اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > سيد درويش مؤسس المدرسة القومية في الموسيقى العربية

سيد درويش مؤسس المدرسة القومية في الموسيقى العربية

نشر في: 12 مارس, 2010: 06:55 م

عبد الوهاب الشيخلييميل المؤرخون الى تقسيم ما أنقضى من سنين من القرن العشرين الى عصر ما قبل سيد درويش وما بعد سيد درويش، أي ما قبل القمة وما بعد القمة في تاريخ الموسيقى العربية الحديثة. وسيد درويش قمة من قمم التاريخ الموسيقي العربي سواء قيس بمقياس زمنه أو بمقياس السنين
 التي نعيشها الآن سواء في ذلك اعماله الغنائية الفردية ام الجماعية أم المسرحية وليس هناك شك في أن سيد درويش لو عاش لتحقق للموسيقى العربية الكثير مما فاتها بعد وفاته. الشيخ سيد درويش وسيد درويش "شيخ" وقد احتفظ بلقب "الشيخ" حتى بعد أن صار أفندياً مطربشاً لا شيخاً معمماً وهو شيخ الملحنين المعاصرين له والتابعين دان له الجميع بالأستاذية في حياته وبعد موته وطبع الملحنين من بعده بخصائص لم يعهدوها في الغناء العربي وعاش بعضهم على ألحان الشيخ ينسبها لنفسه وتكاد الحقيقة تضيع لولا أن سيد درويش الشيخ الذي لم يكن يقرأ الموسيقى ويكتبها، كان يؤمن إيماناً راسخاً بأن التدوين هو الطريق الوحيد لحفظ فنه من الضياع والتزييف فلجأ الى أهل الدراية بالتدوين الموسيقي يستعين بهم على إيصال تراثه إلينا من دون تشويه أو نزييف. ويدين سيد درويش للقرآن الكريم بدين كبير وكان لتربيته الدينية أثر واضح باق في فن الشيخ، لقد كان الغناء عند الشيخ سيد يخضع خضوعاً تلقائياً لما تعلممه الفتى صغيراً من أصول قراءة القرآن فاستقام نطقه ووضحت حروفه وتلازم الحرف واللفظ واللحن فكان سيد درويش أول ملحن عربي خرج من المحيط الضيق الذي كان يدور فيه من قبل، حيث كان اللحن لحن الحرف أو الكلمة وليس لحن المعنى. وحمى القرآن الكريم إذن سيد درويش من أعجمية الموسيقى التي بدأت تغزو مصر في الكاباريهات والصالات التي انتشرت في الإسكندرية، حيث ولد والأزبكية وعماد الدين، حيث أنتهى به مطاف العمل فكان سيد درويش حريصاً كل الحرص على عربية ألحانه وأصالة انفعالاته. الحروف التسعة ان الدارس لفن سيد درويش والمتتبع لمقدار العناية التي كان يضفيها الشيخ على معاني الكلمات وهذه متصلة بطبيعة حروف اللغة ليجد عجباً وسوف يزداد عجباً حينما يدرك أن مدارس الغناء الثلاث في أوروبا لا يمكن ان تؤدي بها تسعة من حروف اللغة العربية، وهذه الحروف هي: ح-ص-ض-ط-ع-غ-ق- وهمزة القطع كما في مساء ووفاء. أن الاتجاه الى خارج حدود اللغة العربية يفسد الغناء وترجع عبقرية سيد درويش فيما ترجع الى محافظته على لغتنا سليمة ليس بها على يديه تشويه أو تجريح، ألا فليسمع الملحنون! ولعل أكبر مؤثر في فن سيد درويش كان تلك المرحلة من حياته حين ضاقت به سبل العيش فاحترف فيما احترف طلاء الجدران والمنازل، لقد نزل سيد درويش الى الشارع يعمل ويختلط بأهل الشارع من أصحاب الحرف وأهل الطوائف، فاختلط بالعربجية والشيالين والسقايين والجرسونات ولم ينس هذه الطوائف عندما صار الفن حرفته فانسابت من روحه ألحان العربجية والبرابرة والصعايدة وغيرهم من الطوائف التي عاش بينها. لقد شب الشيخ سيد في الشارع وعاش في الشارع ولحن في الشارع ولم يكن ربيب البيوت أو الباشاوات فكان إحساسه شعبياً وفنه شعبياً فقد كان من الشعب للشعب. أنا المصري وحينما كان سيد درويش يكتب الموسيقى الغنائية للتخت قبل أن يتجه اتجاهاً مسرحياً كان أول ملحن مصري لم يتقرب الى أهل الحكم في ذلك العهد، ولذلك خلت موشحاته من الألفاظ التركية الغريبة التي كانت تحشر في الغناء العربي حشراً مثل أمان.. يالللي.. تراللم لم.. جانم دوس.. أفندم، ولهذه الألفاظ قصة وحشرها في الغناء العربي مأساة، فقد كان ولاة مصر وحكامها من الأتراك أو المماليك أو المنتسبين إليهم بالحق أو بالزور وكانت صنعة الغناء زمان صنعة لا ينظر إليها المجتمع بعين الرضى فكان كل مغن يحتمي بقصر أحد أصحاب الجاه والسلطان وحضرته تركي لا يفهم العربية ولا يحبها أو يحترمها، فكل من يتكلمها فلاح خرسيس، ولذلك كان المغني يحاول ان يتقرب الى ولي النعم وحامي الفن الباشا التركي او المملوك فيغني له أمان يالللي.. أفندم! ولكن سيد درويش كان أبن بلد من الإسكندرية وكان شيخاً يدين بالعربية ولذلك كانت كل ألحانه مصرية صميمة لا يتطرق الى مصريتها شك، ألا فليسمع الملحنون مرة أخرى. من التخت الى الأوركسترا ويعتبر سيد درويش بحق أول من آمن بأن الأوركسترا يفضل التخت في التعبير الموسيقي، وذلك عندما أتجه الى الموسيقى المسرحية وأقام أسس المسرح الغنائي الحقيقي الذي شهد له بدايات على يد بعض من سبقوه من الملحنين مثل سلامة حجازي، ولكن الاتجاه الى الأوركسترا لم يجعل سيد درويش كافراً بالتخت ولم يبعده عنه، فقد لحن لتخت موشحات متعددة وأدواراً عشرة وطقاطيق لا حصر لعددها والمنولوجات والأناشيد، وليس من المألوف أن يكون إنتاج أي فنان كله إنتاجاً ناجحاً، ولكن الغريب في أدوار سيد درويش العشرة انها كلها على درجة عالية جداً من الأصالة في التركيب وحلاوة النغم وصدق التعبير. - أنا عشقت - ضيعت مستقبل حياتي - أنا هويت - الحبيب للهجر مايل - عشقت حسنك - يالي قوامك يعجبني - يا فؤادي - في شرع مين - عواطفك - يوم تركت الحب كل دور من هذه الأدوار تحفة ولكننا لا نستمع إلا الى القليل منها.. لماذا؟ لا أدري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram