TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > سيد درويش شيخ الموسيقى العربية

سيد درويش شيخ الموسيقى العربية

نشر في: 12 مارس, 2010: 06:48 م

سعاد الهرمزي فن السيد درويش جزء من تراث أمة تعتز بمبدعيها كما تعتز بأصالتها ، وهو جزء من كفاح شعب وكتب كثيرون عن السيد درويش وظهرت أعماله فى الإذاعة والمسرح والسينما والتليفزيون بعد وفاته بسنوات طويلة ، وهو هنا يختلف عن غيره من الفنانين الذين استمرت أعمالهم بعد وفاتهم ،
  إذ أن موسيقاه قد ظهرت ثانية بعد فترة طويلة من التواري ولظروف سياسية زادت على ثلاثين عاما أعقبت وفاته المفاجئة عام 1923 فكيف تعود وبقوة بعد هذا الانقطاع الطويل وتنتشر فى أجيال لم تعاصر السيد درويش ولم تسمع أعماله قط.. ولد السيد درويش مصطفى البحر مرتين ، الأولى فى 17 مارس 1892عندما وضعتة والدتة فطومة الوردانية في بيتهم بحارة البوابة المعروفة بحارة الحاج بدوي ووالده هو المعلم درويش مصطفى البحر وتلك ولادته الجسدية والثانية هي ولادته الفنية لوطنه وأمته في 1917بالقاهرة في أسرة بسيطة فى أحد أحياء الإسكندرية العريقة وهو كوم الدكة ، لم ينشأ السيد درويش فى أسرة فنية ولم يجد أحدا يشجعه على السير فى اتجاه الفن ، بل على العكس لقي العنت والتعنيف والإكراه على عمل أشياء لم يجد فيها إحساسه بذاته ، وفى ظل ظروف معيشية غاية في القسوة كان الفن بالنسبة لمثله ترفا لا يمكن لمسه وحمل الفتى الصغير مسؤوليات أكثر من طاقته فقد توفي والده وامتهن السيد درويش حرفة النجارة وهو فى السابعة، وحملته أسرته على الزواج المبكر في السادسة عشرة من عمره واضطرته تلك المسئوليات إلى العمل مبكرا من أجل الأسرة الجديدة وهو لم يكمل تعليمه بعد في هذه الظروف كان الفتى الصغير يبحث عن وسيلة للتعبير عما فى نفسه من ضغوط وعن أحلامه في الحياة فلم يجد أفضل من الموسيقى ، وانجذب بحسه العالي إلى ما سمعه من أساتذته فى المدرسة وبدأ يبحث بنفسه عن مصادر أخرى لهذا الفن فأخذ يتردد على ألأماكن التي تقدم الفنون في مدينته الهادئة الإسكندرية ، المحلي منها والأجنبي ، ثم بدأ يردد ما حفظه على أسماعهم من الحان وكان السيد درويش طالبا بالمعهد الديني بمسجد أبى العباس المرسى الشهير ، لكن أصدقاءه وجدوا فى الشيخ الصغير موهبة تستحق الاستماع إليها فدعوه لإحياء حفلاتهم العائلية ، و حاول عندئذ العمل بالفن لكنه لم يفلح ، ومن أعاجيب القدر أنه عندما استسلم لضغوط الحياة وبدأ يعمل كبناء لحساب أحد المقاولين فإذا بهذا العمل نفسه يقوده إلى أبواب الفن فها هو المقاول يكتشف فيه موهبة ذات فائدة عظيمة عندما سمعه يغنى وسط العمال وهم يرددون غناءه ، لم يكن المقاول فنانا، ومن زاوية مصلحية بحتة عرض على السيد درويش التفرغ للغناء للعمال بينما يحتفظ بنفس الأجر لما وجد أن غناءه أثناءالعمل يزيد من حماس العمال ويجعلهم يعملون بلا كلل أو ملل فاستراح الصغير من عناء العمل وتفرغ للغناء فى عام 1909 يتدخل القدر مرة أخرى فيسمع غناءه رجلان من الشام وهما أمين وسليم عطا الله صاحبا فرقة مسرحية تعمل بالشام ، عرض الرجلان عليه على الفور العمل بفرقتهما فقبل الشيخ السيد وسافر فى أول رحلة له خارج مصر وعمره حينئذ حوالي 17 عاما ، لكنه لم يمكث غير عشرة شهور لم يوفق فيها ماديا لكنه جمع تراثا موسيقيا قيما خاصة بعد لقائه بالموسيقي المخضرم عثمان الموصلى في عام 1912 التقى سيد درويش بالموصلي مرة أخرى في رحلة ثانية إلى الشام مع الفرقة نفسها وأكمل خلال تلك الرحلة ما كان يتوق إلى جمعه من مواد التراث وعاد بعد عامين وقد أحضر معه العديد مما عثر عليه هناك من الكتب الموسيقية في عام 1914 عاد السيد درويش للعمل بمقاهي الإسكندرية لكنه لم يكتف بتقديم ما حفظه عن اهل الطرب القدامى ، ولكنه بدأ يبدع ألحانه الخاصة فقدم أول أدواره يا فؤادي ليه تعشق من مقام عجم عشيران وتتابعت ادواره العشرة ياللى قوامك يعجبني (حجاز نكريز) – عواطفك دي اشهر من نار (نوا اثر) – عشقت حسنك (بسته نكار) – ضيعت مستقبل حياتي (قار جعار) – الحبيب للهجر مايل (راست) – يوم تركت الحب (هزام ) – في شرع مين (زنجران) - انا عشقت (حجاز كار) – والدور الاخير انا هويت وانتهيت (حجاز كار كرد) كما ظهرت أغانيه القصيرة السريعة إلى الوجود وغناها بنفسه كما رددها غيره من اهل الطرب وبدأ نجمه يعلو فى المدينة عندما سمعه الشيخ سلامة حجازي أثنى عليه وعلى الفورعرض عليه العمل بفرقته بالقاهرة فقبل الشيخ السيد درويش الغناء بين الفصول وهو تقليد معروف في ذلك الوقت لطول الزمن بين الفقرات لكنه تلقى استقبالا فاترا من الجمهور الذي تعود صوت سلامة حجازي ، وأصيب الشيخ سلامة نفسه بصدمة جعلته يخرج إلى الجمهور ليقدم سيد درويش قائلا : ” هذا الفنان هو عبقري المستقبل لكن الشيخ السيد أصيب بإحباط كبير جعله يعود إلى مدينته في اليوم التالي ، 1917 طلب منه التلحين ولفرقة أبيض ولرواية كاملة هي ( فيــروز شاه ) كانت فيروز شاه تجربة خاصة من جورج أبيض الذي اعتاد المسرح الجاد وقرر أن يخفف شيئا من مادته فى هذا العرض كى يجتذب جمهورا أكبر مثل ذلك الذى يرتاد المسرح الكوميدي ، ولم تنجح تجربته لكن الجمهور جذبه شيء جديد هو طبيعة واخلاص ألحان السيد درويش ، لقد تركت انطباعا بأن فنا جديد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram