كاظم الواسطينعم، يا رماة القذائف الخائبة، لن تثنوا عزيمة السائرين نحو تقرير مصيرهم، وبناء شكل الحياة الذي يطمحون إليه، فهم يعرفون أن درب التغيير وعرٌ، وفيه الكثير من العثرات، والأشواك، والقذائف، ولكن لتعلموا أنتم أيضا، أن ما يجعل الخطوة على هذا الدرب راسخة وغير قابلة للتراجع هو " خيط الرجاء "
الممتد إلى أفقٍ يتحرر فيه المواطن العراقي من كل قيود الاستبداد، والاستعباد التي أحنت ظهره، وأضنت روحه، ووضعت الأسلاك الشائكة حول عقله. لقد عانى هذا المواطن، خلال عهود الاستبداد، ظروفاً دون مستوى الآدمية، وعاش طوال حرب الثماني سنوات، وما أعقبتها من تبعات غزو الكويت، في فضاءات مفتوحة على القذائف، والصواريخ، من كل نوعٍ وصنف، خرج الناجون منها بارادةٍ وتوقٍ شديدين لتغيير واقع حياتهم المرير، بشكل لن يخفف من غليان مرجله الصاخب إلاّ طمس تلك الصور الموحشة، والمتوحشة التي روّعت حياتهم، وجعلت العيش في ظلها من المستحيل الذي لا يُطاق. فوعورة درب التغيير، بعد كل تلك المعاناة، تمرين ينشّط أرواح سالكيه ممن يتمسكون بشعاع الأمل في عيون الناس التوّاقين لبيئةٍ جديدة، يزدهر فيها الأمان، والحرية، والأمل، ما يجعل محاولات البعض بوضع الموانع، والعراقيل على هذا الدرب نوعاً من التذكير بتلك الأزمنة الضّاجة بالحروب ومساحات موتها الواسعة، وهو ما يدفع المواطن العراقي إلى الإندفاعة القصوى على هذا الدرب، مهما كانت شدّة وعورته، وصعوبة مسالكه. فالتراجع، والعودة للوراء، ستكون شبيهة باختيار الجحيم طريقاً للحياة، والخضوع لضغط مجموعةٍ من المرتزقة اليائسين ممن اختاروا درب العداء للوطن والشعب، وهو درب يقود سالكيه، دائماً، إلى اليأس والجحود، فأي رجاءٍ لمن يقتل الناس الابرياء، بشكل عشوائي، ولمجرد القتل ونشر الرعب؟ وبأي منطقٍ يفكرهؤلاء المهووسون، وهم يرون إلى هذه الملايين المتوجهة إلى صناديق الورق والحبرالبنفسجي لكي تقرر، من خلالها، نوع الحياة التي تطمح اليها، وطريقة العيش التي ترغب بها، في مواجهة صناديق الديناميت التي لم تثنها عن مسيرتها الورقية – البنفسجية خلال السبع سنوات الماضية التي أعقبت التغيير؟ انه منطق من لا أمل لهم في الحياة، ومن صار رجاؤهم الوحيد تعطيل، وتدمير كل ما يمت للحياة بصلة. وهاهم يجربون أو يعيدون تجريب حظهم الخائب في يوم الانتخابات، عبر مجموعة من القذائف التي أطلقت بشكل عشوائي على مناطق متفرقة، بهدف ترويع المواطنين، وثنيهم عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ولكن خيبتهم، هذه المرة، كانت أكبر وأشّد مرارة، بسبب عشوائية اهدافهم، التي تدلل على الترتيبات الأمنية المحكمة حول المراكز الانتخابية، والجانب الاهم من الخيبة التي حصدوها من هذه التفجيرات، هو الاندفاع الكبير للناخبين للمشاركة في الانتخابات، غير آبهين بالتهديدات التي سبقت يوم الانتخاب، ولا بالتفجيرات البائسة التي حصلت اثناء العملية الانتخابية، بل كان إيصال أصواتهم إلى صناديق الاقتراع هدفاً يحثون نحوه خطى واثقة وشجاعة. من هنا، على السياسيين الذين مازالوا يميلون لهذا الطرف أوذاك، ويخضعون لهذه الاجندة أو تلك، أن يتعلموا الدرس من حرص هذا المواطن، واستعداده، وسط كل هذه المخاطر، ليمنحهم صوته الذهبي الغالي، ان يكونوا بمستوى خياراته الوطنية، إذا كانوا، حقاً، يريدون الديمقراطية نهجاّ وسلوكاً في الحياة والحكم. أما (المتمكيجون) بالديمقراطية شكلاً، واطاراً لجوهر مختلف، نستطيع أن نقول لهم الآن: إن سخونة الحدث السياسي في العراق سيذيب مثل هذا المكياج، ويترك بعض لطخات مشوهة على وجوهٍ ستغادر مسرح الحدث بخيبة ٍ كبيرة.
وقفة :درب التغـــــــيير.. درب الأمــل
نشر في: 9 مارس, 2010: 06:03 م