اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > كاتب السر وحكايته في بغداد

كاتب السر وحكايته في بغداد

نشر في: 14 مارس, 2010: 04:48 م

جعفر الخياط فقد كانت حركته تجاههم منافية للسياسية التي كانت تسير عليها الدولة العثمانية مع العشائر العثمانية مع العشائر الكردية في تلك الايام ، حيث انها كانت تؤمن بمداراة هذه العشائر وعدم الضغط عليها خوفاً من ان تؤدي الشدة والعنف الى الارتماء في احضان الايرانيين الذين كانوا يرمقون الحدود العراقية بأعين الشراهة والطمع ويتحينون الفرص للاستفادة من كل مايحدث او يقع فيها او بالقرب منها .
وبدلاً من من ان تبادر الجهات المسؤولة في الباب العالي الى انتقاء رجل يعتمد عليه في في تمشية شؤون العراق المضطربة ومعالجة الامور فيه بمفاهيم الدراية والتعقل ، وقع اختيارها على رجل بعيد كل البعد عن هذه الصفات . فقد صدر الفرمان الهمايوني في دار السعادة بتعيين مصطفى نوري باشا والياً في بغداد، ومشيراً لقيادة الجيش الامبراطوري في العراق والحجاز .وكان هذا الوالي بمقتضى نشأته وتدرجه في الوظائف امياً لا يحسن القراءة والكتابة ,ولا يستطيع حتى كتابة اسمه الكريم ، ومع هذا فقد كان يسمى " كاتب السر " لانه كان قد شغل في يوم من الايام وظيفة بهذا العنوان حينما كان ينتمي الى ادارة الخزينة السلطانية . فقد كان ابوه حسن اغا رجلاً من بسطاء الناس في قنديللي ، وشاءت الظروف ان يفقد ابويه منذ نعومه اظفاره فيصبح يتيماً في هذه الدنيا الصاخبة . غير ان زوج جدته الذي كان حارساً في احد القصور الملكية ، اضطر ان يتكفله ويرعاه ويغدق في عطفه عليه . فتوسط له بان يستخدم في احدى مأموريات البلاط الداخلي ، وهناك دخل في دائرة الخزينة السلطانية ونشأ فيها ، ثم تدرج في الوظائف من بعد ذلك حتى اصبح كاتباً للسر مدة من الزمن بحيث اصبح يلقب بعنوان هذه الوظيفية مدى الحياة .وتولى بعد هذا مناصب مختلفة و ولايات عدة حتى اختير لولاية بغداد الكبيرة و فيلقها العسكري للجييش في الخامس والعشرين من ايلول سنة 1895 .وقد عرفت مدة حكم " كاتب السر " او الباشا الامي في بغداد ، وهي لا تتجاوز الاحد عشر شهراً من الزمن ، بامور مهمة ثلاثة . فقد اهتم اهتماماً خاصاً بتنفيذ سياسية في عدم تعيين العراقيين في الوظائف التابعة لدوائرها ودواوينها على قدر الامكان ولعل هذه ا لخطة كانت قد وضعت على اثر استئثار المماليك في الحكم واستقلالهم عن الباب العالي في جميع الاشياء عدا الشكليات ، خلال مدة طويلة من الزمن .اضف الى ذلك انه سلم مقادير الامور الى دفتر داره مخلص باشا ، وانقاد له تمام الانقياد في شؤون العشائر على الاخص ، لذلك ارتكب كثيرا من الاغلاط الفاحشة واساء التصرف في تعامله معهم . فقد نقض جميع ماكان قد اتخذه الوالي الاسبق محمد رشيد باشا من ترتيبات تجاه المنتفك ، ونقل مقر الجيش هناك من سوق الشيوخ  الى مكان اخر بحجة وخامة المكان وعفونة الهواء فيه . وبذلك شجع شيوخ تلك الجهات الى تحدي الحكومة ودفع الضرائب لها . ثم استفز قبائل البو محمد في العمارة وضغط عليها من دون مبرر ، فأدى ذلك الى عصيان رئيسها فيصل الخليفة واعلانه الثورة على الحكومة . وقد شجع فيصلاً الخليفة على هذا العمل واتصاله بالايرانيين القريبين من حدوده ومساعدتهم له بالمدافع والسلاح .ولم يجد مصطفى نوري باشا بداً من تجريد حملة قوية من الجيش النظامي والهايتة ، بقيادة  محمد باشا الدياربكري ، لتأديب البو محمد والتنكيل بهم كالعادة . وحينما سار اليهم بجشيه ومدافعه وجدهم متجمعين في موقع اتصال دجلة باكحلاء . فوجه نيران مدافعه الحامية على جموعهم الغفيرة هناك حتى فرقهم وشتت شملهم ، وعند ذلك تمكن من انزال قواته في مكانهم الاستراتيجي الذي اسس فيه معسكره الثابت و مقره الدائم . ومن ذلك الحين اصبح يطلق على المنطقة " الاوردي " اي المعسكر ، وهي المنطقة التي انشئت فيها بلد العمارة بعد ذلك . وقد اضطر فيصل الخليفة في اثر هذا الفرار مع قبائله الثائرة ومحاربيه الى قلب الاهوار والاعتصام في مكان يدعى " الزير " غير ان القوات الحكومية تعقبته الى مأمنه هناك وحاصرته في قلعته الحصينة الكائنة  في اهوار الجحلة . وبعد ايام تغلبت عليه واستولت على غنائم كثيرة جاءت بها الى بغداد ، ومن جملتها المدافع الايرانية التي كانت في حوزته .على ان اهم ما يروى عن ايام مصطفى نوري باشا تفشي الرشوة والفساد في دوائر الولاية ، وتطرف الباشا نفسه والمتصلين به من موظفي الولاية الكبار والصغار في اختلاس الاموال والتذرع بمختلف الوسائل للحصول عليها  في كل فرصة او مناسبة . فقد اتخذ قرارا خاصا لنفسه يتقاضى من خزانة الولاية بموجبه مبلغاً سنوياً من المال يبلغ حوالي الفي كيس بحجة تلافي مصاريف السفر والتجوال علاوة على الراتب الشهري المعروف .وبذلك اضر مالية الدولة خلال مدة حكمه القصيرة بمبلغ يقارب الثلاثين الف كيس على راي بعض المؤرخين .واطلق يد كهيته وصهره محمد باشا الميرميران في الرشوة . والتفريط في اموال الدولة ، بحيث صار الكبير والصغير في الولاية يتحدث عنه ويطلع على كونه واسطة الرشوة للباشا الوالي نفسه .وقد كان من المعرووف عنه في هذا الشأن انه كان لا يتورع عن اخذ كل شي يستطيع اخذه ، او وضع اليد عليه ، من المجيدي الفضة الى مئات الاكياس من الدراهم كما يروى في احد المراجع ، وبذلك اصبح قدوة لسائر الموظفين في الرشوة والاختلاس ، ولم يكن من ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram