واخيرا حسم القضاء اللبناني قضية مهمة شغلت الرأي الثقافي لعامين حيث ادانت محكمة الاستئناف في بيروت رئيس تحرير مجلة الاداب سماح ادريس ووالدته عايدة مطرجي وفقا لاحكام المادتين 20 و21 من المرسوم رقم 104 المعدل وذلك في الدعوى القضائية التي رفعها ضدهما رئيس مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون فخري كريم
اثر قيام ادريس بنشر افتتاحية في مجلة الاداب بالعدد 5 / 6 في عام 2007 كرسها لمهاجمة أسبوع المدى الثقافي وفخري كريم ومن خلالهما للتهجم على قطاع كبير من المثقفين العراقيين والعرب ممن أسهموا في فعاليات الأسبوع. ولم تتردد الافتتاحية في إطلاقها سيلاً من اتهامات التخوين والعمالة للاحتلال واطراف أخرى فضلاً عن إساءات وتجريح شخصي يستفيد من "ارث" مخابرات صدام التي دأبت على تشويه رموز ورجال المعارضة الوطنية العراقية إبان الحقبة الدكتاتورية.وكانت قضية الدعوى المرفوعة ضد ادريس ومجلته التي خرجت على يديه عن سياقاتها الاحترافية التنويرية والمهنية الثقافية قد خلقت زوبعة اعلامية جند لها ادريس اطرافا سياسية معروفة لبنانية وعربية تحت يافطة صيانة (الكلمة الحرة) وهي التسمية التي اختارها سماح ادريس ليبرر تهجمه على الرموز السياسية والثقافية العراقية. لقد اتكأت الاداب البيروتية واتباعها على مفهوم مفاده عدم أحقية رافع الدعوى باللجوء الى القضاء، وأن عليه الاكتفاء بالرد على الهجوم الذي شكك بتاريخه ومسلكه وذمته المالية كما شكك بكل الانجازات التي جرت في كردستان العراق والتآخي الحقيقي الذي يربط المثقفين بمختلف قومياتهم. وعد مناصرون اللجوء إلى القضاء نقيصة، وعيباً، وكأن القضاء ليس معنيا باعادة الحقوق إلى اصحابها إذا اقتنع بدعواهم. وقد رد القضاء اللبناني بحزم محققا العدالة في هذه القضية حيث اكد مصداقيته وانتصاره للحق وهو امر يدعو الى التباهي كما ان ديمقراطية لبنان هي الرائدة في بث اشعاع الحرية ورفع قيمة الانسان.إن افتتاحية ادريس وما تحشد حولها من كتابات لمثقفين وسياسيين واشباههم ممن تكشف سيرهم عن ممالأة النظام الاستبدادي في العراق تكرس جميعها نمطاً من الأداء الثقافي والإعلامي الذي يريد استغفال القارئ العربي من جهة وتشويه الخصم الثقافي والسياسي من جهة أخرى، فيما يركز (البيان – وثيقة الشرف) الذي عمل سماح إدريس وحزبه على ان يجند له سياسيين وكتاباً وموظفين على إباحة الحق بالتشهير والتجريح والإساءة لكل من شاء وضد أي شاء،على اساس ان ذلك يدخل في باب الادب!الى ذلك اتسعت بشكل لافت دائرة الاهتمام الإعلامي العراقي والسياسي بتداعيات الدعوى القضائية التي رفعها رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون فخري كريم ضد سماح ادريس فقد وقع المثقفون العراقيون والسياسيون والنشطاء في منظمات المجتمع المدني على بيان تضامني ردا على الحملة الاعلامية التي روجت لها جريدة الاخبار اللبنانية تحت مسمى ( ميثاق شرف بين انصار الكلمة الحرة ).البيان العراقي المناهض لوثيقة الاخبار اللبنانية تعاضدت فيه تواقيع لسياسيين وشخصيات اجتماعية مرموقة في ظاهرة تعد الاولى من نوعها منذ عقود والاكثر اثارة. جاء ذلك بعد ان صعّد الاعلام العراقي، بتعددياته المختلفة، من دفاعه عن الثقافة العراقية الجديدة باعتبارها التكوين الاكثر اصالة والاشد دلالة على وحدة النخب العراقية المثقفة ووطنيتها. واعاب الاعلام على المتضامنين مع الدكتور سماح ادريس حشر الثقافة العراقية في مضيق مناصرة غير موضوعية افضت بهم الى انتقاص غير مبرر لا يعبر عن غيرة حقيقية وانما عن تعصب سياسي غير بناء مدفوع بأنوية معادية. وشكك المثقفون العراقيون بدوافع الحملة الاعلامية التي ادارتها جريدة الاخبار اللبنانية وعدت الحملة بفهم انها نابعة من تعصب سياسي يرتبط بوشائج مع النظام العراقي السابق.هذه القراءة دفعت اكثر من 100 برلماني عراقي إلى التوقيع على بيان المثقفين كما دفعت المئات من النشطاء في مجالات المجتمع المدني ورؤساء العشائر والوجهاء إلى الحاق تواقيعهم بالبيان فيما ذهب كتاب إلى وصف حملة الاخبار: بانها خروج عن المسار المهني الصحفي والعمل على خلق ازمة لبنانية عراقية من نوع خاص. الاستياء الثقافي امتد الى الكتّاب الكرد حيث نظموا احتجاجات بمختلف الوسائل، واصدروا بيانات باللغة الكردية ايدها المئات من المثقفين الذين اطلقوا حملة تواقيع واسعة شملت اقليم كردستان في سابقة تعد الاولى. البيان العراقي اورد نقاط اختلاف جوهرية حيث اوضح أن هذا السلوك الرامي إلى تشويه صورة الآخرين ووصم سمعتهم والنيل من كرامتهم لا علاقة له إطلاقاً بـ (الاختلاف في الرأي والمعلومة والدليل) وإنما يدخل في باب الانتهاكات التي لا ينبغي السكوت عنها. ولا مكان لحسم مثل هذ الخلاف، سوى ساحة قضاء عادل يستند إلى القانون الذي يحفظ للناس كرامتهم مثلما يحفظ لهم أمنهم. واضاف البيان : إن محاولة مدبجي (البيان – وثيقة الشرف) تصوير الشتائم والاتهامات والتلفيقات على انها صورة للاختلاف في الرأي والفكر، هي محاولة سيئة للانحطاط بخلافات الرأي والفكر إلى هذا الدرك، كما هي محاولة مريبة لتوفير غطاء نظري وتشريعي يعطل القانون ويسمح بانفلات أخلاقي يكون مجاله الإعل
القضاء اللبناني ينتصر لـ المدى ويدين افتراءات سماح إدريس وأعوانه
نشر في: 10 مارس, 2010: 07:01 م