علي حسن الفوازثمة الكثير من الأسئلة التي بدأت تتصدر المشغل السياسي الداخلي والخارجي في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية، من منطلق ان نتائج هذه الانتخابات تعكس طبائع التوجهات التي تترسم المشهد السياسي الجديد، فضلا عن ما تحمله هذه النتائج من عواصف قد تغيّر الكثير من حسابات الأجندات العربية
وسياساتها التي تتعاطى بها عبر أقنعة ومجازات سياسية والتي تناور بها عادة تحت خطابات قابلة للفضح، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضايا الامن القومي والعلاقات العربية العربية، وموقف الدول العربية من الصراع العربي الإسرائيلي، والملف النووي الإيراني، والوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج.الاسئلة العراقية المثارة في مرحلة ما بعد 7/3/2010 هي ليست ذات الأسئلة قبل هذا التاريخ، اذ ان معطيات هذه النتائج حملت معها مؤشرات صادمة للكثير من نمطيات العقل السياسي العربي، خاصة في منظوره الطائفي، ومنظوره القومي الموهوم باسترجاعات لم تعد واقعية، فضلا عن منظوره لتوقعات استشرفها من خلال التدخل في صناعة بعض البرامج السياسية للقوى المشاركة في الانتخابات، ودعم القوى الرافضة للعملية السياسية تحت مسميات غائمة للجهاد ورفض الوجود الأميركي. ولعل من أول هذه الأسئلة يرتبط بما عالق بالبحث عن هوية النظام السياسي الجديد على وفق المعايير السائدة في السستم السياسي العربي؟ والثاني يتعلق بإمكانية قبول الحالة العراقية كما هي دون تدخل او وصايا، والبحث عن إمكانيات واقعية لاعادة اندماج الوضع السياسي العراقي داخل فضاءات السياسات العربية المؤسسة على القليل من الوقائع والكثير من الأوهام؟ والثالث ما يتعلق باستقراء الخاصية العراقية وطبيعة مكوناتها الانثية المعقدة والتي صارت جزءا من الصناعة السياسية العراقية وليست بعيدة عنها كما كانت خلال الحكم السياسي السابق؟ والخامس ما يتعلق بمستقبل الدولة العراقية، هل هي دولة دينية؟ ام هي دولة علمانية؟ ام هي دولة لها سياسات جديدة لها حسابات وطنية؟ وهل ان مفهوم الدولة الدينية خاضع لتوصيف ما هو تقليدي وطائفي في العقل السياسي العربي؟ وهل ان مفهوم الدولة العلمانية يرتبط بالضرورة بإعادة إنتاج نموذج الدولة الذي يشبه النظام السابق، على افتراض ان العلمانية المفترضة هي مرجعية للدولة القومية بمهيمناتها التي كثيرا ما غب تحت شعاراتها الكثير من خصوصيات الشعب العراقي؟هذه الأسئلة وغيرها باتت الآن على طاولات العديد من المعنيين بمعطيات الواقع السياسي والأمني العربي والإقليمي، اذ ان ما تحقق من نتائج مثيرة للانتخابات العراقية، أضحى مدعاة لإعادة قراءة الملفات العراقية، ليس بحساب البحث عن تغيير قسري لهذا الواقع الذي تحول معطاً وطنياً وشعبياً وليس نخبويا قابلا للتغاير حسب المزاج السياسي للسلطة، بقدر ما هو البحث عن معطيات للحوار وفتح نافذة للتلاقي على أساس احترام خيارات العراقيين، لان العودة الى المربع الأمني يعني إبقاء سياسة النوافذ المغلقة، وإثارة المزيد من الشكوك حول حقيقة الأمن القومي العربي، والعلاقات العربية العربية، والبحث عن مشتركات للحديث عن سياسات تكامل اقتصادي وثقافي بعيدا عن الحساسيات الطائفية التي لا تنتمي الى مفهوم الدولة قدر ارتباطها بمفهوم اللادولة، خاصة وان العراق يمثل افقا اقتصاديا هائلا للتكامل الاقتصادي وللاستثمار الذي يمكن ان يعطي للمنطقة بعدا جديدا خارج منظور سياسة الأزمة الدائمة التي ترك اثرها النظام السابق على جغرافيا المنطقة سياسيا واقتصاديا وامنيا، والتي أسهمت في صناعة دول للازمة والحرب المحتملة والتعسكر غير المنضبط والصراعات الدائمة لدول المنطقة عبر أنهاك اقتصادياتها بالاستعداد لحرب لن تحدث، او حرب تجر ويلاتها على منطقة تعد صاحبة المخزون الأول للثروات النفطية في العالم.. بالامس القريب انتهت الفاعلية الانتخابية الكبيرة في العراق، وانكشفت الفضاءات العراقية على واقع جديد لا يمكن التغافل عن معطياته السياسية والاجتماعية، ولا حتى تجاوز ما يمكن ان يتركه من اثر على مستقبل المشروع السياسي العراقي، وعلى طبيعة هوية الدولة العراقية وعلى علاقات هذه الدولة مع محيطها العربي والاقليمي والدولي. اذ ان المعطيات الاولى للانتخابات اشرّت بدون لبس الحقائق المقترنة بخيارات الجمهور العراقي برغم كل التدخلات والضغوط التي حاولت ان تخلط اوراق الواقع العراقي، فضلا عن الإشارة الى طبيعة ما يفهم الشارع العراقي الشعارات السياسية التي تطرحها القوى السياسية المشاركة بالعملية السياسية، والقوى التي تهدد باسقاط هذه العملية السياسية، ناهيك عن الموقف غير المتوازن للدول المحيطة بالعراق، فالقوى الاولى اضحت امام امتحان عسير بسبب لا واقعية الكثير من الشعارات التي ترفعها، وسعيها الى تنميط المشروع السياسي تحت مسميات وموجهات معينة، وتحت طروحات تلامس تراجيديا الحياة العراقية التي لم تكن وليدة اليوم بقدر ما هي جزء من ازمة مركبة يختلط فيها التاريخ مع اشكاليات الظاهرة السياسية العراقية وازمة الدولة الجديدة، واحسب ان حلول هذه الأزمة لا تكمن في سياسات التشتيت واسقاط الاوراق السياسية وانما ترتبط أساساً بوعي مسؤوليات المشروع السياسي، وتكامل الأهداف بعيدا عن اصطيا
الكثير من الأسئلة، الكثير من الطرق، الكثير من الأحلام
نشر في: 13 مارس, 2010: 04:24 م