TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > وانـتـصــرت إرادة العـــراقيــين

وانـتـصــرت إرادة العـــراقيــين

نشر في: 9 مارس, 2010: 05:07 م

حازم مبيضينبغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات التشريعية الثانية في عراق ما بعد صدام حسين،فان المهم والمفرح هو حجم مشاركة أطياف الشعب العراقي كافة في هذه التجربة التي يخوضها عراقيون في الخمسينات من أعمارهم للمرة الاولى،وهم على ثقة بقيمة ورقة الاقتراع التي يلقونها في الصناديق،ويتحملون في سبيل ذلك مخاطرة التعرض للهجمات الارهابية،التي توعدهم بها تنظيم القاعدة الرافض لاستقرار العراق،
 وتلك التي نفذها مناهضو العملية السياسية دون أن يجرأوا على الإفصاح عن أنفسهم أو تبني تلك الهجمات.سواء فازت قائمة ائتلاف دولة القانون أو قائمة العراقية،أو تعادلتا،أو تفوقت عليهما قائمة أخرى،فان المهم أن شجاعة الناخبين العراقيين هزمت ظلامية الإرهابيين،وأن العراقيين تحدوا تهديداتهم،وأثبتوا أن مشاركتهم تؤكد اختيارهم بناء مستقبلهم عبر العملية  السياسية،وأن العراق يتجه لأن يكون " واحة ديمقراطية وسط صحراء من الشمولية والديكتاتورية "،وسواء تشكلت الحكومة الجديدة من قائمة واحدة تحظى بالأغلبية،أو تشكلت من تحالف أكثر من قوة سياسية،فان العراقيين الذين انتخبوها في ظل ظروف ضغط غير عادية،يستحقون منها العمل على إنصافهم من سنوات القهر والفوضى التي عاشوها،ويستحقون منها بذل جهود غير اعتيادية للعبور بالعراق إلى مرحلة استقرار وبناء وأمن وأمان.في عمان البعيدة والقريبة من بغداد في آن معاً،كان العراقيون على موعد مع مستقبل بلدهم،ولم يضيعوا الفرصة،ولم يفرطوا فيها،وكان رائعاً مشاهدة عجوز على كرسي متحرك،لا يستطيع الكلام،لكنه يستطيع الوصول إلى المركز الانتخابي ليمارس حقه في الاقتراع،وهو على ثقة بأنه يوازي حقه في الحياة والفرح والامل والطمأنينة،وكان جميلاً مشاهدة عوائل وصلت مجتمعة،وأطفالها يرتدون ملابس الأعياد،ويتعلمون الحرف الأول في الديمقراطية التي افتقدها آباؤهم لعقود طوال من حكم الحزب الواحد،والقائد الضرورة،والعائلة الحاكمة بقوة البطش والتسلط و(الزعرنه).كردستان العراق كانت نجمة مضيئة في سماء التجربة الانتخابية العراقية،وفيها كما تناقلت الأنباء،كان الهدوء والتنافس الديمقراطي سيد الموقف،وكان جميلاً أن لايمارس حزب الاتحاد الوطني موقعه السلطوي لقمع منافسيه،ورضي بحسم صناديق الاقتراع،وهو بذلك يؤكد أن الشعب هو مصدر السلطات،وأن أيام نجاح الحاكم لمجرد أنه يحكم قد ولت إلى غير رجعة،وكان جميلاً أن يرأس ناشط مستقل وغير حزبي قائمة التحالف الحزبية في أربيل،وبما يؤكد ترسخ ثقافة الانتماء للوطن كقيمة تعلو وتتجاوز قيمة الانتماء الحزبي. سنسمع من هنا وهناك انتقادات لسير العملية الانتخابية،ومهما كثرت تلك الانتقادات،ومهما كان قريباً أو بعيداً موقعها من الحقيقة،فأنها لن تؤثر في القناعة بأن العراق اجتاز مرحلة من تاريخه،ودخل ( أو عاد ) إلى التجربة الديمقراطية،وتداول السلطة سلمياً،والامتثال لرغبة المواطن باعتبارها أسمى وأكثر احتراماً من رغبات الحاكم بغض النظر عن من يكون،ولن يكون نقد العملية الانتخابية العراقية استثناءً،فقد اعتدنا في السنوات الأخيرة سماع رفض نتائج الانتخابات من الطرف الخاسر في أكثر من دولة،ومن بينها تلك التي خرجت من تحت عباءة الاتحاد السوفييتي،وحتى لو كانت تنتمي للقارة الاوروبية العريقة في قضايا الانتخاب والديمقراطيه. بغض النظر عن الحكومة القادمة لتحكم العراق،فانها مجبرة على حكمه ديمقراطياً،ومجبرة على سماع رأي الشارع والاستجابة لمطالبه،وتقديم الخدمات المطلوبة،ولعل العراقيين يكتفون بذلك في المرحلة الراهنة.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram