عبدالله السكوتيوالكارة مقياس من مقاييس بيع التمر، ومازالت مستعملة في البصرة ومعناها ايضا (البقجة) ؛ وهذا المثل كان شائعا بين اهل بغداد في المئة السادسة للهجرة ، وقال ابن خلكان في شرحه مانصه: ان هذه العبارة من اصطلاح البغاددة ، فانهم يقولون : (وكارتي بعد في العيار)،
وقال البديع الاسطرلابي مضمنا المثل: اذاقني حمرة المنايا / لما اكتسى خضرة العذار وقد تبدى السواد فيه/ وكارتي بعد في العيار ويحكى في هذا ان رجلا اشترى كارة من شخص ، فوضعها في الميزان وقبل ان يزنها طالبه البائع بالثمن ، فاستنكر المشتري وقال له: (بعد كارتي في الميزان)، وهذا ماحدث في الانتخابات التشريعية التي كانت عرسا عراقيا كبيرا، زينته ثقافة جديدة اصبحت راكزة في ضمائر ابناء العراق وعلموا كيف يتداولون السلطة سلميا ، غير ان البعض ممن اراد تنغيص ومصادرة هذا العرس ، بدأ يزمر لنسب ما انزل الله بها من سلطان منذ منتصف نهار السابع من آذار، واخذ يتداول الخطب الرنانة بانه اصبح قاب قوسين او ادنى من الانتصار كما يدعيه، ونحن نعلم ان لفظة الفوز في الانتخابات اكثر انصافا لهذا الفعل المقدس وهي تختلف عن لفظة الانتصار الحربية ، مع علمنا ان السباق الانتخابي لايعني بالضرورة خوض معركة حيث رافقت الخطب اناشيد عفى عليها الزمن، وكانت من سياسات الحرب والقتال والموت والتدمير، لقد تنفسنا الصعداء حين تخلصنا من بعض المصطلحات من امثال الريح الصفراء ، والثور المحتضر والسيف المجرب والزحف الكبير، ولعلنا فرحنا بجديدنا وقلنا نستبدلها مثلا بالقلم الصادق والثقافة العالية والتراث الثر وهذه المفردات الجميلة التي لاتنم عن عدائية وعدوان وخوف، وكلنا يعلم ان بعض الكائنات تصدر اصواتا مزعجة ليس من قبيل اخافة الاخرين ولكن لخشيتها من الظلام والوحدة وبعض الاحيان العزلة ، لقد بشروا بالنصر المؤزر وكانهم في ساحة معركة، ترافقهم (هاخوتي النشامه ، عليهم يلنشامه) وحاكموهم ولاادري من يدعو لمحاكمة من ، ومن المتهم ومن البريء، ونحن حيارى متى تمكنت المفوضية من فرز الاصوات مع انها لم تنته بعد من أي شيء. لقد حصدوا الاصوات حصدا بحسب مايدعون ، يضمرون في انفسهم انهم اذا لم يفلحوا فعندها سيبدأ بوقهم ان الانتخابات غير نزيهة، تساعدهم في ذلك بعض وسائل الاعلام والفضائيات التي انشئت لهذه الغاية. انها لعبة جديدة تدخل عالمنا الديمقراطي الفتي، يرددون فيها هذا القول المأثور او يسيرون بجانبه (اذا ابتسم المهزوم فقد المنتصر لذة النصر) ، ونحن نقول ان الكارة لم تزل بعد في العيار، فعلام يطالب البائع بثمنها ، لننتظر ولتصبح الاصوات في الجيوب عندها يستطيع الفائز ان يقول مايحلو له، ويقرأ القصائد ويطرب لسماع اناشيد النصر كما يسميه. ان التداول السلمي للسلطة ثقافة وهو جديد على مجتمعنا ، ولذا علينا الحفاظ عليه سلميا وممارسته سلميا ، بلاسيوف ولاالفاظ حربية ، فلقد شبعنا من مصطلحات الحرب والتهديدات والترهات، من يتكلم عليه ان يقول حقا او يصمت ويدع العراقيين فقد رأوا الطريق امامهم واضحا ، طريق الثقافة والديمقراطية والسلام والمحبة وليسوا اعداء لاحد ولايريدون تدمير الاخرين ، ولنقل عكس ماقال الشاعر (ولكن على اقدامنا تقطر الدما) ، ولندع على اقدامنا تتناثر الورود وسياسة التسامح.
هواء فـي شبك :( وكارتي بعد فـي العيار)
نشر في: 9 مارس, 2010: 07:39 م