TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: شكراً للقضاء اللبناني

خارج الحدود: شكراً للقضاء اللبناني

نشر في: 12 مارس, 2010: 06:22 م

حازم مبيضين لم يساورنا الشك لحظة واحدة بانحياز القضاء اللبناني إلى الحق والحقيقة, والإلتزام ببنود القانون الذي لايجيز لكائن من كان الخوض في سير الناس, واتهامهم باطلاً بما ليس فيهم, اعتماداً على علو الصوت, وعلى ميليشيا من الأقلام التي تفتش عن عرس لترقص فيه,
وهي تفتش عن القامات العالية لتتمحك بها بحثاً عن شهرة لم تتوفر من خلال العمل الدؤوب والمنتج, ولم يساورنا الشك لحظة أن محاولات رفض المسؤولين عن مجلة الآداب البيروتية الاحتكام إلى القضاء, كان ينبع من معرفتهم بأنهم تجاوزوا الحدود في هجومهم على الاستاذ فخري كريم, وعلى كل المثقفين المشاركين في مهرجان المدى في أربيل, وصولاً إلى الكشف عن شوفينية حاقدة, تمثلت في التهجم على القيادات الكردية التي رعت المهرجان المنعقد على أرض إقليم كردستان العراق.الإنصاف لم يكن موجهاً لفخري كريم وحده, ولا لمؤسسة المدى التي يرأس مجلس إدارتها, والتي تقوم بنشاطات تكاد تتفوق على نشاط أي وزارة اعلام وثقافة مجتمعتين في عالمنا العربي, لكنه كان موجهاً لمئات المثقفين العراقيين والعرب المشاركين في ذلك المهرجان, لأن مقال السيد سماح إدريس في الاداب لم يكن مكرساً للتهجم على كريم وحده, وانما تطاير شرره ليصيب كل من تعاطف مع مهرجان المدى, لكن كريم تحمل وحده مسؤولية الدفاع عن كل هؤلاء, وهو لم يلجأ للاساليب الديماغوجية ولا جيش الأقلام دفاعاً عن شخصه أو نشاطات مؤسسته, مع مقدرته على ذلك, وإنما لجأ إلى بيت العدالة اللبناني في خطوة تؤكد حضارية نظرته, مثلما تؤكد ترفعه عن الدخول في حلبة الزار التي استنفرت لها الآداب جمعاً من بقايا القومجيين, وحشوداً من بعثيي صدام, وجيشاً من طالبي الشهرة ولو على خازوق.والإنصاف لم يكن موجهاً للمدى ورئيسها والمشاركين في مهرجانها وللقادة الكرد وحدهم, وإنما ( وهذا هو المهم ) كان يصب في مصلحة النظام العراقي الجديد المؤمن بالتعددية السياسية والديمقراطية وتداول السلطة سلمياً, وكان يصب في طاحونة التغيير المأمول على الأنظمة الشمولية, الحاكمة والمتحكمة برقاب ومصالح شعوب المنطقة, والساعية للتحكم حتى في مستقبل الأجيال القادمة من هذه الشعوب, وكان إنصافاً للانعطافة التي بدأت بالعراق الذي تؤكد تجربته الانتخابية الأخيرة أن التغيير لمصلحة الشعوب قادم لامحالة, وأن الحروب الدينكوشيتية التي يخوضها أصحاب العقول المتحجرة, وأبناء التنظيمات المؤمنة بامتلاكها الحقيقة وحدها, والصغار الذين يبحثون عن القائد الضرورة ليوجه خطاهم ولا نقول تفكيرهم لأنهم استقالوا من هذه النعمة الإلهية, سترتد بسهامها عليهم, إن لم يكن بقوة الطبيعة فبقوة القانون.كنت أعرف عراقياً, يتباهى بمعارضته لنظام صدام حسين, ويزعم الإنتماء لليسار, ويستفيد من كل ذلك, ومن كل الجهات, وسعى قبيل سقوط نظام صدام للعمل مع الاميركيين, الذين يبدو أنهم كشفوه فرفضوه, وانتقل بعد سقوط النظام ليرفع رايات الدفاع عن العرب السنة, ووجد حاضنته في تنظيم يقوده المشايخ ويرتبط فكرياً مع تنظيم القاعدة الارهابي, وهو تنظيم يقبض من مشيخة خليجية تشعر بالضرر المنتظر من انتصار فكرة العراق الديمقراطي التعددي, وكنت أعرف أردنياً تشبث باليسار فترة, ثم انتقل إلى يسار اليسار ثم تطرف باحثاً عن الشهرة من خلال اختراع يسار جديد, ومن أشباه ذلك العراقي, وهذا الاردني حشدت الآداب جيشها للهجوم على المدى, وهؤلاء لم يكن مقدراً لهم غير أن يقودوا سماح إدريس إلى الرضوخ لحكم العدالة اللبنانية, ولا نشمت به على الموقف الذي وجد نفسه فيه, ونحزن لأن الآداب التي كانت صاحبة دور ريادي في الثقافة العربية, قد وصلت إلى موقعها الحالي الذي لانرغب بتوصيفه, وفي كل الأحوال نرفع قبعاتنا أحتراماً وإجلالاً للقضاء النزيه في لبنان, ونؤكد أن اللجوء إلى بيوت العدالة أكثر جدوى من الصوت العالي الخالي من المضامين الحضارية والانسانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram