عبدالله السكوتي من الاعتقادات القديمة لدى العراقيين والتي كانت سائدة بيننا والى ايامنا القريبة ، ان القمر اذا خسف سببه ابتلاع الحوت له ، حيث يحصل الخسوف فيزول النور ويحل مكانه الظلام الدامس ليلف الدنيا بأسرها ، فاذا حصل ذلك سارع ابو الطبل للظهور في الشارع
وهو حامل طبله يضرب عليه فيتجمهر خلفه الناس صغارا وكبارا، ويتكاثرون يحملون الاواني المعدنية البيتية يطرقون عليها وهم يتصايحون بأصوات عالية ، ينادون الحوتة لإخافتها حتى تترك القمر ويغنون:ياحوته يامنحوته هدّي كمرنه العاليهذا كمرنه انريده هوه علينه غالي وان جان متهدينه ادكلج ابصينيه ويستمرون حتى يظهر القمر شيئا فشيئا حيث تتركه الحوتة ، حينذاك تنطلق الزغاريد وتقام الافراح لنجاة القمر والنساء تنادي: (ياقريب الفرج ياعالي بليه درج عبدك ابشده ويطلب منك الفرج).لانزعم ان اي حوت مهما كبر قادر على ابتلاع قمرنا ، لكن الكتل السياسية ماتزال في اخذ ورد ، البعض يريد المركز الاول وينادي ان كتلته هي الفائزة ، والبعض الاخر يطالب بالرئاسات الثلاث فيما رشحت كتل اخرى اكثر من رئيس وزراء ؛ جزء آخر من العراقيين الذين امتلكوا ناصية كل شيء ويتكلمون بثقة عالية، ينادون بتجريد العراقيين من عراقيتهم ويطالبونهم بعدم الترشيح لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والنواب، فهل هذا يعني اننا سنمسك الاواني لنقهر (الحوتة ) التي تنادي بوحدة العرب المستحيلة وتترك وحدة العراقيين؟ الخسوف قريب وسنخرج صغارا وكبارا نطرق الاواني المعدنية لنقهر (الحوتة) ولاندعها تبتلع قمرنا العالي ، ونحن نقول لها ان تهدئ من روعها فليست المسائل شخصية وعلينا تطبيق الشعارات التي ننادي بها ، كي لانعطي للاخرين حجة لاختراقنا امنيا من جديد ، فالقاعدة تتربص والجماعات المسلحة معها ، تبحث عن الفراغ الامني وعن تناحرات الكتل السياسية ، لتمتلك المبررات الكافية لاعادة جرائمها ثانية.كلنا يعرف معنى الحب والذي يحب شعبه مسؤولا يجب ان يحبه مواطنا عاديا ايضا، اما التهديد والوعيد والتصريحات السابقة لاوانها، فهذا امر غريب يحتاج الى وقفة جادة ؛ لم تيأس بعض الدول حتى عندما اقر قانون الانتخابات بعد نقضه، وقد راهنت على افشاله ، ومن ثم حاولت ان تغري البعض بالاموال كي تستطيع ثني العراقيين عن التصويت ، لكن الاجماع العراقي بجميع المكونات اذهل العالم ليصبح انموذجا فريدا للدول المحيطة ، لقد سرنا على النار وبلغنا صناديق الاقتراع ووضعنا اصواتنا بنزاهة وحرية ، دون اية ضغوط تذكر ؛ اقترعنا على عودة القمر للظهور ثانية وظهر ليملأ الارض نورا واصابع بنفسجية ويزيح الظلمة الكالحة ، ومعه عاد المجندون ليبثوا سمومهم وهذه المرة يحاولون العزف على وتر مختلف حين شاخ واضمحل وذهب وتر: هذا عراقي وذاك عربي عراقي وهذا...! ولا اريد ان اسمي الاشياء بمسمياتها الضيقة ، فمن يمتلك حق تجريد الاخرين من وطنيتهم مع العلم ان المتهمين باللاعراقية هم العراقيون وهم من حمل جور الانظمة المستبدة وتسابقوا للنيل من كراسي الطغاة حتى صاروا هدفا لاطلاقاتهم المجرمة المدفوعة الثمن بالقوة من اهل الضحايا ؛ من حمل البندقية وراح يقاوم الظلم وافترش الارض وبرودة اشجار الصنوبر الجبلية ، ومن عاش منعما يفترش الغرف الدافئة ويضع النياشين والانواط على صدره؟ اتركوا قمرنا العالي لانه سيقف في بلعوم من يحاول ابتلاعه ؛ فالعراق حصة اهله ولاتتعبوا انفسكم بالنيل من رموزه الحقيقيين ولا اجمل من قول الشاعر في هذا المعنى:وكنت شريك الذئب في اكل شاته/ وان وثب الراعي وثبت مع الراعي
هواء فـي شبك: (ياحوته يامنحوته)
نشر في: 12 مارس, 2010: 10:02 م