حازم مبيضينيمكن التأشير بسهولة إلى إن التهم الظالمة، والاستخفاف بالبيشمركة، يأتي من قبيل لفت النظر إلى من يقومون بذلك، برغم علمهم بالخطأ الكبير، وهم يعرفون أن هؤلاء المقاتلين الشرفاء هم الذين انتزعوا كافة الحقوق التي يتمتع بها الشعب الكردي في العراق، وأن شرعيتهم مستمدة من تضحياتهم،
وأن التهجم عليهم غير مقبول خاصة إن جاء من برلماني كردستاني وصفهم بالميليشيا، وهو يعرف أن الدستور العراقي منحهم شرعية قانونية ودستورية، وليس غريباً ولا مستبعداً أن يعتبر الكرد أن الاستخفاف والاستهجان بالبيشمركة يعد أسوأ أنواع الخيانة العظمى.وبسبب الإساءة اليهم تظاهروا مطالبين بمعاقبة النائب الذي تجرأ على وصفهم بالميليشيا، متجاهلاً أنه ما كان ليكون في موقعه هذا لولا تضحياتهم، ولولا الدماء التي أراقوها على سفوح وقمم جبال كردستان، ولولا الليالي الطوال التي قضوها ملتحفين الثلوج، لا ناصر لهم غير إيمانهم بعدالة قضيتهم، ولا ثقة لهم إلا بشعبهم الذي احتضنهم كلما كان ذلك لازماً وضرورياً، وهو يتشوق لقطف ثمرة نضالهم، حريةً كاملةً، واستقلالاً كاملاً، وديمقراطيةً كاملة، وكان أن انتزعوا كل ذلك من بين أنياب نظام دكتاتوري حديدي. في عراق اليوم كفل الدستور العراقي وضعَ البيشمركة القانوني والأمني، واعتبرها مكوناً رئيسياً من منظومة الدفاع الوطنية، رغم ادعاء البعض بأن مهماتها تنحصر في محافظات إقليم كردستان الثلاث فقط، ورغم المخاوف من أن تكون هذه القوات تابعة لتأثير الأحزاب السياسية، دون أن نغفل أن الميول السياسية للأفراد (إن وجدت) فانها لن تؤثر على واجباتهم العسكرية، وفي عراق اليوم الذي يحترم فيه المكون العربي نضالات البيشمركة يبدو مستهجناً تطاول سياسي كردي على هذه القامات العالية التي لا تستحق غير الاحترام والتبجيل.لا ندري إن كان النائب المحترم يعرف أن مناضلين عراقيين وعرباً انضموا إلى صفوف البشمركة، لإيمانهم بعدالة القضية التي يناضلون من أجلها، ولسمو الهدف الذي يسعون لتحقيقه، وأن هناك مناضلين كثراً في هذا العالم مستعدون للانخراط في صفوف هذه القوات فيما لو دعاها الداعي لحمل السلاح مجدداً للدفاع عن حقوق الشعب الكردي، ولا ندري إن كان النائب المحترم يعرف أنه أساء لكل هؤلاء المناضلين عندما أساء للبيشمركة، ولسنا نظن أن كرديين يختلفان على ثابتين في حياة الشعب الكردي، وهما الملا مصطفى بارزاني الذي قاد نضالات هذا الشعب لسنوات طوال، فنال مرتبة الشهداء والقديسين، والمناضلين في سبيل حرية شعبهم الذين انخرطوا في صفوف البيشمركة لينالوا النصر أو الشهادة، وكان أن قدم الكثير من هؤلاء أرواحهم على مذبح قضية شعبهم، وتابع البقية النضال حتى النصر. لا نظن أن الاعتذار للبيشمركة سيكون كافياً، ولا نظن أن الاعتذار يجب أن يكون موجهاً لهم فقط، وعلى المسيء لهذه القامات العالية أن يعتذر أولاً لكل أبناء الأمة الكردية، ولأرواح كل الشهداء، ولكل إنسان في هذا العالم تعرف إلى عدالة القضية الكردية من خلال تضحيات البيشمركة، وأكثر من ذلك للتنظيم السياسي الذي ينتمي إليه، بعد أن أساء لهذا التنظيم أكثر من إساءته للبيشمركة الذين سيظل تاريخهم النضالي فوق كل الاعتبارات.
كردستانيات: التطاول على البيشمركة
نشر في: 10 مارس, 2010: 06:23 م