكتاب، كما يقول كارمل بريغز في عرضه هذا، هو القصة الكامنة وراء كارل غوستاف يونغ، الذي عاش من 1865 إلى 1961، و الذي كان له تأثيره العميق على الفلسفة الحديثة. و الكتاب، الذي ألفه تقريباً الرجل نفسه،
 ليس مجرد قائمة بتواريخ و أحداث، و إنما هو تاريخ شخصي من الصور الداخلية، و الأفكار و المشاعر التي أدت بيونغ إلى تطوير الإدراكات النافذة التي صنعت شهرته الواسعة. و كانت ليونغ، المولود في أسرة متدينة، أحلام و رؤى على خلافٍ شديد مع المعتقدات و المناقشات الدينية التي تحيط به. و هو يصف النزاعات الداخلية و الطرق التي كان يتعامل بها مع تلك النزاعات، معطياً نفسه نعت الشخصية رقم 1 و الشخصية رقم 2. و يرى أن هذا النزاع يوجد داخلنا جميعاً، لكن أناساً كثيرين ليسوا واعين به. و قد أصبحت الكنيسة مكاناً للعذاب بالنسبة له و هو يصغي إلى مواعظ أبيه، ليصبح متشككاً أكثر فأكثر في هذه الطريقة من التبشير بإرادة الله. إذ يبدو في رأي يونغ، أن إرادة الله شيء غامض و غير معروف، و مختلف بالنسبة لكل فرد، و من المفترض استكشافها يومياً، لا إصدارها كرطانة يسلّم الناس بها، من دون تفكير. و كان على يونغ أن يحتفظ بالكثير من أفكاره لنفسه، لأنه اكتشف مبكراً أن الناس يضايقهم ما يقوله، و هم فقط يتقبلون الحقائق، و الحقائق غير متيسرة. و يصف غنى أفكاره و تجاربه الداخلية بقوله مثلاً " لقد أحسستُ في وقتٍ أو آخر أنني قد اجتزتُ وادي الماس، لكنني لم أستطع أن أُقنع أحداً ــ و لا نفسي حتى، حين نظرتُ بصورة أقرب ــ بأن العيّنات التي كنت قد جلبتها معي عند عودتي لم تكن أكثر من قطع من الحصباء ". و كانت طريقة اقتراب يونغ من مرضاه هي الاصغاء بعناية لقصتهم ــ محاولاً أن يفهم الخلفية الانسانية و المعاناة الانسانية قبل تقديم أي تشخيص سريري. و هو يوضح أن الخطر الذي يهددنا جميعاً في الوقت الحاضر يأتي لا من الطبيعة، و إنما من الإنسان، من نفوس الفرد و جمهور الناس. (هذا رجل عاش في أوروبا خلال حربين عالميتين). و هو يشدد على الأهمية، بالنسبة لكل مَن يعمل في حقل السايكولوجيا، حقل إدراك أنفسهم، و ليس المرضى فقط، لأنه كان يعتقد أنه في العلاج، يكون لكاملٍ شخصية الطبيب و المريض معاً حضورهما المؤثر. و وجد أن أحلامه هو كانت تتأثر في الغالب بمسار العلاج مع المريض، و بهذه الطريقة حصل على الكثير من التبصرات الإدراكية النافعة. لقد كان يونغ عارفاً بأن الكثير من الناس تواجههم رمزية في الأحلام لا يستطيعون فهمها. و في بعض الحالات، يمكن للخوف من التغيير أن يسبب مقاومةً، خاصةً لدى أشخاص مثل اللاهوتيين، الذين يكونون محدودين بالكنيسة و المعتقَد. و قد وصف يونغ نفسه حياته باعتبارها عيشاً على مستويين في وقتٍ متزامن " واحد واعٍ، يحاول أن يفهم و لا يستطيع، و واحد غير واعٍ، يريد التعبير عن شيءٍ ما و لا يستطيع أن يصوغ التعبير بشكلٍ أفضل مما بواسطة الحلم ". و قد سافر على نطاق واسع، و من أسفاره في شمال أفريقيا نشأ فهمه أن العيش في بيئة غريبة يمكنها أن توقظ لدى الناس ذكرى بدائية الطراز من ماضٍ غارق في القِدم كعصور ما قبل التاريخ تبدو منسيةً الآن. و هذا ما يشير إليه بأنه " النفس الظل shadow self ". فنحن ندعو أنفسنا متمدّنين، لكن قبل أجيالٍ قليلة فقط قام أسلافنا بأفعالٍ بربرية فظيعة. و غالباً ما نفصل أنفسنا عن هذه الحقيقة. و في كتابته عن المسيحية و البوذية، يصف يونغ بوذا بكونه صورة لتطور النفس، الذي أصبح لاحقاً نموذجاً يقلّده الرجال. و في المسيحية بالمثل، يشير يونغ إلى أن الأفراد لا يتتبعون طريقهم المقدَّر إلى الكلية  wholeness، بل يحاولون أن يسلكوا الطريق الذي سلكه المسيح. و هذا، كما يقول، يؤدي إلى " حالة جمود قاتلة " في الأديان الكبرى. و لهذا، كما يقول يونغ، " نجد ما يدعى بالغرب المسيحي، البعيد عن خَلق عالمٍ جديد، يتحرك بخطواتٍ عملاقة نحو إمكانية تدمير العالم الذي لدينا ". و يتلمس الكتاب الكثير من أفكار يونغ التي احتوت عليها (أعماله المجموعة) بشأن الدين، الخير و الشر، الطُرُز البدائية، الأحلام، التربية و التعليم، و وجدت نفسي منجذباً للقراءة فيه بعمقٍ أكثر. إن يونغ يصف هبة الإنسان العظيمة بأنها هبة الوعي، قدرته على التأمل و استخدام عقله. و بالنسبة ليونغ، بالتالي، فإن هدف البشر الأولي هو تطوير ذلك الوعي، من خلال تطوير معرفة الذات. " فبقدر ما نستطيع أن ندرك، فإن الغاية الوحيدة للوجود الإنساني هي إشعال ضوء في ظلام الكينونة المجردة ", و لقد كان كارل غوستاف يونغ الرجل الذي حقق ذلك الهدف بالتأكيد.  عن الايكونومست

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram